البث المباشر
تحرير الفضاء العام الأردني. فزّاعة "القواعد الأميركية" في الأردن! الاردن يدين الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له قوات سورية وأميركية في سوريا ولي العهد يطمئن على صحة اللاعب يزن النعيمات هاتفيا الأردن يدين مصادقة اسرائيل على إقامة 19 مستوطنة في الضفة مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي العجارمة والعمايرة والرحامنة والنجار وأبو حسان المهندس محمد خير محمود داود خلف في ذمة الله "حين تُنصف الدولة أبناءها التوجيهي الأردني 2007 بين عدالة القرار وكرامة الفرصة" دبلوماسية اللقاء والعبور: قراءة في حركة السفير الأمريكي ودورها في النسيج الأردني البنك الإسلامي الأردني يحصد جوائز مرموقة من مجلة (World Finance) للعام 2025 أمين عام وزارة الاتصال الحكومي يعقد لقاءات ثنائية في قمة "بريدج 2025" حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام المنطقة العسكرية الشرقية تحبط 4 محاولات تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة الأمن العام : ندعو كل من يمتلك مدفأة من المتعارف عليها باسم الشموسة وبكافة أنواعها بإيقاف استخدامها على الفور وأخذ التحذير على غاية من الأهمية الخارجية النيابية" تدين بشدة اقتحام مقر "الأونروا" في الشيخ جراح فوضى مواقع التواصل الاجتماعي، نداء استغاثة! النشمية الأردنية "د.جهاد الحلبي" تحصل على جائزة إرث علماء التمريض عبر الثقافات ‏بذور الفتنة تنبُت ، فمن يغذيها ؟!!! 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا زين كاش تُطلق حملة استقبال العام 2026 للفوز بـ 2026 دينار

المسافة الكبيرة بين الواقعية والمثالية تجرح الرواية أيضًا.

المسافة الكبيرة بين الواقعية والمثالية تجرح الرواية أيضًا
الأنباط -

حاتم النعيمات

صحيح أن من حق أي مسؤول سابق أن يقدم رأيه وملاحظاته في الشأن العام بسبب ما يملكه من خبرة واطلاع على التفاصيل، وصحيح أيضًا أن التوثيق التاريخي أو كتابة المذكرات يُعَدّ من أكثر الفنون الأدبية التي تحتاج إلى موضوعية ودقة في النقل، لكن الدقة في النقل تعني أيضًا أن يُغطَّى الحدث من جميع جوانبه، فليس من المقبول أن تُمارَس الموضوعية والأمانة في النقل في نصف الحقيقة، وأن يُخفى النصف الآخر كليًا لأن الموضوعية فيه لا تخدم المتحدث.

لا بد لنا في الأردن أن ندرك أن مؤسساتنا الأمنية والعسكرية مهمة بشكل يتجاوز دورها المتعارف عليه في الكثير من الدول الأخرى، فهذه المؤسسات لا تستطيع أن تبقى في محدودية التعامل الفني البحت مع واقع إقليمي مضطرب، ولا مع خارطة سياسية ينخرها الارتباط بالخارج. نعم، فالمطالبة بالفنّية والمهنية تحتاج – على أقل تقدير – أن تكون الخارطة السياسية محلية بالكامل، لكن الواقع يقول إن هذه "المحلية” غير موجودة في الأردن لغاية اليوم، بل إنها صعبة المنال بتقديري بسبب تأثُّر الداخل بالبؤر الساخنة التي تحيط بنا، واهمها ذلك الاحتلال الذي يطمح بمثابرة إلى ترحيل أزماته إلى ساحتنا يوميًا.

لذلك، لا يمكن تجنُّب تداخل العمل الاستخباري والأمني مع السياسي في الأردن، لأن الأمني يقدم الرأي الفني الضروري من منطلقات قد لا يدركها السياسي في ظل تزاحم المتغيرات وكثافة الأحداث في المنطقة والداخل. فالسياسة العامة الأردنية لا تملك ترف القفزات الواسعة ولا الارتجال، وتحتاج لحسابات دقيقة تشمل جميع الجوانب وأولها الأمني. هذه بلد يشكل الاستقرار رأس مالها الأساسي والأهم.

يعتقد البعض أن هذا التداخل بين الأمني والسياسي هو أساس مشاكل الدولة، بل ويطالب الليبراليون والإخوان وجزء من اليسار صراحةً بحياد الأمني أمام السياسة، ظنًا منهم أن ذلك يمثل وصفة سحرية لحل جميع المشاكل. وفي هذا الطرح انفصال عن الواقع وعدم إدراك قد يصل أحيانًا إلى مرحلة الخبث السياسي الذي يهدف إلى تقليم أظافر الدولة للوصول إلى السلطة، بنية رهن القرار لمشاريع عابرة للحدود تزدري المصالح الوطنية.

على مستوى الأفراد، هناك مشكلة لدى بعض السياسيين في الأردن تتمثل في أنهم واقعيون حد الاستسلام أثناء وجودهم في المناصب العامة، ومثاليون حد "اليوتوبيا” بعد خروجهم منها، ولدي قائمة طويلة من المسؤولين الذين أظهروا هذا الفرق الهائل بين الحالتين. أقصد أننا أمام ظاهرة وليس حالات فردية.

وإذا كنا نبحث عن مقياس لهذه الظاهرة، فما علينا إلا أن نقرأ توقيت "الرغبة بالبوح" التي تصيب بعض مسؤولينا؛ فمن وجهة نظر المثالية لا يمكن "تأخير الاحتجاج” على أي فعل منافٍ للمبادئ إلى أن تحين فرصة الكسب الأكبر!!، ومن ناحية الواقعية فالأصل أن بقاء المسؤول في منصبه عندما اضطر إلى التعامل مع ما ينافي مبادئه هو إقرار بالضرورة التي تبيح ما يراه محظورًا. لذلك، فإن المسافة الزمنية الكبيرة بين معايشة الفعل المنافي و”البوح” بتفاصيله لاحقًا لا يمكن فهمها إلا من باب الرغبة بحمل كل "البطيخات” في آن واحد.

لا يمكن قياس كفاءة الدور الأمني في الأردن إلا بأداة قياس محلية، وبوحدة قياس تناسب إيقاع ونوعية الأزمات التي تحيط به وتؤثر عليه. فكما أن المؤسسات الأمنية لها أهمية أكبر من دورها الطبيعي بحكم الظرف، فإن أفرادها أيضًا يقومون بواجباتهم بشكل يتجاوز المكاسب وحسابات الربح والخسارة بدافع ارتباطهم بأرضهم ووطنهم، لذلك، ستبقى الثقة كبيرة في مؤسساتنا الأمنية والعسكرية من باب أن النتائج والأفعال أصدق بكثير من تفاصيل الطرائق والتبريرات.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير