البث المباشر
"مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة مديرية الأمن العام تطلق خدمة “التدقيق الأمني للمركبات” عبر الرقم الموحد "117111"

غزة تجوع.. والعالم يتظاهر.. والنتن يتوعد بلاد الشام

غزة تجوع والعالم يتظاهر والنتن يتوعد بلاد الشام
الأنباط -

د. أيوب أبودية

تجويع الشعوب ليس حادثًا عابرًا في تاريخ الاستعمار، بل أداة قمع قديمة يعاد استخدامها اليوم ضد غزة. فمنذ أكثر من عشرين شهرا وأهل القطاع يعيشون حصارًا مزدوجًا: قصفًا يحصد الأرواح، وتجويعًا ينهك ما تبقى من الحياة، يضاف الى حصار استمر لعقود وتهجير منذ النكبة.

الأطفال يبحثون عن كسرة خبز، والنساء يقتسمن ما توفر من لقيمات، والمسنون ينامون على جوع لايثار ابنائهم على أنفسهم، فينهش الوهن الأجساد وتدمي المعاناة القلوب. لم يعد الحصار مجرد منعٍ للدواء والكهرباء، بل صار خطة مدروسة للإبادة البطيئة، في زمنٍ تُبث فيه صور المأساة مباشرة إلى العالم كله.

وفي الخارج، يهتف الملايين في شوارع نيويورك، لندن، مانشستر، باث، باريس، برلين، سيدني، عمّان وغيرها، مطالبين بوقف الحرب ورفع الحصار. مشهد التظاهر العالمي يعكس يقظة الضمير الإنساني، لكنه يواجه في المقابل صمت الحكومات المتواطئة أو العاجزة أمام نفوذ اللوبيات والدول الكبرى، وهي الحكومات التي تم انتخبت ديمقراطيا. وهذا يفتح الباب للحوار عن مدى أصالة الديمقراطيات الغربية.

العالم يتظاهر، نعم، والكثير من اليهود العلمانيين والمتدينين يدعمون الفلسطينيين، لكن الشعوب لا تملك قرار الحرب ولا أدوات الضغط الكافية، فيما يظل القرار بيد من يرون في غزة ساحة اختبار لأسلحة جديدة ومختبرًا لسياسات الهيمنة والسيطرة على منطقة تحتوي على أكثر من نصف احتياطي العالم من النفط والغاز.

وسط هذه المأساة، يخرج نتنياهو مهددًا بلاد الشام كلّها. يلوّح بتوسيع الحرب إلى لبنان وسوريا والاردن والعراق والكويت ومصر واحتلالها، ويدّعي حماية "أمن إسرائيل" بينما يأمل أن يقيم أمنه على أنقاض مدن عربية محطمة معنويا وجوع شعوب محاصرة.

تهديداته ليست جديدة؛ فمنذ عام 1948 لم تكفّ المؤسسة الإسرائيلية عن استخدام الحرب كوسيلة لإضعاف المنطقة، لكن الجديد اليوم هو أن سلاح التجويع يُرفع علنًا كأداة حرب، في تحدٍّ صارخ للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف التي تجرّم استخدام الحصار ضد المدنيين.

غزة إذن ليست مجرد جغرافيا صغيرة على ساحل المتوسط؛ إنها اليوم مرآة تكشف عجز النظام الدولي، وتفضح ازدواجية المعايير في زمن تُرفع فيه شعارات حقوق الإنسان بينما تُحاصر مدينة بأكملها حتى آخر رغيف.

غزة اليوم هي أيضًا جرس إنذار لبلاد الشام: أن المشروع الذي يبدأ في غزة لا يتوقف عند حدودها، وأن التهديد الإسرائيلي ليس موجّهًا للفلسطينيين وحدهم، بل للمشرق كله. وهذا ما يصرحون به علنا وبوقاحة ولا يخفونه، على الاقل خجلا من الاردنيين والمصريين الذين وقعا معهم اتفاقيات "سلام".

ومع ذلك، يثبت الغزيون مرة تلو أخرى أن الجوع لا يكسر الإرادة، وأن الحصار لا يلغي الهوية. فمن رحم المعاناة يولد الإصرار، ومن وسط الجوع تنبت الإرادة التي تحوّل لقمة الخبز إلى عنوان مقاومة.

إن مسؤولية العالم العربي، ومعه المجتمع الدولي، أن يتجاوزا مرحلة الاكتفاء بالتظاهر أو الاستنكار، إلى فعل حقيقي يوقف الحرب ويرفع الحصار ويفرض حماية إنسانية عاجلة. لا نعلم كيف ولكن السياسيين ينبغوا أن يخرجوا بشيء يقلق الصهيوني. فغزة ليست اختبارًا لصبر أهلها فقط، بل اختبارًا لإنسانيتنا جميعًا.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير