البث المباشر
الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني اللواء المعايطة يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، ويؤكد على تكامل الأدوار بين المؤسسات الوطنية شكر على التعازي عشائر العجارمة عامة… وعشيرة العقيل خاصة بحث تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعتي عمّان الأهلية وفلسطين الأهلية رئيس عمّان الأهلية يُكرّم الطلبة الفائزين في مسابقات وطنية جاهة ابو عوض والقاسم .. دودين طلب وأبوالبصل أعطى البيت العربي في مدرسة الروم الكاثوليك احتفاء بيوم اللغة العربية

هل ينتهي صراع الجنرالات بتقسيمٍ وظيفي للسودان؟

هل ينتهي صراع الجنرالات بتقسيمٍ وظيفي للسودان
الأنباط -
 تشهد الساحة السودانية اليوم مرحلةً مفصلية تجاوزت حدود الصراع التقليدي على السلطة، لتلامس جوهر بقاء الدولة ووحدتها. فالتحولات الميدانية الأخيرة، خصوصًا في إقليم دارفور، أفرزت واقعًا جديدًا على الأرض بعد ترسيخ سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق واسعة. لم يكن سقوط الفاشر مجرد نكسة عسكرية للجيش السوداني، بل شكّل نقطة تحول في ميزان القوى، إذ باتت المكاسب الميدانية ورقة ضغط تفاوضية محتملة للدعم السريع، تُغنيها عن المسار السياسي التقليدي وتدفعها إلى مواصلة الرهان على الحسم العسكري.

هذا التحول يعكس قناعة الطرفين بأن التعبئة العسكرية باتت أداةً أكثر فاعلية من الدبلوماسية، ما يدفع البلاد نحو استنزافٍ طويل الأمد.
تستمد قوات الدعم السريع قدرتها على الصمود من عاملين رئيسيين: اقتصاد الحرب والعمق القبلي العابر للحدود. فالذهب الذي تسيطر عليه في مناجم دارفور يمثل شريانها المالي الرئيس، يوفّر لها العملات الصعبة لتأمين الأسلحة والإمدادات دون رقابة دولية تُذكر. وفي المقابل، يمنحها الولاء القبلي — خاصة من عشائر كبرى كالرزيقات — دعمًا بشريًا وميدانيًا متينًا، ويؤمّن لها خطوط إمداد تتجاوز الحدود الإقليمية. هذا التكوين منحها قوة موازية للدولة وأضعف قدرة أي تسوية سياسية لا تعترف بهذا الواقع.

لكن هذا التفوق الميداني لا يخلو من أثمانٍ باهظة. فقد تحوّل في بعض المناطق إلى وسيلة لإعادة تشكيل البنية السكانية عبر الاقتتال العرقي المنظم، كما حدث في غرب دارفور. هذه الممارسات تجاوزت هدف السيطرة العسكرية لتصبح أداة لفرض واقع ديموغرافي جديد يُقصي المكونات غير الموالية، ما يهدد النسيج الاجتماعي ويجعل استعادة الدولة المدنية الموحدة أمرًا بالغ الصعوبة في المدى المنظور.

دبلوماسيًا، تواجه المبادرات الإقليمية والدولية مأزقًا حقيقيًا أمام موازين القوى الجديدة. فتمسّك الجيش بشروطه الصارمة يقابله شعور الدعم السريع بتفوّقٍ ميداني يحرره من الضغوط التفاوضية. ونتيجة لذلك، تزداد المسافة بين الطرفين، وتغيب القوى المدنية القادرة على كسر هذا الاحتكار المسلح للمشهد السياسي. ومع استمرار تمركز الجيش في الشمال والشرق مقابل سلطة أمر واقع للدعم السريع في الغرب وأجزاء من الوسط، تتشكل تدريجيًا حدودٌ غير معلنة بين كيانين متنافسين — ما يشبه "تقسيمًا وظيفيًا” حيث يحتفظ كل طرف بإدارته وأجهزته ضمن دولة واحدة اسمًا، من دون وحدةٍ فعلية في القرار أو المؤسسات.

في ظل هذا الانقسام، يصبح خطر تفكك السودان أكثر واقعية من أي وقت مضى. فاستمرار الحرب بموارد الذهب والدعم الخارجي، إلى جانب الانقسام القبلي، يعمّق الاستقطاب ويقوّض فرص التعايش الوطني. ومع ذلك، لا تزال هناك نافذة ضيقة للأمل: يمكن للمجتمع الدولي، إن استخدم أدوات ضغط حقيقية لتجفيف مصادر تمويل الحرب وفرض رقابة ميدانية فعالة، أن يمهّد الطريق لاستعادة العملية السياسية.

إن مستقبل السودان يتوقف على قدرة القوى الإقليمية والدولية، ومعها النخب المدنية، على تحويل ميزان "السلطة بالقوة” إلى توازنٍ للنفوذ تحت مظلة الدولة. فإما أن تُستعاد الدولة الموحدة عبر تسوية شاملة، أو أن يدخل السودان مرحلة من "التقسيم الهادئ” تُعيد رسم خريطة المنطقة برمّتها.

 كتب محسن الشوبكي
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير