الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينه،،
لاحظنا في الآونة الأخيرة تراجع أداء المؤسسات الحكومية الرسمية وخصوصا الخدمية منها من الناحية الإدارية، وتزايد حجم شكاوي المواطنين بهذا الخصوص، ومن يتابع المحطات الإذاعية الصباحية يتفاجأ بالكم الهائل من شكاوي المواطنين من الترهل الإداري والبيروقراطية التي تعاني منها دوائرنا الحكومية على اختلاف أنواعها ومستوياتها، على الرغم من الحديث المتكرر عن الحكومة الإلكترونية والمعاملات الإلكترونية، والتقدم الكبير الذي حصل في تطبيقها وتحديثها، وبالرغم من كل ما سبق، نلاحظ حجم المشاكل التي تحدث في مؤسساتنا، وحجم قضايا الفساد التي تكشفها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في هذه الدوائر الحكومية، وتم تحويلها للمحاكم وصدور العديد من الأحكام بحق العديد من الموظفين، وسبب تراجع الأداء من وجهة نظري هو تفشي ظاهرة الفساد والمحسوبية في تعيين القيادات الإدارية التي لا تملك الخبرة القيادية والإدارية الميدانية، وغير الكفؤة، وضحالة المعرفة والثقافة المعلوماتية والقانونية، ولجوء الدولة إلى شرعنت تعيين هذه القيادات من خلال الاستناد والتحجج بنظام اختيار وتعيين القيادات الإدارية الذي أصبح شماعة، ومدخل للفساد الإداري بالتعيين، والأمثلة على ذلك كثيرة، حيث يتم ابلاغ الشخص المنوي اختياره مسبقا بالنجاح والتعيين، ولهذا تقوم اللجنة المختصة المعنية بوضع مواصفات الوظيفة وشروط إلاعلان بتفصيل الشروط على مقاس الشخص المنوي تعيينه، والذي يكون على أسس الواسطة إما النيابية، أو الوزارية، أو الجهوية، أو العشائرية، دون الالتفات أو التركيز على الخبرة والكفاءة، وما زاد من تراجع الأداء هو إقدام حكومة الرزاز على تفريغ المؤسسات العامة من الكفاءات وأصحاب الخبرة، تحت ما يسمى خدمة الثلاثين سنة، دون النظر الى عمر الشخص وكفاءته وخبرته ومدى حاجة المؤسسة له، وكان المبرر والهدف هو فتح شواغر للشباب الجدد إلا أن الحكومة لم تلتزم بهذا المبرر ولم تقم بتعيين البدلاء من الخريجين الجدد، حتى جاءت حكومة الخصاونة فكسرت وضربت بعرض الحائط قرار الثلاثين عاما، وقرار الستين، وعدلت التعليمات من أجل عيون بعض المسؤولين والقيادات الإدارية التي تهم رئيس الوزراء وبعض الوزراء والنواب، فأصبحت تتعامل مع الموضوع على مبدأ فقوس وخيار، ولذلك أصبح المسؤول المعين بواسطة يتعامل بفوقية وبتعالي مع موظفيه والمراجعين على اعتبار أنه مدعوم، وأنه مهما ارتكب من أخطاء وحدوث مشاكل في مؤسسته لن يطاله حساب أو مسؤولية والأمثلة العملية على ذلك كثيرة، لأن أي مشكلة أو مأساة تحدث حتى لو أدت الى حدوث وفيات بشرية وخسائر مادية باهظة نهايتها تشكيل لجنة لتخدير الرأي العام تكون نهاية نتائجها في الأدراج، وقد شاهدنا أن أحد وزراء الوزارات السيادية الذي تكرر على الوزارة لمدة خمسة سنوات أربعة مرات أو أكثر ارتكب خلالها من المجازر والخطايا الإدارية ما تعجز عن حملها الجبال، دون رادع أو رقيب أو حساب أو مساءلة أو تدقيق لقرارته بالإحالات أو الترفيعات أو التعيينات من أي رئيس وزراء أو مؤسسة رقابية بما فيها البرلمان وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والمركز الوطني لحقوق الإنسان، أو حتى من ضميره أو وضع مخافة الله أمام عينيه، هناك العديد ممن تمت إحالتهم من هذه الوزارة السيادية لم يكن الوزير يعرفهم لا شكلا ولا مضمونا، وإنما لغاية في نفس يعقوب، لو طرحنا سؤال كم من القيادات الإدارية على مستوى مدير عام أو آمين عام أو محافظ او حاكم إداري يخرج إلى الميدان للإشراف على عمل أو مشروع ما أو يتابع مشكلة خدمية ما على أرض الواقع، أو يتابع أداء دائرة حكومية ما استنادا الى صلاحياته القانونية والإدارية التي خولت أو منحت أو فوضت له بموجب التشريعات القانونية المختلفة ومن أبرزها نظام التشكيلات الإدارية، كل ما نشاهده هو حب الظهور الإعلامي وهو جالس خلف مكتبه الفاخر والأنيق وسيارته الفارهة، ولهذا أول شيء يقوم به أي مسؤول يتولى موقع قيادي إداري هو تحديث مكتبه، وتغيير سيارته، وتعيين سكرتير أو مدير مكتب، أو تغييرهما إن كانوا موجودين في الأصل، وسؤال آخر أطرحه هل هناك رقابة على السلف المالية التي تصرف للمسؤولين كيف صرفت، وأين صرفت، ولمن صرفت، أم أنها حولت لحسابه في البنك، أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابات، وملاحظات وقضايا بحاجة الى متابعات وتوصيات من قبل المؤسسات الرقابية وعلى رأسها مؤسسة البرلمان وديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، هذا غيض من فيض، وللحديث بقية، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.