أيمن الصفدي يجري مباحثات موسعة مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع شي يؤكد على الالتزام بسياسة "دولة واحدة ونظامان" بالتزامن مع احتفال ماكاو باليوبيل الفضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تستقبل وفداَ طلابياً من الحسين التقنية السرحان: الأردن يملك من القدرات ما يؤهله لتولي مناصب قيادية عالمية "صندوق الأمان" و "كريف الأردن" يجددان شراكتهما لدعم الشباب الأيتام إطلاق تقرير أداء الاستراتيجية السكانية أورنج الأردن تطلق برنامج مكافآت الابتكار وفرص النمو (IGO) لموظفيها تجارة الأردن: الحوار بين القطاعين ضروري لحماية حقوق المواطنين الدولة المدنية أم العلمانية: أيهما يناسب مستقبل سوريا؟ جامعة البلقاء التطبيقية تعقد شراكة استراتيجية مع بورصة عمان لتدريب الطلبة على نظام التداول الإلكتروني وزير الطاقة: قوانين الطاقة الجديدة تتواءم مع رؤية التحديث الاقتصادي وقابلة للتحسين رئيس الوزراء يلتقي نقيب الصَّحفيين الادارة الامريكية والارادة الاردنية حملة لإزالة الاعتداءات على قناة الملك عبد الله لحماية الموارد المائية الجمارك : شمول السيارات الكهربائية المخزنة في سلطة العقبة بقرار تخفيض الضريبة الأردني عمر ياغي يفوز بجائزة نوابغ العرب للعلوم الطبيعية ارتفاع أسعار النفط عالميا 17 شهيدا جراء قصف الاحتلال عدة مناطق في قطاع غزة بيان صادر عن جمعية حمضيات وادي الأردن الزراعية التعاونية رواية "جبل التاج" لمصطفى القرنة بين التاريخ والجغرافيا

م. اكثم محمد الطراونة يكتب :تسوية المنازعات الدولية : "الحرب الروسية الأوكرانية نموذجا"

م اكثم محمد الطراونة يكتب تسوية المنازعات الدولية  الحرب الروسية الأوكرانية نموذجا
الأنباط -

تسوية المنازعات الدولية : "الحرب الروسية الأوكرانية نموذجا"

م. اكثم محمد الطراونة

مقدمة :

إن تسوية النزاعات الدولية واجب من واجبات الدول وثمرة من ثمرات الدبلوماسية الدولية، ومنها الطرق السياسية والعسكرية والقضائية ، وما يهمنا في هذه المقالة، هو التطور الهائل في وسائل اوأدوات الدبلوماسية الدولية في العصر الحديث وخاصة في الأزمة الأخيرة والمعروفة بالحرب الروسية الاوكرانية و والتي نهجت عهدا جديدا من السياسة الدولية والتي قد تطيح بكل الوسائل السابقة لتضع نماذجا جديدة في السياسة الدولية .

النماذج الحديثة في الدبلوماسية الدولية :

قبل الحديث عن النماذج الحديثة في الدبلوماسية الدولية في حال النزاعات علينا أن نذكر أن الوسائل السابقة هي السياسية والعسكرية والقضائية، وظلت على هذا النحو حتى بدأت مؤخرا الحرب الروسية الأوكرانية لتقدم نموذجا مختلفا وعلى ما يبدو أنه سيكون النموذج الدولي القادم لحل المنازعات.

ملامح النموذج الحديث في حل النزاعات الدولية :

الخاصية الأولى : التكتلات الدولية

على الرغم من أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت حربا بين دولتين هما روسيا وأكرانيا، الا انها وعلى الفور ومنذ الأيام الأولى تحولت إلى أزمة عالمية دولية بين محورين تشكلا في أيام معدودة ، ليضما قارات بأكملها، فالدول الأوروبية بأكملها وقفت إلى جانب أوكرانيا بالاضافة الى الولايات المتحدة الامريكية ودولة الاحتلال الصهيوني واستراليا وغيرها من بعض الدول الموالية لأوروبا وأمريكا ، ومن الجانب الروسي ، بيلا روسيا والشيشان وأذربيجان وكافة دول الاتحاد السوفييتي سابقا (باستثناء اوكرانيا طبعا ) ، وإيران وسوريا (تدخل مباشر ) ، بالاضافة إلى المواقف الداعمة من بعض الدول الاسيوية وكوريا الشمالية والصين وبعض الدول العربية والتي كان موقفها مفاجئا نظرا لكونه معروف عنها بولائها لأمريكا وأوروبا .

الخاصية الثانية : ظهور العنصر الإقتصادي .

من الأيام الأولى بدأت الدول الداعمة لأوكرانيا بشن حرب إقتصادية غير مسبوقة وسريعة على روسيا وتمثلت بتجميد الأصول وقطع كافة أشكال الإتفاقيات التجارية وتحويل العملات بينها وبين روسيا ، لترد روسيا بالمثل ، وخلال ايام قليلة ، كانت قد انهارت اتفاقيات التجارة الدولية بين ما يزيد عن 50 دولة وما بين روسيا وتأثر العالم كله جراء ذلك ، مع العلم أن بعض العلاقات التجارية الدولية كان عمرها أكثر من 100 عام ، وخاصة أن بعض الدول كانت من ضمن ما يعرف بمجموعة الخمس ومجموعة العشرين وهي أكثر التكتلات الإقتصادية العالمية .

الخاصية الثالثة : الغذاء والطاقة

لم تتوقع اوروبا يوما انها ستصحو على شتاء قارص هو الأشد منذ الحرب العالمية الثانية بسبب قطع امدادات الغاز الروسي بسبب الحصار الاقتصادي وتعطل المصانع او تقليل انتاجها دون سابق انذار ويبدو انه كان سلاحا فتاكا جديدا لم تأخذه اوروبا بالحسبان ولم توفر له البديل او تستعد له ، كسلاح استراتيجي قد تستعملة روسيا في اي وقت ،

وفي ما يتعلق بالغذاء فقد ظهرت ازمة القمح الاوكراني والذي سيطرت عليه روسيا وظهرعلى الواجهة كأزمة عذاء عالمي ، اذ دق ناقوس خطر الأمن الغذائي العالمي بشكل سريع ولافت للانتباه ، إذ لم يكن بالحسبان أن هذا ايضا سلاحا روسيا مضافا قد يطيح بالامن الغذائي لمعظم دول العالم وخاصة اوروبا التي لم تكن مستعدة هي ايضا لهذا السلاح ، وتأثر منه العديد من دول العالم ايضا في اسيا وافريقيا ومنها دول عربية مثل لبنان ومصر.

الخاصية الرابعة : خروج الأمم المتحدة من ساحة المفاوضات ودخول دول محورية جديدة

من الملاحظ في الأزمة الاخيرة ان الامم المتحدة كانت جهودها شبه معدومة في حل الازمة الاوكرانية الروسية ، وذلك بسبب الانحياز المبكر لأوروبا وامريكا الأمر الذي افقدها مكانتها الدولية وقدرتها على التواصل مع الطرف المقابل وهي روسيا وحلفاؤها ، وبالمقابل ظهرت (تركيا ) كلاعب جديد ومفاوض محترف دوليا لما تحضى به من مكانة سياسية وأقليمية بين الدولتين المتنازعتين ، وكانت (اسطنبول ) مركزا فعالا للقاءات التشاورية وعقد المعاهدات ووجهة يقصدها اطراف الحرب في معظم الأوقات ، وعلى الرغم من التحفظات الأوروبية والأمريكة على هذا الوضع الا انها استطاعت (تركيا ) أن تفرض نفسها وبقوة على التفاوض الدولي ، لا بل أنها إنفردت بحل ازمة (القمح الأوكراني ) ، واستطاعت أن تفرض صناعاتها الحربية على ساحة المعركة كنوع من حفظ التوازن العسكري من خلال استعانة اوكرانيا بالطائرات المسيرة التركية الصنع .

وكان ايضا لدول الخليج ايضا دول محوري وعلى رأسها السعودية والتي فاجئت الجميع برفض طلبها بزيادة انتاج النفط لتقليل العجز في الطاقة بما في ذلك الطلب الامريكي لذلك والذي قدمة الرئيس الأمريكي من خلال زيارة مباشرة الى الرياض ، وكذلك (قطر ) والتي حذت حذو السعودية في مسألة الغاز القطري ، الأمر الذي جعل من أوروبا اعادة النظر بعلاقتها الدبلوماسية مع دول الخليج العربي والتي اثبتت أنها ليست بالدول السهلة البسيطة كما كان يعتقد الاوروبيين وامريكا ، وظهر ذلك جليا في أزمة مونديال كأس العالم الأول في الدول العربية واسيا ، والذي كشف عن الكثير من الجمود في العلاقات الأوروبية الخليجية العربية ، الأمر الذي دفع العديد من الدول الأوروبية الى الأسراع في ترميم العلاقات العربية والخليجية ومثال عليها زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر والحديث عن تقديم الاعتذار الدولي عن احتلال الجزائر !!! ، والتسارع للمشاركة في كافة المؤتمرات المقامة في الدول العربية ، مؤتمر شرم الشيخ ، والأردن (البحر الميت ) ، في سباق متسارع مع الزحف الشرقي الى دول الخليج وعلى رأسها (الصين ) والتي خصص لها مؤتمرا مهما اقتصاديا في السعودية (الرياض ) .

الخاصية الخامسة : تغيير النمط الحربي والاعتماد على التكنولوجيا .

من الملاحظ في هذه الحرب أن كل أطراف الحرب تتسابق لإظهار أحدث ما لديها من أسلحة متطورة لا تعتمد على العنصر البشري وتعتمد على السلاج الجوي أنه السلاح الأكثر أهمية ، وتراجع ملحوظ في باقي انواع الاسلحة والتي على ما يبدو أنها ستكون خارج الخدمه عالميا بعد هذه الحرب ، ومن الأمثلة على ذلك (الطائرات المسيرة ) بدون طيار ، والصواريخ بعيدة المدى والتى تطلق من منصات برية وبحرية وجوية، والطائرات الحديثه ذات الرحلات الطويلة ، والسبب هو أنه وفي الايام الأولى من الحرب كانت الخسارة البشرية هائلة في الجيوش البرية على الرغم من كل التحصينات من كلا الطرفين ، الأمر الذي اطال عمر هذه الحرب وجعل من سماء اوكرانيا معرضا للأسلحة العالمية الغربية الأوروبية والأمريكية والشرقية الإيرانية والتركية والصينية والكورية الشمالية وكانت سيدة الموقف الطائرات المسيرة والتي اعادت النظر في كافة الصناعات الحربية على انها ستكون مستقبل السلاح العسكري العالمي ، وخاصة ان الدول التي بدأت بهذه الصناعات ليست من الدول المصدرة للسلاح عالميا مثل ايران وتركيا.

وبالنسبة للسلاح النووي فقد بدا جليا بأن امتلاكه لا يحسم الحروب كا كان يعتقد سابقا ، بل أنه ليس سوى وسيلة للتهديد، واستخدامه كخيار عسكري لم يدخل في مرحلة الجدية في أي مرحلة من مراحل الحرب، ولو كان ذلك صحيحا لكانت روسيا اول من استخدمه في حربها كونها لم تكترث لكل الاتفاقيات الدولية التي حرمت اسلحة الدمار الشامل وحماية الافراد ، كونه وفي هذه الحرب قصفت المستشفيات والتجمعات السكانية وكانت الخسارة البشرية كبيرة .

الخاصية السادسة : ظهور الازدواجية الدولية في التعامل مع القضايا الدولية

من الساعات الأولى للحرب كان الموقف الاوروبي والامريكي جليا وحاسما بالوقوف وبكافة الوسائل مع الجانب الاوكراني ، وكان هذا ايضا موقف مجلس الأمن والذي ادان كل التصرفات الروسيه مشيرا الى انتهاكها المعاهدات الدولية المتعلقة باستخدام القوة العسكرية ، ومعاهدات حماية الافراد ، وكان السبب هو اعتبارها ان العملية العسكرية الروسية (احتلال ) عسكريي لدولة مستقلة ومعترف بها ، وأن هذا الاحتلال يجب ان يتوقف على الفور وان روسيا ملزمة بالتعويض عن هذا السلوك.

ولكن وبالمقابل عادت القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية الى الواجهة مجددا كمثال على تناقض وازدواجية التعامل بالنسبة لمجلس الامن والأمم المتحدة والدول الأوروبية وأمريكا ما بين القضيتين ، واصبحت تثار في كل المناسبات الدولية كنوع من الاشارة الى ان الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو الأولى بهذه الاجراءات وردود الأفعال نظرا لما قامت وتقوم به اسرائيل من جرائم حرب على المدنيين الفلسطينيين العزل ، وكذلك الاحتلال الامريكي للعراق ، الامر الذي أحرج الامم المتحده وجعلها محط سخرية لشعوب العالم أجمع ، وخاصة شعوب الدول التي فرض عليها حصارات اقتصادية مثل ايران وكوريا الشمالية وغيرها من الدول التي كانت قد تضررت من قرارات الامم المتحدة.

وبالنتيجة :

من الملاحظ ان هذه الحرب لن تنتهي قبل ان يكون هنالك عالم دولي جديد متوازن عسكريا وفيه نفوذ اقل للدول التي تحكم هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ، وصعود لدول اسيا وخاصة للدول التي تملك خيارات اقتصادية ذات اهمية عالمية مثل دول الخليج والصين وايران في مكانتها الدولية ، وكذلك الأمر سيكون النموذج التركي نموذجا يحتذى به دوليا لما قامت به من عمل استثنائي في هذه الازمه و وسيكون هنالك تحالفات عالمية جديدة يكون محورها الاقتصاد والامن الغذائي ، الأمر الذي يكون فيه تقاربا أكبر ما بين القارتين الاسيوية والافريقية ، ومن الملاحظ ايضا اعادة تشكيل معالم الاتحاد السوفييتي سابقا كقوة عالمية جدية نظرا لوحدة الجغرافيا والعنصر البشري والمصالح المشتركة ، وهذا يتضح من خلال المشاركة العسكرية المباشرة لهذه الدول الى جانب موسكو في حربها ضد (التحالف الاوكراني ) .

ومن النتائج المتوقعة ايضا لهذه الحرب ، التسابق الدولي على الدول ذات القدرة الزراعية والطاقة لحفظ امن اوروبا الغذائي والطاقة وستقدم اوروبا تقاربا مباشرا مع حكومات هذه الدول وخاصة دول الخليج والدول الافريقية .

وأما الدول المحايدة في هذه الحرب فهي بدورها تنتظر نتائجها ، للإسراع بالأنضمام الى المعسكر الجديد المنتصر ، وستشهد هذه الدول تغيرات سياسية جذرية في علاقاتها الدبلوماسية وبشكل دراماتيكي ، يجعلها تحسم مواقفها من المعسكر المنتصر في فترة زمنية قياسية ، في مشهد يعيد الى الاذهان السلوك المتبع في الحرب العالمية الأولى والثانية ، لأننا لانستطيع الا ان نقول بأن هذه الحرب الحالية (الروسية الاوكرانية ) حربا عالمية ثالثة بمسميات مختلفة وادوات مختلفة ، وبالتالي فإن النتائج المترتبه على إنتهائها لن تكون محصورة فقط على روسيا وأوكرانيا فقط بل ستمتد الى معظم دول العالم .

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير