الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة،،
هذا العنوان مقتبس من مسلسل سوري بعنوان حارة على الهواء، وما دفعني لاختيار هذا العنوان هو حجم الندوات التلفزيونية التي نشاهدها يوميا، بدءا من برنامج هذا المساء على التلفزيون الأردني، الى نبض البلد على قناة رؤيا، الى صوت المملكة على تلفزيون المملكة، الى واجه الحقيقة على شاشة الحقيقة الدولية، عدا عن اللقاءات الإذاعية والمؤتمرات وورش العمل التي نقرأ ونسمع عنها، وجل الذين يتحدثون في هذه البرامج لا يتجاوز عددهم عدد أصابع الأيدي يتنقلون من محطة إلى محطة، ومن برنامج الى آخر، ومن مؤتمر الى ورشة عمل الى المحاضرات والندوات، ويتحدثون في كل شيء، أحد النواب السابقين نشاهده صباح مساء، على فطورنا وغدائنا وعشائنا، لدرجة أننا أصبحنا نراه في أحلامنا، فهو يتحدث عن الموازنة والمالية، وعن الإقتصاد، وعن الأحزاب، وعن الإنتخابات، وعن الفضاء، وعن الزراعة، والتحديث الإداري، وعن البرلمان، الكل ينظر علينا، نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، منذ استئناف الحياة الديمقراطية عام ١٩٨٩ ولغاية تاريخه، والحديث يدور عن الحياة السياسية والحزبية والتنميه السياسية والإصلاح السياسي وصولا إلى التحديث السياسي والاقتصادي والاداري وقوانين الإنتخابات والأحزاب السياسية والجمعيات والبلديات ومجالس المحافظات وووووووالخ ، وما زلنا كذلك، وقد تم تعديل هذه القوانين عدة مرات بدون نتيجة، وكله تنظير بتنظير، لم نحقق أي نجاح بأي ملف مما سبق، كله تنظير عالهوا، لم نصل لغاية الآن الى حياة حزبية وأحزاب برامجية مستقرة، ولا إلى برلمان قوي يعبر عن نبض الشارع، ولا استطعنا إقناع الشباب بدخول الأحزاب السياسية، ولم ننجح بتمكين المرأة حزبيا وسياسيا وبرلمانيا، فما زالت تنجح على الكوتا، وأعداد مشاركتها في الأحزاب ما زالت أرقام خجولة، فلولا الكوتا وفرض القانون على وجود نسبة من المرأة والشباب في الأحزاب لغايات الترخيص لما وجدنا أي امرأة في البرلمان أو الأحزاب السياسية، وما زالت كذلك نسب مشاركة الناخبين في الإقتراع محرجة ومتدنية جدا، لأن النخب السابقة مع الإحترام أصبحت مكشوفة ومستهلكة، وغير مقنعة للجماهير، واقتراحي حتى ننجح في التحديث والتطوير واقناع الناس في المشاركة السياسية بكل قطاعاتها ومؤسساتها، أن نلجأ إلى تبديل وتغيير بعض الوجوه العاملة على الساحة منذ زمن طويل، ولتكن خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه في معركة مؤته، عبرة وقدوة نستلهم منها الفكرة حينما إقترب جيش المسلمين من خسارة المعركة، لجأ الى خطة تبديل الوجوه، فبدل الميمنة من الجيش الى الميسرة، والمؤخرة الى المقدمة، فتوقع العدو أن المسلمين جاءهم مدد من الجيش، فتسلل إليهم الخوف وهربوا فانتصر المسلمين في هذه المعركة ، بفضل التحديث الفكري الذي مارسه القائد خالد بن الوليد بتبديل الأشخاص من الصفوف الخلفية إلى الصفوف الأمامية ، ونحن بحاجة إلى تحديث فكري من خلال تغيير بعض الوجوه السياسية والمنظرة علينا بالاستعانة بالصفوف الخلفية، لعل وعسى أن نحقق النتائج المرجوة من خلال اقتناع الناس بجدية هذه الوجوه الجديدة للإصلاح والتحديث الشامل المطلوب، لأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، والمجرب لا يجرب، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.