حسين الجغبير
كشف تقرير نشرته الزميلة صحيفة الغد ليوم أمس ارتفاع مديونية البلديات، طارحًا تساؤلاً حول مدى قدرتها على تنفيذِ مشاريعٍ تنمويَّة تخدم المواطنين ومناطقها، والقيام بأدوارها بشكلٍ عمليّ، يذكر التقرير أنَّ الحكومة لم تجد حلاً لهذه المعضلة حتى الآن.
الأرقام التي أوردها التقرير تقول أنَّ المديونية المترتبة على المواطنين كمستحقات على البلديات قُدرت بنحو 300 مليون دينار، و200 مليون دينار كديون أُخرى لصالحِ بنك تنمية المدن والقرى، وأن 75 % من موازنات البلديات تُخصص رواتب للموظفين.
ماذا يعني هذا؟ يعني أن البلديات ومنذ أعوام عديدة تقع في فخِ ارتفاعٍ متواصل في المديونيَّة نتيجةً لأسباب فاقت قدرتها في بعض الأحيان، وفي أحيانٍ أخرى كانت نتيجةً لسوءٍ في الإدارة، الأمر الذي يجب معه الوقوف مليًا عند الحالة التي وصلت إليها والتي تمنعها من ممارسة دورها، والأهداف المطلوبة منها.
وهذا لن يحدث ما لم يكُن هناك إجراءات حاسمة وعملية وعلمية لوقف الزيادة المضطردة في ارتفاع المديونية من جهة، ومن جهة أُخرى التصرف بالنفقات التشغيلية وخصوصًا الرواتب التي تأكل النسبة الأعظم من الموازنة، حيث لا بد من خفض المديونيَّة.
البلديات غير قادرة على القيام بدورها التنموي في المحافظات، وهي اليوم أجسام ضعيفة لا تقوى على تنفيذ الرؤى التي يتطلع إليها الأردنيون في المحافظات، وحتميَّة البحث عن مصادر ماليَّة جديدة تساهم في أن تضع البلديات على خارطةِ الطريق الأولى نحو الوصول إلى نقطة الصفر، فيما يتعلق بالمديونيَّة والإلتزامات، وبالتالي بالدور التنموي المطلوب، وتحديدًا بخصوص توفير الخدمات الأساسية وتطوير البنية التحتية، مما يسهم في تعزيز جودة حياة المواطنين وتحفيز الاستدامة الاقتصادية، والاجتماعية على المستوى المحلي.
البلديات لم ولن تتمكن من النهوض ما لم يكُن هناك نقاش وطني لتشخيص ما وصلت إليه، وأسبابه، وآلية المعالجة الحقيقية، عبر وضع استراتيجيات أبعد ما تكون عن النمطيَّة التي كانت توضع بها منذ عقود، والتي أدت الاستراتيجيات السابقة التي وضعت لعمل البلديات ونهضتها، وتطورها، إلى المرحلة التي وصلت إليها اليوم من مديونيّة مرتفعة وبطريقها إلى أكثر ارتفاعًا، ومن عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها، أو القيام بدورها.
لا شك أنَّ البلديات كانت تعتمد في ميزانيتها على المنح التي كانت تصب في صالح برامج عملها التنموي، وأن هذه المنح في تراجع كبير، إلّا أن ذلك لا يعني أن تترك البلديات تُصارع الموت دون إنقاذها.