الأنباط -
عقد ديوان المحاسبة ورشة عمل متخصصة بعنوان "القيمة المضافة لاستخدام المنهجيات المختلطة في تدقيق الأداء للتعليم المهني: التجربة الهولندية نموذجاً"، قدمها السيد إيخبرت يونغسما الخبير الدولي في تدقيق الأداء والتدقيق الاجتماعي من الجهاز الأعلى للرقابة في هولندا، وذلك بمشاركة واسعة من كوادر الديوان، سواء من خلال الحضور الوجاهي أو عبر تقنيات الاتصال المرئي.
وأكد رئيس ديوان المحاسبة، الدكتور راضي الحمادين، خلال افتتاحه للورشة، أهمية التعليم التقني والمهني بوصفه أحد المكونات الأساسية لمنظومة التعليم التي تهدف إلى تزويد سوق العمل بالمهارات الفنية والتطبيقية اللازمة. ويُعد التعليم التقني والمهني مساراً تعليمياً متخصصاً يركز على إعداد الطلبة وتأهيلهم مهنياً من خلال برامج عملية وتدريبية تغطي قطاعات عدة مثل التكنولوجيا والصحة والصناعة والخدمات. ويؤدي هذا المسار دوراً محورياً في الحد من البطالة عبر مواءمة مخرجات التعليم مع الاحتياجات الفعلية لبيئة العمل، وتحسين إنتاجية القوى العاملة وتعزيز التنافسية الاقتصادية.
وأشار الدكتور الحمادين إلى أن تحقيق تكافؤ الفرص في التعليم المهني يُعد عاملًاً أساسياً لضمان عدالة الوصول إلى البرامج التعليمية، ولتوجيه الموارد العامة نحو تحقيق أفضل مردود تنموي واقتصادي. وأكد أن تعزيز هذا المسار يرتبط ارتباطاً مباشراً بمبدأ القيمة مقابل المال الذي يشكل أحد المرتكزات الرئيسة للعمل الرقابي، خاصة في القطاعات التي تستهدف تطوير المهارات البشرية ورفع كفاءة الإنفاق.
وتضمنت الورشة عرضاً متخصصاً للتجربة الهولندية في تدقيق التعليم التقني والمهني، من خلال عرض حالة عملية، حيث أوضح الخبير يونغسما أن اعتماد المنهجيات المختلطة (Mixed Methods) يتيح جمع الأدلة من مصادر كمية ونوعية، بما يوفر تحليلاً متعمقاً لواقع التعليم المهني. وشمل العرض تحليل بيانات موسعة حول أكثر من 1.5 مليون طالب، إلى جانب إجراء مقابلات ميدانية مع 310 طالباً و 75 معلماً و20 جهة من مؤسسات التدريب التقني والمهني، إضافة إلى استخدام منهج رحلة الطالب التعليمية (Student Journey) لتقييم العوامل المؤثرة في تكافؤ الفرص عبر مراحل المسار التعليمي.
وتم خلال الورشة استعراض كيفية ربط التحليل الإحصائي بالمعطيات الميدانية، وإشراك أصحاب المصلحة في مراحل التدقيق كافة، بما يشمل الطلبة والمعلمين ومجالس الإدارات ومؤسسات التدريب. كما تم تناول أثر التباينات داخل المؤسسات التعليمية نفسها في تشكيل نتائج الطلبة، وأهمية وجود معايير واضحة لتنفيذ السياسات التعليمية لضمان تحقيق مخرجات متوازنة بين مختلف المؤسسات.
وشهدت الفعالية نقاشاً فنياً موسعاً شارك فيه المدققون والمدققات من كوادر الديوان، ركز على آليات قياس تكافؤ الفرص، وأهمية تطوير مؤشرات رقابية قادرة على تقييم أثر السياسات التعليمية، وسبل تحسين جودة البيانات المستخدمة في تحليل الأداء. كما تمت مناقشة الدور الاستراتيجي للأجهزة العليا للرقابة في دعم السياسات الحكومية المتعلقة بتطوير التعليم المهني والرقابة على كفاءة الإنفاق.
وفي ختام الورشة، اكد الحمادين التزام الديوان بتطوير أدوات التدقيق المستندة إلى الأدلة، والتركيز على مهمات تدقيق الأداء، وتبني منهجيات تحليل متقدمة تعزز من قدرة الديوان على تقييم السياسات العامة، وبما يسهم في رفع كفاءة الموارد العامة ودعم مسار التنمية الوطنية، وخاصة في القطاعات المتعلقة بتعزيز رأس المال البشري وتحقيق فرص تعليمية متكافئة لكل فئات المجتمع.