الأنباط -
الفرق بيننا كعرب وبينهم كغرب نقطة؛ وهذه النقطة تعمل العجب العُجاب؛ ومفارقات الإنتخابات سواء نيابية أو غيرها عجيبة غريبة؛ وديمقراطيتنا وديمقراطيتهم في زمن كورونا تتباين حتى النخاع؛ فالبرامجية عنوانهم بيد أننا ما زلنا نتقوقع في مربع الإصطفافات العشائرية أو المناطقية أو حتى الفردية؛ والفزعوية عنوان إنتخاباتنا بيد أن الحزبية والبرامجية ومؤشرات الأداء عنوان إنتخاباتهم؛ والمساءلة والتواصل بين المنتخبين والناخبين أساس تعاملهم بيد أن تغيير أرقام الهواتف والسكن أول فعاليات مُنتخَبينا؛ والقائمة تطول كنتيجة لهذه النقطة التي فيها من المعاني الكثير الكثير:
١. الإنتخابات عند الغرب مُمأسسة وفق برامجية حزبية وطروحات وخريطة طريق واضحة مستمرة ومرنة يُبنى عليها ولا تتغير بتغير الشخوص؛ بيد أنها عند العرب تعتمد على الشخوص وتبدأ من المربع الأول في كل موسم إنتخابي؛ وبالتالي فإن المسيرة الديمقراطية تعتمد على كفاءة المُنتخبين لا برامجية أحزابهم.
٢. الدعاية الإنتخابية عند العرب شعارات برّاقة دونما مرجعيات برامجية وغير قابلة للتطبيق إلا من رحم ربي؛ بيد أنها عند الغرب تستند لبرامج حزبية فيها المبادىء والسياسات والخطط التنفيذية ومؤشرات الأداء وغيرها ويتم محاسبة المُنتخَبين ومساءلتهم على أداءهم بناء على ذلك وليس بناء على العواطف الجياشة أو صلك القربى أو الإجتماعيات البراقة.
٣. كفاءة المترشحين عند الغرب ليس على نظرية 'أبو العُرّيف' لكنهم يمتلكون مستشارين أكفّاء في المجالات المختلفة وتوفّرهم الدولة مقابل عدم منح الفائزين بالإنتخابات رواتب ليعملوا لوطنهم بالمجان؛ بيد أن العرب معظم مترشحيهم يفهمون بكل شيء دونما مستشارين مختصين لذلك لهم مخصصات مقابل عملهم.
٤. الإنتخابات عند الغرب تفرز حكومات برلمانية حزبية كنتيجة لإنتخابات مبنية على قواعد حزبية وبرامج؛ بيد أنها عند العرب جلّها فردية تعتمد على مهارات الشخوص لا برامجهم؛ ولذلك نرى النتائج تتكرر كل دورة إنتخابية من خلال الفزعويات والفردية التي لا تفرز الأفضل أو الأكفأ إلا ما ندر.
٥. الديمقراطية عند الغرب تقتضي إحترام نتيجة الإنتخابات أنّى كانت وبروح رياضية بحتة ناتجة عن تنافسية شريفة وبعدها ينطلق الجميع للعمل حبّاً للوطن؛ والديمقراطية عند العرب تعني أن الإنتخابات نزيهة وشفّافة عند الناجحين بيد أنّها مزوّرة عند مَنْ لم يحالفهم الحظ، وتعني أيضاً بقاء مؤازري المترشحين الذين لم يحافهم الحظ في الشارع للعبث بمقدرات الوطن وإشاعة الفوضى، وتعني أيضاً التحرّش والعراك مع المنافس الناجح ومؤازرية وعشيرته، وتعني أيضاً إغلاق الطرق بالإطارات حتى يحصل مرشّحوهم على "جوائز ترضية" أو "وعود" بمناصب مستقبلية!
٦. الإنتخابات عند الغرب نتائجها تطوير ونماء لنظام الدولة ومساهمة في جهد جمعي تراكمي مترادف لإستكمال مسيرة البناء؛ بيد أن معظمها عند العرب فردية أساسها التطلع لمكاسب شخصية وتنفيعات للفائزين؛ ما يؤشر لتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة عند كثير من المترشحين إلا من رحم ربي!
٧. الإنتخابات عند الغرب تعني إمتهان السياسة لطبقة أو فئة ممارسة للسياسية والمواطنين يدلون بأصواتهم بالصناديق وتنتهي مهمتهم هناك ليستلم الراية المترشحون الفائزون وتتم مساءلتهم من الناخبين على أداءهم وتبقى علاقتهم وتواصلهم دائم؛ بيد أن العرب جميعهم خبراء سياسة وإقتصاد وإجتماع ونزولهم للإنتخابات 'تأبط شراً' دونما خبرة أو دراية في الشؤون الإنتخابية أو الإقتصادية أو السياسية إلا من رحم ربي؛ وتنتهي علاقة المترشحين بقواعدهم الإنتخابية حال الفوز مع الأسف.
٨. القائمة تطول للفروقات بين إنتخابات وديمقراطية العرب والغرب؛ وربما الإبحار في قوانين الإنتخاب وممارساتها وفعالياتها يسلط الضوء أكثر على فروقات وتباينات جوهرية أكثر وأكثر.
بصراحة: نحن كعرب حقاً بحاجة لجرعات حقيقية من الديمقراطية لتنقلنا من ثقافة الديمقراطية لممارسة الديمقراطية، فالفروقات شاسعة بين الغرب والعرب في قضايا الإنتخابات والديمقراطية؛ فهلّا نتغيّر صوب ممارسات حقيقية للإنتخابات والعمل الحزبي والديمقراطية لينعكس ذلك على الأرض من خلال إصلاحات حقيقية تجدّر العملية الديمقراطية؛ فهلّا وصلنا إلى هذه الحالة!