البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

الصراع الفكري ...

الصراع الفكري
الأنباط -
إبراهيم ابو حويله ...

تتغير صور الهيمنة من القوي للضعيف، وتتعدل لتتناسب مع الوضع القائم، فمن صورة الإستعمار العسكري المعتمد على القوة والسيطرة المباشرة، إلى صور الهمينة السياسية والثقافية، ومن صور هذه الهيمنة خلق صراع فكري او ثقافي او طائفي بين عناصر المجتمع الواحد، لتسهل السيطرة عليه.

وإستغلاف فئة ضد فئة أخرى، فالعراق مثلا قبل الإستعمار لم يعرف فتنة سني شيعي، قال مالك "عندما يغادر الإستعمار يترك في الأذهان أفكاره ، وهنا تطفو على السطح مشكلة الأفكار والصراع الفكري، الذي تستغله الهيمنة الإستعمارية الغربية في فرض إرادتها وسيطرتها على الأخر، وهنا نرى أن الأخر ليس المسلمين فقط، وإنما مجتمعات واعراق تتعدد اصولها ومنابتها، فأسيا بتلونها واجناسها، واوروبا الشرقية، ولذلك تتعدد صور الصراع، وهنا يقول مالك " الصراع لا يكون دائمًا بين "الحق والباطل"، بل غالبًا بين فكرتين زائفتين: واحدة مستوردة وواحدة متحجرة".

والفكرة الزائفة هنا قد تكون قومية او طائفية، وهي تظهر مقاومة للهيمنة من جهة، ولكنها في الحقيقة تخدم هذه الهيمنة، مثل الطوائف والقوميات، فليس من المصلحة ان ينقسم المسلمون إلى سنة وشيعة، او عرب وأكراد وامازيغ، وهكذا ندخل في صراع بين منظومات قيمية وثقافية، بدل ان كانت هذه مجرد جدال بين آراء مختلفة.

وهذه المشكلات غالبا ما تدار وتفعل من قبل مراكز الهيمنة الغربية، ولذلك تسعى هذه المراكز لزرع افكار جديدة مضللة فتشعل صراعا بين القيم والدين، وبين فئة تتبنى طروحات الغرب وتسعى لفرضها واخرى ترفضها، او تسعى لتفعيل النقاط الساخنة بين الدين والعلم، او الدين والأسرة والحرية الشخصية.

او تفرض لغات اجنبية بحيث تفصل فئات معينة عن مجتمعها وثقافتها ودينها، وهنا يصبح التجديد والحداثة فكر غربي، والتقاليد والعادات والاخلاق دين وتخلف، وهنا دخلنا في فوضى فكرية واجتماعية وانسانية، واصبح للهيمنة الغربية يد محركة قادرة على التأثير على فئات، او احداث صراعات وانقسامات بين المجتمع الواحد، وعند الإنتباه لهذه الحركات التي تقوم بها الهيمنة الغربية تجد ان أساساتها متقاربة، ومن السهل تنميطها كما يقول المسيري وفهمها، فهي تتقارب في الأفكار الأساسية والرؤى، ولكن تختلف في لغة الخطاب والطرق.

وهنا وحسب ما رشح من الوثائق المصرح بها من الحكومة الأمريكية، كان للأمريكان يد في تأسيس داعش والحركات الإسلامية الجهادية، ويبدو هذا جليا من اثار ونتائج هذه الجماعات، فهي كانت تخدم الهيمنة الغربية بصورة او اخرى، وهكذا تسعى الهيمنة الغربية إلى تشويه النخب الإسلامية والفكر الإسلامي بشكل عام، عبر زرع هذه الجماعات المتطرفة، التي تسعى لتشويه دين الأمة واخلاقها، وضرب مكوناتها بعضهم ببعض، وهنا تواجه الأفكار التي تسعى لمقاومة الهيمنة الإستعمارية الغربية قوى مقاومة محلية، بسبب وجود هذه الجماعات، والتشويه الفكرى المتعمد لدين الأمة.

وهنا وكما يقول مالك بأن المعركة الحقيقية ليست مع الهيمنة الغربية، ولكن مع قوى الجهل والغفلة المحلية التي تعزز هذه الهيمنة، وهكذا تدخل النخب في العالم الإسلامي في معارك جانبية، وتتداخل الأفكار والعقائد بين المشوهة والمستغل والسليم، وندخل في حالة من الضبابية، تؤثر على الفهم العام لحالات الصراع في هذه المجتمعات، وبيد محلية وبهيمنة غربية، ولذلك لا بد من حركة وعي عام تنبع من التراث الإسلامي النقي، تسعى لمخاطبة المتعاطفين دينيا والمجتمع المحلي بشكل عام في المجتمعات العربية، لتوضيح صورة الصراع بين الزائف والأصيل واثره على الهيمنة، وكيف ان من الممكن ان يكون الإنسان سلاح في يد أعدائه.

يرى مالك بن نبي أن الصراع الفكري لا يُترك عشوائيًا في البلاد المستعمَرة، بل يُوجَّه عن قصد من قبل المستعمر ليُستخدم كأداة لإضعاف الأمة، ولمنع تشكّل وعي حضاري أصيل. وهذا يشتت طاقة الأمة ويبعدها عن فكرة النهضة. وهنا نجد ان هناك تضخيم لقضايا جانبية، اللباس والمصطلحات واللغة والصراعات المذهبية، وتغرق النخب في ثقافة الثرثرة، فلدينا الكثير من المثقفين بلا مشاريع حقيقة للنهضة، ولكن بالكثير من الكلام، كما يقول مالك، بينما تبقى القضايا الجوهرية مثل التعليم، العمل، والقيم مهملة، علما بأن هذه هي التي تصنع الحضارة، وتصنع انسان الحضارة، وتشكل الفرق بين أمة متقدمة واخرى نائمة.

يعاني المثقف في العالم العربي من عقد نقص مختلفة، ولذلك يميل إلى تبني كل ما هو غربي بدون تمحيص وتنميط وتحقق، ونغرق في جزئيات لا تخدم الأمة، ولكن تسعى لإغراق الأمة، وهنا لدينا فكر ولدينا طروحات، ولكنها لا تخدم مشروعا متماسكا يسعى لبناء أمة، وحتى نخرج من هذه الحالة وهذا الصراع المحلي الزائف، لا بد من العودة إلى الفكرة الأصلية، وهي النبع الديني الصافي، وإنتاج أفكار مستقلة نابعة من الثقافة والتاريخ والدين، والتركيز على الوعي الكبير بأهداف الهيمنة الغربية وسبل مقاومتها وإضعافها.

شكرا مالك بن نبي على هذا الكتاب.


© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير