البث المباشر
‏مصادر : الشرع يقيم في قصر تميم خلال زيارته لقطر فتية التلال… وحوش مدعومة رسميًا فرض الاستقرار في المنطقة نفوذ الإسلاميين: بين الحظر المحلي والتصنيف الدولي عصر انتشار الكراهية الرقمية الملك عبد الله الثاني: فخر واعتزاز بتواجد النشامى في مونديال 2026 الحاج المختار احمد جميل بخيت الجغبير ابو جميل في ذمة الله ‏السفير الصيني في عمّان: 100 مليون دولار دعمًا لفلسطين في أكبر دفعة بتاريخ العلاقات ‏ تحذير صادر عن إدارة الأرصاد الجوية اليسار التقدمي الديمقراطي الاردني ماذا ينتظر … مهدي منتظر ينقذه قبل أن يحتضر؟ "حينُ يطرقُ الأردنُّ بابَ الأسطورة… بين ميسي والتاريخ" قراءة في سؤال الذات سؤال القصيدة للكاتب والناقد والإعلامي عِذاب الركابي مجمع الملك الحسين للأعمال يوقع مذكرة تفاهم لبناء وتطبيق نظام حديث لادارة مواقف للسيارات قائم على التكنولوجيا المومني: انجاز 25% من خطة المسح الوطني للشباب 2025 جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة تعميم صادر عن الهيئة البحرية الأردنية بشأن الحالة الجوية المتوقعة وتأثيرها على النشاط البحري د. عمّار محمد الرجوب قراءة في سؤال الذات سؤال القصيدة للكاتب والناقد والإعلامي عِذاب الركابي بلدية السلط الكبرى تكثف جهودها للتعامل مع حالة عدم الإستقرار الجوي المؤثرة على المملكة. بلديات تكثف استعداداتها وترفع جاهزيتها تزامنا مع المنخفض الجوي

فرض الاستقرار في المنطقة

فرض الاستقرار في المنطقة
الأنباط -

حاتم النعيمات

منذ اللحظة التي أعلن فيها وجود إسرائيل عام 1948، انحازت الولايات المتحدة نحو تبنّي هذا الكيان بوصفه امتدادًا يخدم مصالحها في الشرق الأوسط. الانحياز هذا أسس لعلاقة عميقة، تداخل فيها الموروث الديني داخل المجتمع الأمريكي (البروتستانتية السياسية) مع الحسابات الحزبية والانتخابية عن طريق لوبي إسرائيلي قوي داخل القرار الأمريكي. هذه الظروف أنتجت مشروع استراتيجي هدفه تثبيت وكيل متفوّق يضمن لواشنطن ما تريد في منطقة.

لكن هذه العلاقة، على تماسكها وقوتها، لم تكن يومًا خارج معادلة المصالح بين الدول؛ ولهذا، فإن أي قراءة هادئة لمسار العلاقات الأمريكية الإسرائيلية يكشف لنا أنها خضعت -شأنها شأن أي علاقة بين دولتين- لمراجعات وحسابات معقّدة عبر العقود.

شهدت مرحلة السبعينيات أول اختبار حقيقي لهذا العلاقة عندما اندلعت حرب أكتوبر 1973؛ واشنطن أعلنت دعمها لإسرائيل بطبيعة الحال، لكنها في الوقت ذاته دفعت القاهرة وتل أبيب نحو مسار تفاوضي قاد لاحقًا إلى كامب ديفيد، هذا التوازن بين الدعم والضغط يعكس إدراك الإدارة الأمريكية وقتها أن استمرار الحرب كان يهدد شراكاتها النفطية مع العالم العربي.

وفي التسعينيات، اختارت الولايات المتحدة لعب دور الراعي للعملية السياسية عبر دعم اتفاق أوسلو، رغبةً في خلق بيئة إقليمية بلا صدامات كبيرة تسمح لها بإعادة ترتيب أولوياتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

لكن التحوّل الأكبر جاء بعد أحداث 11 سبتمبر، حين أعادت واشنطن تعريف الحليف والعدو، ومع هذا التغيير، نالت إسرائيل مساحة أوسع داخل المنظومة الأمنية الأمريكية باعتبارها جزءًا من جبهة مكافحة الإرهاب (إسرائيل تعرف الصراع مع الفلسطينيين على أنه صراع أديان)، وهو توصيف استثمرته تل أبيب لتعزيز موقعها داخل مؤسسات القرار الأمريكي.

اليوم، تبدو العلاقة أمام اختبار مختلف، فالأحداث التي أعقبت السابع من أكتوبر 2023 أطلقت دينامية جديدة؛ إسرائيل قدّمت نفسها لواشنطن على أنها خط الدفاع الأول وفي نفس الوقت ارتكبت جرائم كارثية ضد المدنيين في غزة والضفة، مما وضع الولايات المتحدة في صورتة عالمية سيئة، وتوترات مع حلفائها الأوروبيين، وانتقادات متصاعدة داخل الكونغرس والرأي العام. ومع تزايد الضغط الدولي، بدأت تظهر علامات تؤشر إلى أن سياسة "منح إسرائيل شيكًا مفتوحًا" أصبح خيارًا مكلفًا.

المعادلة الاستراتيجية الأمريكية تتغير، وموازين القوى الدولية تتبدل، وأولويات واشنطن تتحرك باتجاه آسيا، حيث التحدي الصيني يزداد وضوحًا، لذلك فإن تسكين منطقتنا قد يكون خيار الولايات المتحدة القادم وإسرائيل بطبيعة الحال لا ترغب بمنطقة مستقرة.

عدم وجود خصم مباشر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط يمنح الإدارة الأمريكية حرية أكبر في إعادة تشكيل أدوات نفوذها، وقد يشمل ذلك دفع إسرائيل إلى نمط أكثر انضباطًا ينسجم مع الحاجة إلى استقرار إقليمي؛ أي أن استمرار التوترات والحروب بشكل زائد قد يضعف قدرة واشنطن على استخدام المنطقة بوصفها رافعة استراتيجية، ويمنح القوى المنافسة فرصة للنفاذ عبر بوابات الاقتصاد والسلاح والطاقة.

في المقابل، تدرك العواصم العربية أن لحظة إعادة الترتيب قادمة، وأن العودة إلى معادلة الاستقرار قد تكون الخيار الوحيد أمام الجميع: إسرائيل، الولايات المتحدة، والعالم العربي نفسه، فلا يمكن إدارة المنطقة بالاضطراب إلى ما لا نهاية، ولا يمكن تجاهل انقلاب المزاج الدولي الذي بدأ يحمّل تل أبيب مسؤولية الأزمة المستمرة.

باختصار، العلاقة الأمريكية الإسرائيلية ليست على وشك الانفصال، لكنها بالتأكيد تدخل طورًا جديدًا، طورًا يجعل المصالح الأمريكية لا الرغبات الإسرائيلية هي التي تحدد حدود الحركة، وهذا سيفرض في وقت ما على إسرائيل أن تعيد حساباتها إذا أرادت تجنب الوقوف وحيدة في مواجهة محيطها.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير