الأنباط -
تبتسم الشفاه وتلمع الأعين عند سماع صراخنا لحظة قدومنا للحياة وتهل التهاني. ثم تنمو الأحلام وتتعالى الأماني.
قد يبدو الأمر ممتعًا في بداية الأمر! فكل الأنظار تحدق بنا، فنظن بأننا محور الكون. ونبدأ الحبو على سلم الحياة. ومهما تعثرنا لم نكن نيأس، ليس لأننا قد خُلقنا بقوةٍ خارقة، بل لإيماننا المُطلق بأن أيادي آبائنا وأمهاتنا ستتسابق في نشلنا لكي لا نقع.
وتمضي بنا الأيام، وتبعدنا شيئا فشيئا عن أحضانهم. وتتوالى الليالي الليلاء وتبقى أحلامنا تحاول التحليق عاليًا لتلمس سقف السماء. ورغم محاولاتنا المُستمرة في التسلق على سلم الحياة إلا أننا لم نزل بين الحين والآخر نتعثر. نحاول أن نصعد بخطوات ثابتة لكننا نتأرجح كلما حاولنا الصعود أكثر وأكثر.
فالبعض قد يحالفه الحظ ويعثر على يدٍ تتشله من أزماته، والبعض قد يبحث ولايجد من يخفف عنه آلامه، والبعض قد يحظى بالعديد من الوعود ولكن يخاف التورط من أن يسلم أمره لمن يسعى إلى استغلاله، والبعض قد يرمم نفسه بنفسه ويصل الى بر أمانه، والبعض قد ييأس ويرفع راية استسلامه، والبعض قد يتمرد على فلسفة الواقع ويغير حاضره ويهجر زمانه.
ومهما كانت الظروف، لا بد أن نرحل بجولة في اعماقنا خارجة عن المألوف. قد نجلد ذاتنا، وقد نكافىء انفسنا على تجاوز أزماتنا. وبعد جهد جهيد سنصل إلى السلام الداخلي، ونطلق العنان لرغباتنا، ونعلن الانتصار على خيباتنا، ونصبح اكثر تمسكًا في اختياراتنا، واكثر انتقائاً في صداقاتنا، واكثر نضجًا في علاقاتنا، واكثر تقديراً لكياننا، واكثر احترامًا لذاتنا.
ثم يصبح سلم الحياة سهل الارتقاء. ثم ماذا... ثم يعوضنا الله عوضاً يليق بصبر قلوبنا المنسية، فنتبابع الدرب بأكثر عقلانية، وثقةٍ بالعدالة الربانية.