الأنباط -
د. حسين البناء
طرح الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب) في ولايته الأولى (صفقة القرن) وحشد صهره (كوشنر) لتسويقها في المنطقة. لاقت تلك الصفقة موقفًا معارضًا من الأردن ومصر والفلسطينيين، الأمر الذي أحبط الصفقة آنذاك.
اتسمت تلك السنوات الأربع بجفاء أردني-أمريكي وتلويح بتأخير وتراجع المعونات المالية والعسكرية، وواجهت مصر ذات الأمر.
وكانت خطوات (الرئيس ترمب) بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ونقل السفارة إلى القدس كعاصمة اعترف بها لإسرائيل تجاوزًا لأبسط الخطوط الحمراء في مساعي السلام.
الولاية الثانية الحالية سبقها تصريحات إعلامية دعائية أكثر خطورة مما سبق؛ حيث انتهى الحديث عن صفقة القرن لينطلق مشروع جديد لتوسيع دولة إسرائيل التي يعتبرها صغيرة على الخريطة! قد يكون ذلك من باب الحشد الانتخابي للإنجيليكيين واليهود واللوبي المتصهين، غير أنه يؤشر على رؤية منفردة تتجاوز مبدأ الحق والميثاق الدولي.
المشروع الجديد والبديل لصفقة القرن هو ضم إسرائيل لغزة والضفة والجولان وإلغاء فكرة حل الدولتين. ولكن ذلك يتبعه تهجير واسع لضمان يهودية الدولة التي أصبحت قانونًا. التهجير يبدو أنه سيكون للأردن وسيناء، في رؤية مرفوضة رسميًا وشعبيًا من البلدين، الأردن ومصر!
سيناريو المواجهة:
السيناريو الأول: المراهنة على وقت سيمضي:
فترة الرئاسة ستمتد لأربع سنوات ولن تتكرر ثالثةً، فمن الممكن الأخذ والرد والتداول والرفض والتفاوض ولمدة أربع سنوات لكي تنتهي دون تحقيق شيء، لكن ذلك يتزامن مع ضغوط مالية واقتصادية وتأخير معونات عسكرية للأطراف المماطلة. تم تجربة هذا السيناريو ونجح في مواجهة صفقة القرن.
السيناريو الثاني: المراهنة على الردع الداخلي الأمريكي:
يبدو أن الرئيس القوي والمندفع، ترمب، سيواجه أجهزة الدولة العميقة لفرض نفسه كرئيس حقيقي يترأس السلطات التنفيذية ولا يتبع لها، وهذا الصراع قد يؤدي لعقبات قانونية ودستورية تجعل معركة ترمب داخلية، قد تنتهي بعزله أو تكرار محاولات اغتياله، فأجهزة الدولة الأمريكية ذات نفوذ تاريخي ليس من السهل تفتيته هكذا، مثل جهاز CIA, FBI, NSA
والكونغرس والبيت الأبيض والبنتاغون والمحفل الماسوني الأعظم.
السيناريو الثالث: المواجهة الدولية:
أمام رئاسة ترمب ملفات أكبر أهمية من الشرق الأوسط؛ فحرب أوكرانيا الطاحنة، والتفوق الصيني الاقتصادي والتقني، ومواجهة إيران وحلفائها، جميعًا ستكون جزء هام في جدول أعمال الرئاسة. من الممكن انشغال الرئيس بترتيب تلك الملفات بشكل يؤجل أو يخفف الدفع تجاه فرض حلول غير مقبولة بالمنطقة العربية.
السيناريو الرابع الأسوأ: المواجهة:
إذا ما ذهبت الإدارة المتصهينة اليمينية لأبعاد بالغة التطرف، ودعمت جميع رؤى إسرائيل للحل، ودفعت باتجاه ضغوط غير تقليدية لفرض المشروع الجديد، فإن الأردن تحديدًا سيكون أمام تجربة مستجدة غير مألوفة؛ فليس من المتوقع قبول حل القضية الفلسطينة على حساب الأردن، ولن يكون مقبولًا تهجير بضعة ملايين له. ههنا لا بد من النظر في حقيقة (الاتفاقية العسكرية الأردنية-الأمريكية) والشراكة الاستراتيجية كحلفاء، ومن المتوقع تقييم ذلك كله.
أما إذا ذهب الأمريكيون لمدى أكثر تطرفًا-وهذا غير متوقع- وقرروا فرض الرؤية المتصهينة لصالح إسرائيل وعلى حساب الأردن والفلسطينيين، فإن قائمة خيارات المواجهة ينبغي أن تكون حاضرة في الذهن كتطبيق لسيناريو المواجهة، وهنا قد يكون الاتصال مع الروس والصينيبن وإيران خيارًا مطروحًا في ظل حالة ضعف عربي، وحالة تبعية دولية، وتفكك إقليمي.
جميع السيناريوهات واقعية وممكنة ومطروحة، وينبغي التأهب للتعامل مع أي منها.
الفترة الرئاسية الأمريكية هذه ستكون مثيرة وتاريخية، وقد تضع العالم والمنطقة العربية على حافة الأزمة أو الحلول الكبرى.