البث المباشر
ولي العهد يطمئن على صحة اللاعب يزن النعيمات هاتفيا الأردن يدين مصادقة اسرائيل على إقامة 19 مستوطنة في الضفة مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي العجارمة والعمايرة والرحامنة والنجار وأبو حسان المهندس محمد خير محمود داود خلف في ذمة الله "حين تُنصف الدولة أبناءها التوجيهي الأردني 2007 بين عدالة القرار وكرامة الفرصة" دبلوماسية اللقاء والعبور: قراءة في حركة السفير الأمريكي ودورها في النسيج الأردني البنك الإسلامي الأردني يحصد جوائز مرموقة من مجلة (World Finance) للعام 2025 أمين عام وزارة الاتصال الحكومي يعقد لقاءات ثنائية في قمة "بريدج 2025" حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام المنطقة العسكرية الشرقية تحبط 4 محاولات تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة الأمن العام : ندعو كل من يمتلك مدفأة من المتعارف عليها باسم الشموسة وبكافة أنواعها بإيقاف استخدامها على الفور وأخذ التحذير على غاية من الأهمية الخارجية النيابية" تدين بشدة اقتحام مقر "الأونروا" في الشيخ جراح فوضى مواقع التواصل الاجتماعي، نداء استغاثة! النشمية الأردنية "د.جهاد الحلبي" تحصل على جائزة إرث علماء التمريض عبر الثقافات ‏بذور الفتنة تنبُت ، فمن يغذيها ؟!!! 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا زين كاش تُطلق حملة استقبال العام 2026 للفوز بـ 2026 دينار غزة: استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال في جباليا 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا طلب غير مسبوق ومتزايد على تذاكر بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026 ك بلغ خمسة ملايين طلب تذاكر خلال 24 ساعة فقط

ما بعد الحرب... حين تعود الروح إلى غزة

ما بعد الحرب حين تعود الروح إلى غزة
الأنباط -

لم تكن الحرب في غزة مجرّد معركةٍ بين نارٍ وحديد، بل امتحانًا لروح الإنسان حين يُحاصر في جسده، ويُختبر صبره أمام قدرٍ يتواطأ فيه العالم بالصمت.
في اللحظة التي انطفأت فيها آخر قذيفة، لم تُطفأ النار في القلوب، بل اشتعلت من جديد بلونٍ آخر؛ لون الشغف بالحياة.
عاد الأذان من بين الركام يُنادي على قلوبٍ عرفت أن السلام ليس غياب الحرب، بل حضور العدالة.
ها هي غزة تنهض من رمادها كما ينهض طائر الفينيق من موته، ترتّب أنفاسها المبعثرة، تزرع بين أنقاضها بذورَ أملٍ جديد، وتعلّم العالم مجددًا أن البقاء بعد الفناء نوعٌ آخر من البطولة.
عودة الروح واللقاء على أرصفة المدينة التي تشبّعت بالدخان والدم، بدأت أولى مشاهد الحياة.
أمٌّ تعانق ابنها الأسير وقد عادت أنفاسها بعد غيابٍ طويل، وأطفالٌ يركضون نحو الضوء كما لو أن السماء فُتحت من جديد.
الرجال الذين حملوا نعوش الأمل عادوا يحملون زهورًا وأحلامًا صغيرة، والنساء اللاتي بكين طيلة الحرب بدأن يرسمْن وجوه الغد على جدرانٍ ما زالت تنزف.
المدينة التي كانت تحتضر كل مساء، بدأت تتنفس في الصباح، كأنّ الهواء نفسه نجا من المقصلة. البيوت لم تُبنَ بعد، لكنّ القلوب بُنيت. والناس، رغم الجراح، يتحدّثون عن الغد دون أن يرتجفوا من الخوف.
إنها غزة، التي لا تموت، بل تُعيد تعريف معنى الحياة كلّما اقترب منها الفناء.
يبقى السؤال معلقًا في سماء التحليل:
هل يمكن لوعدٍ إسرائيلي أن يُصدَّق؟
يبدو السؤال بسيطًا، لكنه في جوهره اختبارٌ للوعي الإنساني قبل أن يكون موقفًا سياسيًا. فالتاريخ علّمنا أن إسرائيل لا تفي إلا بما يخدم مصالحها، وأنّ السلام في قاموسها ورقةٌ مؤقتة تُطوى عند انتهاء المؤتمرات.
ومع ذلك، فإننا لا نُغلق الباب، لأننا نُدرك أن العالم تغيّر، وأنّ صوت الضمير بات أعلى من صمت السلاح.
لكنّنا لا نُسلم القلب قبل أن نرى اليد تمتدّ فعلًا لا قولًا، فالثقة لا تُمنح بالكلمات، بل تُكتسب بالأفعال. وما نراه اليوم ليس نهاية الحرب، بل بداية حربٍ أخرى: حرب الوعي، حرب الصبر، حرب إعادة بناء الإنسان الفلسطيني الذي أُريد له أن ينسى، لكنه اختار أن يتذكّر ليبقى.
فالسياسة، في جوهرها، ليست صراعًا على السلطة فحسب، بل امتحانٌ أخلاقيّ في وجه المصلحة. أن تفهم عدوّك لا يعني أن تكرهه، بل أن تُدرك عمق خوفه منك، لأن من وُلد في الرماد لا يخشى النار، ومن جرّب الموت لا يهاب الحياة.
وفي خضمّ هذا المشهد المليء بالتحوّلات، يسطع الموقف الأردني كصوت العقل والضمير.
فالعالم أجمع أشاد بموقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين — الرجل الذي حمل في صوته وجع الفلسطينيين، وفي كلماته ضمير الأمة.
هو من قال للعالم إنّ السلام ليس ترفًا سياسيًا، بل واجبٌ إنسانيّ، وإنّ حماية المدنيين ليست بندًا تفاوضيًا، بل قانونٌ أخلاقيّ لا يسقط بالتقادم.
لقد أثبت جلالته أنّ الحكمة لا تعني الحياد، وأنّ القوة لا تُقاس بالحديد بل بثبات الموقف، فكان صوته نداءً للعالم لإيقاف نهر الدماء، وصورته عنوانًا للقيادة التي تتقدّم الصفوف لا بالكلمات، بل بالفعل.
الضوء الأخير ، في لحظةٍ ما بعد الحرب، حين خمد صوت المدافع، سمع الناس أصواتهم من جديد.
كانت الأرض تُتمتم كأنها تسترجع ذاكرتها، وكانت السماء تبكي مطرًا يشبه الاعتذار.
هناك، في أقصى الركن من غزة، طفلٌ يكتب على جدارٍ مهدّم: "ما زلتُ هنا".
ذلك الحرف وحده كان معجزة؛ لم يكن يكتب عن النصر، بل عن البقاء.
في عينيه بريقٌ لم تنطفئه الحرب، وفي أنفاسه شهيقُ الحياة الذي يُكذّب فكرة الفناء.
الضوء الأخير ليس شمسًا في الأفق، بل هو ما يشتعل داخل الإنسان حين يُدرك أن الحياة لا تُمنح، بل تُنتزع من بين أسنان الغياب.
إنه وعيٌ جديد يولد من رحم الألم ليقول: "أنا لست نهاية الحكاية، بل بدايتها”.
غزة اليوم لا تحتفل بالنصر، بل بالحياة.
لقد ربحت ما هو أثمن من الحرب: ربحت قدرتها على الصمود.
من بين الركام خرجت لتقول للعالم: أنا لست حطامًا، أنا ذاكرة الأرض.
ولعلّ في هذا الفجر، فجر ما بعد الحرب، تُدرك الإنسانية أن النصر لا يُقاس بالمساحات، بل بما تبقّى من الإنسان في وجه الكارثة.

فلتكن هذه الهدنة بدايةً جديدة، لا لتوقيع الأوراق، بل لتصحيح البوصلة.
فالحرب تُطفئ المدن، لكنها لا تستطيع إطفاء الروح، لأن الحرية لا تُعطى، بل تُنتزع بكرامةٍ ودمٍ وإيمانٍ لا يموت.

واللهُ فيكِ يُعيدُ الفجرَ إن خانَ الرّدى
حين ينجو الإنسان من الحرب دون أن يفقد قدرته على الحب، يكون قد انتصر على أكثر من عدوٍّ واحد؛ انتصر على الموت، وعلى الخوف، وعلى نفسه."
السلام الحقيقي لا يولد من اتفاقٍ على الورق، بل من يقظة الوعي في صدورٍ أرهقها الوجع، فقررت أن تحب الحياة رغم خياناتها."
واختم بابيات شعريه
يا غزةَ الروحِ يا نجمًا على الأفقِ بدا
رغمَ الجراحِ، أراكِ النورَ إن غابَ المدى
من ذا يُطفّئُ فيكِ الحلمَ إن وُلدَ الدجى؟
واللهُ فيكِ يُعيدُ الفجرَ إن خانَ الرّدى


✒️ بقلم د. عمّار محمد الرجوب
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير