يتفاقم تعلق البشر بالهواتف النقالة في العقود الأخيرة بشكل سريع ووصل مستويات فاقت حد التصور حتى أن البعض لا يستطيع مفارقة هاتفه الذكي النقال الذي يربطه بالآخرين وبالعالم ولا للحظة.
اللافت أن هذا التعلق بالهواتف الذكية بلغ حد الرغبة في أن ترافق الهواتف النقالة الذكية أصحابها حتى بعد الموت. حيث تنتشر الآن ظاهرة دفن الهواتف النقالة مع أصحابها في عدة مناطق في العالم وزادت بشكل ملحوظ.
وذكر مركز أبحاث مختبر المستقبل في لندن، أن عدد الأشخاص الذين يرتبون لدفن هواتفهم المحمولة معهم آخذ في الارتفاع، مشيرا إلى أنه " يبدو أن الجميع تحت سن الأربعين من الذين يموتون يأخذون هواتفهم المحمولة معهم".
"موضة" دفن الهواتف المحمولة مع أصحابها، بدأت من جنوب إفريقيا وكان أول شخص حمل هاتفه المحمول معه إلى القبر، من سكان كيب تاون. وهو رجل كان يؤمن بالقوى الخارقة وكان خائفا جدا أن يتم تنويمه بواسطة التعاويذ والسحر وأن يدفن بعد ذلك حيا، ولذلك طلب أن يدفن هاتفه معه حتى يتمكن بالاتصال وطلب النجدة، إذا ما استيقظ في ظلمة قبره.
وفي حين كان القدماء في بعض الحضارات يدفنون السيوف والرماح مع المقاتلين، وفي مصر القديمة دفن الفراعنة مع الكثير من الكنوز والمقتنيات وحتى الطعام، يبدو أن عصرنا سيعرف بطقوس دفن "الهواتف المحمولة".
ومع انتشار هذه "الموضة" ظهرت مؤسسات دفن متخصصة تعرض خدماتها على الراغبين، وشركات دفن ترتب كل شيء بدقة عصرية وتضع مع المتوفي ليس فقط هاتفه النقال بل عدة بطاريات احتياطية في النعش، وذلك لأن بطارية الهاتف المحمول تصاب بالعطب نتيجة الرطوبة في القبر!
ففي استراليا على سبيل المثال، يرغب الكثيرون في أن تدفن معهم الأشياء التي تمثل أسلوب حياتهم، مثل الهاتف والكمبيوتر المحمولين. والبعض من هؤلاء يرغب في أن يدفن مثل المشاهير مع المجوهرات الثمينة أيضا في استعادة للطقوس الجنائزية المصرية القديمة.
هذه الظاهرة تزدهر في إيرلندا البلد الذي يستعمل أكثر من 94 بالمئة من سكانها هواتف محمولة. لا أحد يعد أهله وأحبته بمكالمة من العالم الآخر، ولكن البعض ضمنيا يتحوط لمثل هذا الأمر المستحيل. وفي إيرلندا يوصي البعض بأن تدفن معه أيضا سجائره وأعواد الثقاب أو الدمى المحبوبة.
وتجري مثل هذه الطقوس في الولايات المتحدة. في ولاية ساوث كارولينا يضع أقارب المتوفي خفية في سترته قبل حرق الجثة، هاتفه المحمول. وهي ظاهرة انكشفت بعد سماع صوت فرقعة ناتجة عن انفجار بطاريات الهواتف المحمولة في المقبرة.