البث المباشر
نمروقة، تتفقد اليوم خدمات القنصلية المقدّمة للجالية الأردنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة. الملك يستقبل وزير الخارجية الصيني ويبحث سبل توطيد الشراكة الاستراتيجية الزعبي تؤكد أهمية الثقافة المؤسسية لتحقيق التميز واستدامة الأداء أورنج الأردن تمنح زبائن خط الخلوي "معاك" وخطوط "الزوار" أشهر مجانية من كريم بلس إطلاق حفل "أرابيلا" الثقافي برعاية مديرية شباب إربد مجلس مفوضي هيئة الاتصالات يزور شركة " كريم " أمنية إحدى شركاتBeyonترعى حفل سفارة مملكة البحرين في عمّان بمناسبة اليوم الوطنيوتعزّز العلاقات الأردنية البحرينية مدافئ الموت … حين تتحول الرقابة إلى شريك صامت في الجريمة "العمل" تبث رسائل توعوية لحث أصحاب العمل على الإلتزام بمعايير السلامة والصحة المهنية في منشآتهم كنيسة العقبة الأثرية: رسالة التسامح والتعايش بعد سبعة عشر قرنًا رئيس الوزراء يستقبل رئيس وزراء جمهورية الهند الذي بدأ زيارة عمل رسمية إلى المملكة إعلان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي/ دائرة التعبئة والجيش الشعبي حين يصير الهامش ملحمة: السخرية كذاكرة للطفولة والفقر ‏وزير الخارجية الصيني : الصين مستعدة للعمل مع السعودية للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة مديرية الأمن العام تحذر من المنخفض الجوي المتوقع مساء اليوم وفد كلية دفاع سلطنة عمان يزور مجلس النواب تجارة عمان تنظم لقاء تجاريا مع وفد من مقاطعة شاندونغ الصينية البنك الإسلامي الأردني يشارك بتكريم خريجي صندوق الأمان لمستقبل الأيتام منتدى التواصل الحكومي يستضيف وزير العمل الثلاثاء وزير العمل يلتقي وفدا من النقابة العامة للعاملين بالبترول المصرية

الماء والطين: أصل الخَلق وبذور الحياة

الماء والطين أصل الخَلق وبذور الحياة
الأنباط -
أ. د. اخليف الطراونة 
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾

[ يس: 77]

هكذا يصوّر القرآن الكريم بداية الإنسان في أضعف صوره، من نطفة في "قرار مكين” كما سماه الله، أي في الرحم، حيث الحفظ والإعداد. وقبل هذه المرحلة، تخبرنا آيات أخرى عن أبينا آدم عليه السلام:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ﴾

[ المؤمنون: 12]

فيجمع الخلق بين الماء والتراب… بين السائل والمادة… بين الحياة والكتلة.

إنها المعجزة الكبرى: أن يُخلق الإنسان من طين، أي من مادة الأرض التي نطأها بأقدامنا، ونبني منها بيوتنا، ونزرع فيها قوتنا، ونُوارى فيها بعد الرحيل. ولو تأملنا هذا التركيب لوجدنا فيه من الدروس ما يزهر في عقولنا ويثمر في سلوكنا.

الطين لا يكون طينًا إلا إذا امتزج بالماء. فالماء هو سرّ الحياة، والطين هو رمز التكوين، وما بينهما تسير الحياة الإنسانية. فكما أن الزرع لا ينبت إلا من طين سُقي بماء، فإن الأخلاق لا تنمو إلا في قلب رُوي بالإيمان والعلم. وكما تحتاج البذور إلى بيئة صالحة لتنبت، يحتاج الإنسان إلى بيئة تربوية حاضنة ومُغذية.

فمن الجانب الاجتماعي، نرى أن الإنسان الطيني لا يستطيع أن يتكبر على غيره؛ لأن أصله من تراب. وكل من على الأرض، مهما بلغ من جاهٍ أو مال أو علم، سيعود إلى التكوين ذاته: طين يذوب في طين. وهنا تتجلّى دعوة الدين إلى التواضع، والتكافل، وعدم نسيان الأصل الواحد.

ومن الجانب التربوي؛ نحن مدعوون لأن نُعيد للناشئة هذه الحقائق في مناهجنا وحواراتنا: أن قيمة الإنسان ليست في غلافه المادي، بل في ما يحمله من فكر وسلوك، وأن التربية الحقيقية تُماثل الزراعة في جوهرها: تحتاج لتهيئة التربة، وريّ الفكر، وانتظار النمو بصبر وعناية. والمربي هو الفلّاح، والمعلم هو الساقي، والطالب هو البذرة القابلة للنماء.

أما من الجانب الفلسفي؛ فإن اجتماع الماء والطين يُمثل التوازن بين الثابت والمتغيّر، بين المادة والروح، بين الجسد والعقل. وبهذا التوازن، يُصبح الإنسان مؤهلاً لحمل الأمانة، والتفكر في ملكوت الله، والسعي في إعمار الأرض.

وفي ظل ما نراه اليوم من تغيّر المناخ، وتناقص المياه، وجفاف الأراضي، تصبح الزراعة ليس فقط قطاعًا اقتصاديًا، بل مرآة لقيمنا وأولوياتنا. فكما نحافظ على الأرض ونرويها، يجب أن نحافظ على عقولنا ونغذيها. الزراعة ليست مهنة، بل رؤية: أن نزرع الخير في الأرض كما نزرعه في الناس، وأن نسقي العقول كما نسقي الحقول.

إن أعظم ما نعلّمه لأبنائنا، أن الله خلقهم من طين، وسوّاهم بيده، ونفخ فيهم من روحه… وأنهم كما يزرعون في الأرض يحصدون في حياتهم. فإذا أردنا بناء أجيال تعرف أصلها، وتحترم بيئتها، وتؤمن بقيمة العمل، فلتكن مناهجنا وأحاديثنا اليوميّة مُنصبّة على هذا التكامل: بين الإيمان والمعرفة، وبين الطبيعة والإنسان، وبين الأصل والمصير.

فلنتذكّر دومًا أننا من ماءٍ وطين… فهل نغرس في نفوس أبنائنا ما يجعلهم يثمرون خيرًا كما تُثمر الأرض حبًّا؟

هذا ما نأمله ونتطلع إليه بثقة ورجاء.

ــ الراي
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير