البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

أين تبخّر 1125 سؤالاً نيابياً؟

أين تبخّر 1125 سؤالاً نيابياً
الأنباط -

د. عامر بني عامر

في الحياة البرلمانية، هناك لحظات لا تحتاج إلى ضجيج كي تكشف خللاً عميقاً. يكفي رقم واحد فقط ليفتح باب الأسئلة كلها: 1125 سؤالاً نيابياً طُرحت في الدورة الماضية، لم يوضع منها إلا 65 سؤالاً على جداول الأعمال ونوقش منها 43 سؤالاً فقط، لا مبالغة هنا، ولا تجنٍّ على أحد؛ الأرقام وحدها تتحدث، وما تقوله واضح: هناك جهد كبير يُبذل… لكنه يضيع في الطريق.

لا أحد ينكر أن النواب اجتهدوا في تقديم الأسئلة، وأن الوزارات بذلت جهداً مضاعفاً في الإجابة عليها، وبعض الردود احتاجت مئات الصفحات وفرقاً كاملة من الموظفين لجمع البيانات وتنسيقها. هذا كله رأسمال رقابي مهم، لا يجوز أن يضيع بين ازدحام الأسئلة وتراكم الملفات وفوضى الأولويات. فالرقابة ليست في كتابة السؤال، ولا في إرسال الإجابة، بل في المسار الذي يُفترض أن يبدأ بعد ذلك: النقاش، المتابعة، والمساءلة.

مع بداية الدورة الثانية، يعود السؤال الأكبر إلى الواجهة: ما مصير تلك الأسئلة التي لم تُناقش؟ هل تبدأ دورة جديدة من الصفر؟ هل تُرحَّل؟ هل تُرتَّب ضمن محاور رقابية؟ أم نتركها للزمن كي تُطوى كما طُويت الأسئلة في دورات سابقة؟ لا يوجد جواب واضح، وهذا بحد ذاته مشكلة لا يمكن تجاهلها.

إذا كررنا المشهد كما هو، سننتج في نهاية هذا العام ألف سؤال جديد… وربما عشرات الجلسات التي لا تجد فيها الرقابة طريقها الطبيعي، وهذا لا يخدم أحداً. لا يخدم المجلس الذي يريد أن يعزز ثقة الناس، ولا يخدم الحكومة التي تعمل تحت ضغط المعلومة، ولا يخدم الإدارة العامة التي تستنزف وقتها في إجابات لا تقود إلى أي أثر ملموس.

النظام الداخلي للمجلس يحتاج إلى مراجعة هادئة وجادة، ليس بهدف تقليل الأسئلة أو تضييق أدوات الرقابة، بل لضبط الإيقاع: فرز، ترتيب، جلسات رقابية منتظمة، وأسئلة تُناقش فعلاً لا تُسجَّل فقط، من المهم الانتقال من مرحلة "الإكثار من الأسئلة” إلى مرحلة "تحسين نوعيتها”، ومن الأسئلة المتفرقة إلى الأسئلة المؤطرة ضمن قضايا وطنية واضحة، حتى لا تضيع القضايا الكبيرة في التفاصيل الصغيرة.

حتى الأسئلة التي تحولت إلى استجوابات تحتاج إلى مسار مكتمل، لا أن تبقى حالات فردية بلا أثر مؤسسي، الرقابة أداة أخلاقية وسياسية في آن واحد، ولا يمكن أن تبقى معلّقة بين النوايا والازدحام.

هذه ليست دعوة لجلد المرحلة الماضية، بل فرصة للاستفادة منها، بعد عام كامل، أصبح لدينا ما يكفي من التجربة والدروس لنعيد ترتيب البيت الرقابي، الأسئلة النيابية يمكن أن تكون أفضل أدوات البرلمان، إذا أحسنّا استخدامها، ويمكن أن تتحول إلى عبء إذا بقيت بلا مسار واضح.

المطلوب اليوم ضبط البوصلة قبل أن نبدأ عاماً جديداً بسجل آخر من الأسئلة التي تتراكم ثم تتبخر، فالثقة بالبرلمان لا تُبنى بالعدد، بل بالقدرة على تحويل السؤال إلى نقاش، والنقاش إلى موقف، والموقف إلى أثر.

والأثر، لا السؤال، هو ما يبقى في ذاكرة الناس.


© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير