"السكرين شوت" بين اهمية التوثيق والايذاء المتعمد
- تاريخ النشر :
الإثنين - am 12:00 | 2021-05-31
الأنباط - إخلاص القاضي- قد تصلك في اي لحظة صورة ملتقطة عن شاشة هاتف أو حاسوب، عرفت بين الناس بلفظتها الاجنبية الـ"سكرين شوت"، وربما تكون لغايات توثيقية هامة، ولكن من المحتمل ان يعمد البعض عن سبق اصرار وتصميم لسوء استخدام تلك الخاصية لغايات الايذاء والابتزاز والتشهير والافتراء وافساد الروابط الاجتماعية، ضاربين بعرض الحائط قيم ومضامين "المجالس أمانات".
واكد متخصصون لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، ان العالم الافتراضي الذي نعيشه يتطلب التصرف بمسؤولية اخلاقية في طرق التواصل الالكتروني، وأن ننأى عن كل استخداماته الخاطئة، بما في ذلك التقاط صور الشاشة"السكرين شوت"، بقصد افتعال المشكلات بين الناس، داعين الى ضرورة التحلي بالأمانة والنزاهة والحيادية، واحترام خصوصيات الناس، وعدم افشاء اسرارهم، وكذلك الى عدم الثقة المطلقة عبر الدردشات الكتابية، لان كل ما يكتب يتحول لوثيقة قد تستخدم في اي وقت، وفقا لهم. ويرى الشاب راغب بو غانم، طالب جامعي، أن "السكرين شوت" لها جانب ايجابي في الحد من جنوح البعض للنميمة والتصيد والافتراء عبر الدردشات ما تفرض عليهم انتقاء كلماتهم بمسؤولية وحيادية وأمانة وصدق، ودون تجريح او ظلم او تعد.
فيما تقول الخمسينية الهام، موظفة قطاع عام، ان "السكرين شوت" رائج جدا، خاصة بين مجموعات التواصل في التطبيقات الالكترونية، مثل الواتس اب، الامر الذي تسبب بكثير من المشكلات بين اعضاء تلك "الجروبات"، مع كل ما يصاحب ذلك من سوء فهم وقطيعة، وما يعقبه من تصرفات سيئة.
والسكرين شوت هو استخدام هام بالنسبة للثلاثينية رشا، صاحبة صالون تجميل، حيث انها تجمع عبر "الانترنت" احدث التصاميم وقصات الشعر، فضلا عن صيحات الموضة في اساليب التجميل ووضع طلاء الاظافر، مشيرة الى ان هاتفها النقال يعج بصور ملتقطة عبر هذه التقنية، فيما يعتمد البعض عليها، من اجل توثيق صور وصفات الاكلات المختلفة، اوالشقق المعروضة للبيع او للايجار، إضافة لصورالاثاث والمطابخ والادوات المنزلية والسيارات، واي مستلزمات اخرى قد تهم اصحابها. وقال مستشار ومدرب استراتيجيات التواصل الاجتماعي خالد الأحمد، إن موضوع التقاط الصور لشاشات هواتف التطبيقات الذكية والحواسيب، او ما يعرف بين الناس، بلفظته الاجنبية "السكرين شوت" هو امر بغاية الخطورة، ويعقبه النتائج السلبية التي لا يحمد عقباها، لا سيما في حال استخدمت للايذاء المتعمد، كالابتزاز مثلا.
وينصح في هذا السياق، ولدى كتابة أي محتوى عبر دردشات تطبيقات وسائل الاتصالات والتواصل الاجتماعي المختلفة، ان لا يكتبوا اي شيء لا يراد له ان يُنشر، حتى لو كان الحديث بين شخصين يعرفان بعضهما بعضا جيدا، ويتبادلان الدردشة الكتابية على "الخاص"، مفسرا ذلك بضرورة التذكر والتنبه الى انه وبامكان اي شخص القيام باخذ صورة للشاشة "السكرين شوت"، ونقلها كما يشاء لمن يريد وبأي وقت.
ويدعو الاحمد إلى أهمية الحديث الوجاهي بين الاشخاص، في حال ارادوا تناول اي موضوع، خاصة اذا اكتنفته الاهمية والحساسية - مع اخذ كل الاحتياطات الوقائية من كورونا في الحديث المباشر طبعا – داعيا الى عدم كتابة ذلك الموضوع، لان معنى ذلك انك توثق عليك كل ما كتب، حيث تتحول تلك المادة لدليل عليك، في حال اراد الطرف الآخر استخدامها بشكل مؤذ.
وفي ذات السياق، يذكّر الاحمد بتسبب "سكرين شوت" في فقدان احدهم لوظيفته، بسبب ارساله "ايموجي" مبتسمة، عبر "جروب واتساب" في اطار نقاش لانتقاد الشركة التي يعمل ما، حيث اعدت تلك "الايموجي" مناصرة لفحوى الانتقاد. ويلفت الى ان الاحتياط واجب في شتى طرق التواصل الالكتروني، موضحا: حتى لو لم يلتقط احدهم " السكرين شوت" لدردشة كتابية ما، فالنسخة من الكتابة هذه، محفوظة على "السيرفرات"، و" لا نعرف لاحقا من قد يحصل عليها، ومتى، وكيف سيتصرف بها"، بحسب تعبيره.
واشار الى ما يسمي بـ " التقاط الصورة المزيفة"، بطريقة تحايلية، من خلال اتباع العديد من الخطوات الالكترونية عبر الاعدادات، وبامكان الشخص اخراج اي صورة مزيفة لـ" السكرين شوت" وكأنها حقيقية، ما يكشف خطورة انتقاء اي محتوى قد يدين الطرف المستهدف، الذي لا علاقة له اصلا بصورة الشاشة تلك، ولكن تبدو وكانها عائدة اليه، مبينا ان الخبراء في هذا المجال يستطيعون التمييز بين الحقيقي والمزيف منها.
من جانبه، يرى استاذ علم الاجتماع والفكر التنموي الدكتور سالم ساري أن سوء استخدام تقنية" السكرين شوت "هي جزء قائم من اشكاليات استخدام تكنولوجيا التواصل الاجتماعي الحديثة بطرق سلبية، منوها الى ان التعامل مع التقنيات يتطلب توفر أنماط سوية من الثقافة، والأخلاقيات التي تغذي المشاركة في عملية التواصل بمجموعة من القيم والمعايير، وفهم واستيعاب الرموز والمعاني والدلالات المقبولة اجتماعيا.
ويتابع، ان التواصل بين الناس وخاصة الالكتروني منه، يتطلب التحلي بالامانة والنزاهة والحيادية، واحترام خصوصيات الناس، وعدم افشاء اسرارهم او اختراقها للأذية، مشددا على اهمية الحرية والحق في الاتصال والتواصل، ولكن وفقا للمسؤولية الاخلاقية والتزاما بالقوانين المرعية الاجراء في هذا الشأن.
ويتساءل الدكتور ساري: لماذا يتورط احد المشاركين في عملية التواصل التقني في سوء استعمال "السكرين شوت"، مجيبا: غالبا ما يحرّك المتورط بذلك، مجموعة من الدوافع والعوامل، ومن تلك، على سبيل المثال، سعي الطرف المسيء للشهرة المتخيلة، او الشعبية المزعومة بين مجموعته الضيقة "الجروب"، وبين المجموعات " الجروبات" المتنافسة على سبق ما. ويواصل ساري تحليله بشأن اسباب التورط بنقل "السكرين شوت"، ومن ذلك: الرغبة المكبوتة بالإنتقام، وتصيّد الاخبار والاسرار، بقصد الابتزاز والاستفزاز، مع سبق الاصرار على احداث تداعيات الوصمة الاجتماعية واثارة الفتنة والاشاعة.
ويفند ما يمكن عمله في التصدي المجتمعي لتلك الاشكالية التي ربما تبدو للبعض عادية، ولكنها في صميم الامر، من المحتمل ان تتسبب باشكاليات متدحرجة النتائج، فيقول: لا مفرّ من الإدراك ان العالم الذي نعيش فيه اليوم، هو عالم مختلف، ولابد لنا ان نتصرف حيال كل التطورات والاحداث بوعي ومسؤولية.
ولمكافحة الجرائم الالكترونية أولت مديرية الامن العام عناية قصوى من اجل ذلك، عبر وحدة مكافحة الجرائم الالكترونية، والتي تهدف ووفقا للموقع الالكتروني للمديرية الى: "خلق بيئة الكترونية آمنة تتيح لمستخدمي التكنولوجيا والانترنت الشعور بالأمان والراحة بما يحافظ على خصوصيتهم وحقوقهم"، ورسالتها "الوعي والثقافة الالكترونية الامنية في المجتمع وتوديع مرتكبي الجرائم الالكترونية للقضاء بعد التحقيق واثبات وقوع الجريمة وجمع الادله الرقميه وتحليلها".
--(بترا)