شكلت قمة جدة.. بمجرياتها وبيانها الختامي حالة
سياسية عربية مختلفة تكاد تكون لبنة جديدة لإحياء التضامن العربي نحو
مشروع عربي استراتيجي حقيقي يتجاوز النمطية السياسية العربية المعهودة منذ
اكثر من عقد من الزمان!
اتطلع هذه المرة بتفاؤل نحو جدية هذه
المساعي خاصة لما سبقها من ديناميكية لقاءات و التحالفات العربية عربية و و
عربية عالمية و اقليمية مع قوم سياسية ذات مصالح راسخة في المنطقة, ومما
لا شك فيه ان لقاء عمان و ما رافقه من تحرك سياسي و دبلوماسي اردني في
الاقليم وما تبعه من خطوات عسكرية لاثبات حسن النوايا قد أحدث توافقاً
باتجاه المضي خطوة مقابل خطوة نحو استعادة دور سوريا في المنطقة و حضورها
جدة.
ان أهمية ايجاد مشروع عربي استراتيجي يراعي المصالح العليا
السياسية والامنية والاقتصادية نحو استعادة دور هام من التنسيق والعمل
العربي المشترك الذي كان قد تلاشى منذ اكثر من نصف قرن بات ضرورة ملحة اكثر
من اي وقت مضى!
فهذه المرة يدرك العرب تماما أن العمل الجمعي
المطلوب من السعودية و الامارات والاردن ومصر والجزائر و المغرب و عمان و
من جميع الدول العربية بات أساس ضروري لخدمة التنمية المستدامة و المشروع
العربي الذي يمكنهم جميعا من عبور تحدياتهم السياسية و الاقتصادية و
الانسانية شعوباً و أنظمة سياسية، فالازمة الاقتصادية الخانقة في لبنان
وشغور المنصب الرئاسي من جهه و الازمة السودانية و الليبية و ما يجري في
اليمن كلها ملفات هامه
إن إعادة ترتيب أولويات البيت العربي يتطلب ادراك
اهمية وجود مشروع عربي تشاركي لربما تكون بدايته باعادة صياغة دور الجامعة
العربية على اعتبارها لبنة اساس مشروع عربي استراتيجي له بعد سياسي و امني
و انساني حقيقي هذا الامر يتطلب ان يكون للجامعة قرار سياسي و عسكري نافذ
ينعكس على استقرار و أمن الدول العربية و شعوبها و مصالحهم الانسانية
والاقتصادية و يفضي الى مستقبل أفضل للاجيال القادمة.
لن يكون هذا
المشروع العربي بمعزل عن القوى العالمية والاقليمية ومصالحها الاستراتيجية
في المنطقة او بمعزل عما يجري في العالم فالتفاهمات المبنية على المصالح
الاستراتيجية سواء اكانت على الصعيد السياسي او الاقتصادي او الانساني هي
حاجات سياسية اساسية لانجاح هذا المشروع اخذا معطيات مصالحها السياسية
والامنية و الاقتصادية والانسانية أولوية لطي صراع النفوذ وبسط مرحلة جديدة
عنوانها مشروعات تفاهمات استراتيجية في اقليم تحدياته مستمرة.
فعلى
سبيل المثال لا الحصر و بما يتعلق بشأن استعادة سوريا لوضعها بين الدول
العربية بما في ذلك طبيعة و مصير تحالفاتها او ما تواجه من عقوبات كقانون
قيصر فلا بد ان يكون لجامعة الدول باعتبارها مظلة للمشروع العربي دور سياسي
حقيقي لرفع او التخفيف من هذا القانون للمضي خطوة مقابل خطوة من اجل فتح
قنوات التعاون السياسي و الامني و الاقتصادي والانساني بايجاد حل لمشكلة
اللاجئين والنازحين السوريين و اعادة الاعمار من جهة و حل جذري لآفة تصنيع و
سلاسل توزيع المخدرات من جهة اخرى و اذا ما اخذنا من التزام عربي بما
يتعلق بالقضية الفلسطينية و تأكيد اعلان جدة على حل الدولتين و الوصاية
الهاشمية على المقدسات
ماذا بعد انتهاء مؤتمر قمة جدة .. هذا ما ستخبرنا به قادم الايام القريبة!