الارصاد الجوية : انخفاض تدريجي في درجات الحرارة وأجواء مغبرة نهاية الأسبوع بنك الإسكان يرعى فعالية "أمنيات الشتاء" للأطفال في مركز هيا الثقافي مالك غازي ابو عديلة المشاقبة يدخل "القفص الذهبي" الذكاء الاصطناعي يكشف سر الحفاظ على شباب الدماغ هل يعفيك الطقس البارد من استخدام واقي الشمس؟ شركة طيران تجبر راكب على التخلي عن مقعده من أجل كلب سؤال الأردن: متى تنتهي مرحلة الانطباعات في سوريا؟ وزير الخارجية: المحادثات مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا كانت إبجابية هل يمكن أن تتحول انفلونزا الطيور إلى جائحة؟ 93% معدل الإنجاز بمشاريع مجلس محافظة العقبة في 2024 العطلة الشتوية.. فرصة ثمينة بحاجة للاستثمار لصالح الطلبة أحمد الضرابعة يكتب : الأردن وسورية ما بعد حكم الأسد “توزيع الكهرباء” تسعى لإدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدماتها الرقمية الوحدات يفوز على السرحان و يتأهل للدور نصف النهائي ببطولة الكأس القوات المسلحة تحبط محاولة تسلل طائرة مسيرة على الواجهة الغربية رئيس بلدية الجيزة يستعرض إنجازات عام 2024 خلال الجلسة الختامية لهذا العام بلدية السلط و إعمار السلط توقعان اتفاقية مع USAID لإطلاق سوق أسبوعي لدعم الشباب الخصاونة يضيء شجرة عيد الميلاد المجيد في عجلون الحسين يتأهل لنصف نهائي كأس الأردن بفوزه على السلط بركلات الترجيح أبو صعيليك يبحث تعزيز خدمة "المكان الواحد" في غرفة صناعة عمان.

القدسُ زهرةُ المدائن بقلم /لطيفة محمد حسيب القاضي

القدسُ زهرةُ المدائن  بقلم لطيفة محمد حسيب القاضي
الأنباط -
اليمن/لطيفة محمد القاضي  
ُتعد القدسُ أرضَ الرسالات  السماوية، ومثوى الأنبياء عليهم السلام. فهي مدينة السلام وإليها يُحشر الناس ومنها يبعثون،  ومسجدها أولى القبلتين، وأرضها ثالث الحرمين، والصلاة في مسجدها يعادل خمسمائة صلاة؛ ففيها معالم لا يمحوها التاريخ فهي موطن الحضارات الإسلامية. 
فمنذ أن فتحها عمر بن الخطاب "رضي الله عنه"سنة 16 هجري كانت وما زالت جُل أهتمامنا، وذلك لأنها مقر للعلماء والفقهاء ورمز للعزة والكرامة للعرب والمسلمين .  
(   السلطة العربية الإسلامية ) 
لقد تعرضت  مدينة القدس عبر التاريخ للغزو، والاحتلال والاغتصاب، والاحتكار عدة مرات بداية من العبرانيين إلى البابليين ثم الرومان والصليبيين وصولًا إلى الصهاينة الذين احتكروها لأنفسهم دون الآخرين. 
إن العرب المسلمين الذين حرروها من الاغتصاب والقهر الروماني الذي دام عشرة قرون هم وحدهم الذين أشاعوا قداستها بين جميع أصحاب المقدسات، وجعلوها إرثًا دينيًا وتاريخيًا مشتركًا لأبناء الديانات السماوية؛ لأن حماية واحترام كل العقائد فريضة من فرائض الإسلام؛ لذلك كانت عليها السلطة العربية والإسلامية  عبر تاريخها الطويل مع العلم بأن السلطة العربية الإسلامية  التي كانت عليها لا تعتبر امتيازًا  للمسلمين بل هي لضمان مصالح الجميع في هذه المدينة التي يقدسها الجميع.  
(نشأة مدينة القدس)  
تعتبر مدينة القدس الشريف من أقدم مدن الأرض حيث جاءت بعثة فرنسية قبل ثلاث سنوات،   واكتشفت فيها جمجمة كنعانية ترجع نشأتها، وعمرها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد . 
(  تغير اسم القدس عبر التاريخ)  
أول اسم أطلق عليها "مدينة السلام"  لكونها المدينة المقدسة لكل بني البشر، وسميت "بيت القدس"بمعنى بيت الله في عهد النبي سليمان عليه السلام. لقد تغير اسم القدس عبر التاريخ عدة مرات فالعرب اليبوسيون الذين بنوها في الألف الرابعة قبل الميلاد قد اسموها "يبوس" وتغير  اسمها إلى "يورد سالم" أي مدينة السلام وأطلق عليها الرومان "إيليا الكبرى" ومن ثم "أورشليم"، وعندما جاء الفتح الإسلامي الذي حررها من الأستعمار الرّوماني وأطلق عليها اسم: القدس الشريف، والحرم القدسي الشريف، وهذا إعلان عن قداستها منذ تاريخها القديم . 
تغير اسم مدينة القدس على مر التاريخ إلى عدة أسماء ابتداء من أورسالم ثم القدس وبيت المقدس- يبوس- مصروث- بايوس-كورشيلا- كيريكو مش- ميته قادس - حور اشليم.  
فكان المتدينون بالديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحيين واليهود يؤمنون بقداسة القدس، وأن الله قد بارك فيها وحولها، وهذه المباركة لكل الذين يؤمنون بالله .  
(الموقع الجغرافي)  
تقع القدس على خط طول 35 درجة، وخط عرض  31 درجة شمال خط الاستواء، وترتفع نحو 750 مترًا عن سطح البحر الأبيض المتوسط، حيث أن القدس تقع وسط فلسطين وكأنها  نبضها النابض.  
مساحتها 19331 كم يحيط بها سور منيع على شكل مربع، وارتفاعه 40 قدم، وعليه 34 برج منتظم، ولهذا السور سبعة أبواب وهي :باب الخليل ،باب الجديد،باب العامود ،باب الساهرة، باب المغاربة،باب .  
تقع القدس على هضبة متوسطة الارتفاع، وتتوزع إلى  عدة مرتفعات أو جبال، وتحيط بالقدس الجبال والأودية من جميع جهاتها ما عدا الجهة الشمالية. تحدها من الشرق مدينة أريحا، وغور الأردن، ومن الشمال تقع مدينة رام الله، ونابلس، ومن الجنوب مدينة الخليل ومن الشمال تقع اللد، والرملة ثم يافا على البحر المتوسط .  
(الطقس في القدس) 
قاري من حيث ترتفع الحرارة صيفًا إلى الثلاثين مئوية أو ما فوق، وتنخفض في الشتاء إلى ما تحت الصفر أثناء الليل، وهذا التفاوت كبير جدًا في درجات الحرارة ما بين الصيف والشتاء، أمطارها شتوية وتحيط بالقدس عيونٌ كثيرةٌ تتفاوت في غزارتها وعذوبتها.  
(قيام الكيان الصهيوني) 
في القرن العشرين أقيم الكيان الصهيوني على أرض فلسطين سنة 1948م، وتم إعلان احتكار الجزء الغربي منها، وبعد حرب 1967م امتد الاحتلال إلى الجزء الشرقي من القدس في الشهر نفسه فطبق الصهاينة عليها القوانين ،وفي سنة 1980م قرر الكنيست الصهيوني إعتبار كامل القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وعملوا على تهويدها عن طريق تغيير أسماء الشوارع والميادين والقوانين والتعليم. امتد ذلك التهويد حتى وصل لتهويد القضاء الشرعي الإسلامي، ومن ثم علقت على أبوابها (تميمة الباب) اليهودية باعتبارها بيت اليهود وحدهم،وفي عام 1995م يقرر الكونجرس الأمريكي اعتبار القدس أبدية لإسرائيل؛ لأنها  الوطن الروحي لليهود. 
(مكانة القدس بالنسبة للمسلمين ) 
تحتل القدس في الإسلام مكانة الحرم القدسي الشريف فهي القبلة الأولى للمسلمين التي يتوجهون إليها في صلواتهم طوال العهد المكي ثلاثة عشر عاماً بعد هجرتهم إلى المدينة المنورة؛ لأنها تعتبر عقيدة من عقائد الإسلام بل وجعلت القدس قبلة المسلمين أولاً ومن ثم تحول القبلة إلى المسجد الحرام وجمعهم بين القبلتين يعتبر تحقيقًا وتجسيدًا لهذه الحكمة في الربط بين قبلة النبوات السابقة، وبين قبلة الأمة الإسلامية والرسالات الخاتمة التي هي أول بيت وضع للناس في الأرض فهي قبلتهم الأولى، والرابط بينها وبين قبلتهم الثانية الحرم المكي.  تعتبر القدس تجسيدًا لوحدة الدين منذ فجر النبوات والرسالات وحتى ختام وختم هذه النبوات والرسالات السماوية، والحرم القدسي (المسجد الأقصى) هو أحد المساجد الثلاثة التى تنفرد في الإسلام بشد الرحال للصلاة فيه قال رسول الله : "لا تشدوا الرحال إلا إلى  ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى". ومنها حدثت المعجزة السماوية الإسراء والمعراج قال الله تعالى :"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ". 
ومن هنا تم الإسراء لرسول الله جسدًا وروحًا من مكة المكرمة إلى بيت المقدس حيث جمع الأنبياء فصلى بهم إمامًا، ومن ثم عرج إلى السماء واحدة بعد أخرى حتى وصل إلى سدرة المنتهى وسمع صرير الأقلام مما سجله المولى عز وجل قرآن يتلى على مدى الدهور والأيام. فالقدس تعتبر تجسيد للرابط العقيدي بين الحرم المكي الشريف والحرم القدسي، وانطلاقا من هذه المكانة المقدسة للقدس في العقيدة الإسلامية فكان المسلمون هم من أهم الحريصين على إعادة الطهر والطهارة إلى كل الأماكن المقدسة فيها ، وبالتالي فإن المسلمين يقدسون مدينة القدس . 
وأهم الآثار الإسلامية في القدس :المسجد الأقصى-الصخرة وقبتها-بناء المسجد الأقصى. 
( القدس في المسيحية ) 
نجد القدس فيها كنيسة القيامة وقيامة المسيح من القبر، وأن المسيح عليه السلام قد ولد في (بيت لحم) على مقربة من القدس، وعاش في المدينة المقدسة وفيما حولها نزلت البشارة هناك والإنجيل.  
في هذه البقاع ولدت المسيحية؛  لذلك فإن القدس قبلة للمسيحيين في صلاتهم ومقصدهم وفي حجهم فقد ظهر المسيح هناك، وعاش، وبشر، ونزل عليه الإنجيل ورفعه الله إليه. من ناحية الآثار النصارنية في القدس  يوجد 59آثرًا مسيحيًا "كنائس،أديرة،مستشفيات قديمة،وغيرها  وتوجد أربعَ عشرةَ كنيسةً، ومنها كنيسة القيامة التي تعتبر من أهم المعالم الدينية في العالم حيث يزعمون أن المسيح عيسى صلب، ودفن هناك ومن ثم قام يوم الأحد من قبره لذلك سميت بكنيسة القيامة وهناك العديد من الكنائس ومنها: 
كنيسة الجثمانية: تقع خارج أسوار القدس ويقال بأن المسيح قضى آخر أيامه متعبدًا في هذا المكان قبل أن يقبض عليه. 
كنيسة ستنا مريم: تحتوي على قبر السيدة مريم عليها السلام . 
كنيسة سانت ماري:هي كنيسة حديثة أقامها الإمبراطور الألماني "عليون الثاني" خلال زيارته للقدس عام 1898م. 
كنيسة مريم المجدلية: بنيت على الطراز الروسي الضخم وفيها فخامة، وجمال منفرد. 
جميع المسيحيين من كافة أنحاء العالم  يتجهون إلى القدس في الصلاة والحج.   
(مكانة القدس عند اليهود) 
هي العاصمة الأبدية لشعب إسرائيل؛ لأنها مدينة المقدسات، وعاصمة دولة إسرائيل الجديدة، وقد ورد اسم القدس في التوراة 6400 مرة.  بنى نبينا سليمان عليه السلام فيها الهيكل الأول الذي أصبح شعارًا لوحدة اليهود . 
نجد هنا اليهود يضفون القداسة على مدينة القدس باعتبار إن الملك داود  نقل إليها تابوت العهد. وإليها يصلون ويحجون وفيها ينتظرون أن يظهر(المسيا) ملك اليهود؛ لذلك تحرم اليهودية الحاخامية العودة للقدس وفلسطين. أكد بن جوريون وجميع قادة إسرائيل بأن لا معنى لإسرائيل بدون أورشليم، ولا معنى لأورشليم بدون الهيكل،  الانتداب البريطاني عام 1920م إلى يومنا هذا بخطوات مدروس متتالية.  
(أصالة القدس)  
إن أصالة التاريخ العربي الضارب في أعماق التاريخ لمدينة القدس يبلغ ستين قرنًا من الزمان، وكانت بداية صفحاتها ببناء العرب اليبوسيين لهذه المدينة في الألف الرابع قبل الميلاد، وهذا قبل عصر سيدنا إبراهيم عليه السلام وعصر سيدنا موسى وظهور اليهودية بسبعة وعشرين قرنا  . 
خضعت القدس للعبرانيين في القرن العاشر قبل الميلاد لبرهة من الزمن، ومن ثم البابليين في القرن السابع قبل الميلاد، والأغريق، والرومان، والبيزنطيون لمدة عشرة قرون واحتكرها الصليبيون نحو تسعين عامًا وعملوا على إبادة الوجود الإسلامي حتى جاء التحرير الإسلامي وحرر صلاح الدين القدس من الغزو "الصليبي" وأعاد لها بريقها الحضاري التي كانت تتمتع به من خلال نسيجها الاجتماعي الذي لا يفرق بين الأديان فالمسيحي كالمسلم في الحقوق والواجبات كلهم أمام الحكم العربي سواسية قبل مجيء الغزو البربري "الصليبي" الذي قتل وبشع بأخوتنا المسيحيين كما فعل بالمسلمين.  
فأعاد صلاح الدين لها القداسة حيث إن كل الذين احتكروها فجروا فيها بحار من الدماء في تلك البقعة من المدينة المباركة المقدسة.  
(لماذا النزاع قائم على القدس منذ الأزل؟)  
مدينة القدس ظاهرة غير عادية على مدى التاريخ الإنساني والدراسات عنها مستمرة؛ نتيجة أهميتها الدينية والثقافية، وأنها مدينة السلام التي تضم المسلمين والمسيحيين واليهود  فكانوا متعايشين مع بعض في سلم وحرية عبادة منذ القديم وعلى عكس الذي نشهده الآن  من نزاعات وحروب  ونتيجة لذلك دخول اليهود لفلسطين منذ 600عام وإن الصهيونية كمشروع سياسي قام على المغالطات الدينية والتاريخية  بأن يقال: "لليهود حقاً تاريخياً في فلسطين. وإن العبرانيين هم أول من سكن فلسطين.  وإن  الوعد الإلهي يمنح الأرض المقدسة لهذا الشعب وأن داود أول من بنى القدس واتخذها عاصمة لملكه"  
ومن هنا اعتبروا حائط المبكى آخر بقايا المعبد اليهودي الذي دمره الرومان وهو أقدس الأماكن لهم. إن جوهر المشكلة يتلخص في الصراع الديني والتاريخي مع المشروع  الصهيوني والعنصري؛  لذلك هي بؤرة للصراع العربي الإسرائيلي .  
سترجع القدس يومًا، وستظل القدس مثالاً للتسامح الديني، وستظل زهرة المدائن ومدينة السلام .
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير