البث المباشر
محادثات برلين الأمريكية–الأوكرانية تحقق تقدماً كبيراً تركيا: توقيف شخصين بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها في إسطنبول الارصاد :منخفض جوي يؤثر على المملكة وأمطار متوقعة وتحذيرات. هل يفعلها الرئيس؟ حادثة تدمر وتبعاتها على الحكومة السورية الانتقالية. حسين الجغبير يكتب : متى نتعلم الدرس جيدا؟ الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني

مشروع E1 إلى الواجهة مرة أخرى: القيمة في التهديد وليس التنفيذ.

مشروع E1 إلى الواجهة مرة أخرى القيمة في التهديد وليس التنفيذ
الأنباط -

حاتم النعيمات

تستمر حكومة نتنياهو بالتهديد بتنفيذ مستعمرة E1 التي توصف على أنها الضربة القاضية لأي دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا على أرض الواقع، ففي 20 آب الفائت، أقدمت الحكومة الإسرائيلية على المصادقة النهائية على بناء ما يقارب 3,400 وحدة سكنية شرق القدس ضمن مستوطنة "معاليه أدوميم"، رغم الإدانات الدولية والتحذيرات غير المسبوقة

لكن لهذا المشروع حسابات سياسية داخلية لنتنياهو، إذ يستخدم مثل هذه المشاريع المتطرفة كغراء ليحافظ على تماسك حكومته اليمينية المتطرفة من خلال مجاملة شخصيات مثل "سموتريتش" و "بن غفير"، ونتنياهو يدرك أن أي تجاوز لتحالفاته مع هذين الوزيرين قد يعني النهاية لمسيرته السياسية، ولذلك يغامر بخطوات استيطانية وهو يعلم جيدًا أنها ستؤدي إلى المزيد من العزلة لإسرائيل على الساحة الدولية خصوصًا العربية والأوروبية.

المشروع لن يغير واقع الضفة الممزق من ناحية الجغرافيا، لكنه التهديد بتنفيذه يحمل مكاسب كثيرة لنتنياهو، لأن المشروع ليس جديدًا بل مطروح منذ عقود، وخطورته -إن نُفّذ- تكمن في أنه لا يستهدف فقط تثبيت مستوطنة جديدة، بل يسعى إلى قطع أوصال الضفة الغربية عبر الفصل بين شمالها وجنوبها، إضافة إلى عزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني. هذا يعني أن إسرائيل لا تتعامل مع فكرة الدولة الفلسطينية إلا بوصفها "تهديداً" يجب مجابهته عبر الوقائع الميدانية مثل الاستيطان الكثيف، ومصادرة الأراضي، والمضايقات اليومية على السكان لدفعهم إلى تقليص وجودهم الديموغرافي.

لكن، على الصعيد الدولي، ورغم كل ما تمتلكه إسرائيل من أدوات ضغط وتحالفات، فإن مشروع E1 مرشح لأن يكون نقطة تحول سلبية جدًا في صورتها الخارجية المهشمة من الأساس ، فالإدانات التي صدرت من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول عربية وازنة مثل الأردن ومصر والسعودية والإمارات، لا يمكن اعتبارها مجرد بيانات، بل هي عملية تراكم للفعالية الديبلوماسية والسياسية في وجه كيان تمرّد على جميع الأعراف، لذلك فالخسائر على مستوى العلاقات الدولية ستتعاظم بالنسبة لتل أبيب، خاصة في ظل تقاطع مصالح أوسع بين أوروبا والعالم العربي، الذي يأتي في خضم مراجعة أمريكية عابرة لأدارة ترامب لسياسة الشيك المفتوح التي يوفرها واشنطن.


من بين الأطراف الأكثر قلقاً من مشروع E1 يبرز الأردن، ليس فقط لقربه الجغرافي واتصاله التاريخي بالقدس، بل لأن المشروع يهدد كيانه وهويته وتركيبته السكانية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وجوهر القضية الفلسطينية.

مع ذلك، يجد الأردن سنداً له في الموقف الأوروبي المتصاعد؛ فقد عبّر الاتحاد الأوروبي ودول مؤثرة مثل ألمانيا وفرنسا عن رفض واضح للمشروع، مؤكدة أنه يقوّض أي إمكانية لسلام عادل، ويخالف القوانين الدولية. وهذا الموقف الأوروبي لا يقتصر على التصريحات، بل بدأ يأخذ شكلاً من أشكال الضغط العملي على إسرائيل، سواء عبر مراجعة اتفاقيات الشراكة، أو عبر إعادة صياغة المساعدات والتعاون الاقتصادي.

هنا تبرز فرصة كبيرة أمام الأردن لتوسيع زاوية التحرك الدبلوماسي، من خلال بناء تحالفات أعمق مع أوروبا، وورفع مستوى تنسيق المواقف مع دول عربية. هذه اللحظة قد تكون مناسبة لعمّان لتؤكد دورها كجسر بين العالم العربي وأوروبا، خصوصاً في وقت يشهد فيه العالم انخفاضًا واضحًا في الإئتمانية السياسية الأمريكية بعد تقلبات القرار الخارجي الذي بدأ منذ مطلع الربيع العربي الذي تخلّت فيه واشنطن عن أهم حلفائها، وبعد تراجعها عن الاتفاقية النووية مع إيران وغيرها من التراجعات والخداع.

الموقف الأميركي الأخير اكتفى بالتحذير من "تقويض حل الدولتين”، لكنه لم يترافق مع خطوات عملية أو تهديد بإجراءات عقابية، ما أعطى نتنياهو وحكومته فسحة أكبر للاستمرار في توسيع الاستيطان لكن في المقابل تبنّت أوروبا خطاباً أكثر حدة، حيث اعتبرت برلين وباريس ولندن بروكسل أن المشروع لا يمثل مجرد بناء عشوائي، بل محاولة لإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية من الأساس. هذا التباين بين الخطاب الأميركي المتردد والموقف الأوروبي الصلب يعكس فجوة آخذة في الاتساع، خصوصاً مع تراكم الخلافات حول ملفات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا والتزامات الناتو والعلاقة مع روسيا والصين.

بالنسبة لإسرائيل، هذه الفجوة في العلاقات قد تحمل أبعاداً استراتيجية خطيرة، فهي (أي إسرائيل) وإن كانت تعتمد بشكل رئيسي على الدعم الأميركي السياسي والعسكري، إلا أن العلاقات الاقتصادية والتجارية مع أوروبا تظل شرياناً حيوياً لا يمكن الاستغناء عنه ببساطة.

بذلك، يمكن القول إن مشروع E1 لا يُعيد تشكيل الجغرافيا فحسب، بل يُعيد أيضاً صياغة المشهد الدبلوماسي حول إسرائيل؛ فهو يفضح عجز واشنطن عن فرض أي سقف على سياسات نتنياهو، ويُبرز استعداد أوروبا لملء هذا الفراغ من خلال تبني مواقف أكثر صرامة، ولكم أن تتخيلوا أن إسرائيل كسبت جغرافية إضافية في الضفة الغربية وخسرت علاقاتها ومظلميتها أمام العالم.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير