البث المباشر
الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني اللواء المعايطة يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، ويؤكد على تكامل الأدوار بين المؤسسات الوطنية شكر على التعازي عشائر العجارمة عامة… وعشيرة العقيل خاصة بحث تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعتي عمّان الأهلية وفلسطين الأهلية رئيس عمّان الأهلية يُكرّم الطلبة الفائزين في مسابقات وطنية جاهة ابو عوض والقاسم .. دودين طلب وأبوالبصل أعطى البيت العربي في مدرسة الروم الكاثوليك احتفاء بيوم اللغة العربية

عندما تطفئ النخوة لهب الطبيعة وتشعل ذاكرة العروبة

عندما تطفئ النخوة لهب الطبيعة وتشعل ذاكرة العروبة
الأنباط -


في ريفِ اللاذقية، حيث تهمسُ الأشجار للبحر وتتعانق الظلالُ مع زرقةِ الأفق، اندلعت النارُ لا كحدثٍ عابر، بل كاختبارٍ وجوديٍّ للضمير الإنساني. ففي الثالث من تموز/يوليو 2025، اجتاحت الحرائقُ نحو 15,000 هكتار من الغابات الحراجية والزراعية، تبتلعها ألسنةٌ نَهِمة، مدفوعةً بحرارةٍ تجاوزت الأربعين وريحٍ تهدر كغضبٍ قديم. لم تكن اللاذقية تحترق فقط، بل كانت تستغيث، وكأنّ الطبيعةَ نفسها تنادي من خلف الدخان: "هل من نخوةٍ تُشبه الإنسان؟"

وفي هذا المشهد الرمادي، أشرقت صورةٌ خالدةٌ من العروبة: وفاءٌ لا يعرف تأشيرة، واستجابةٌ لا تنتظر بروتوكولات. فكان الأردن أول من سمع النداء. لم يسأل عن حدود، ولا عن خرائط، بل عبر بقلوب رجاله – رجال الدفاع المدني – كما تعبر النبضاتُ إلى القلب. عبروا من نصيب، لا كضيوف، بل كأشقاءٍ يطفئون النار بأكفّهم، ويرسمون على الرماد ملامح أُخُوَّة لا تحترق.

هنا، لم تكن الاستجابة لنداء طارئ، بل لصرخة هوية. فكما قال جلاله الملك الحسين بن طلال، رحمه الله:
"سوريا لا تحتاج إلى جواز سفر لتدخل قلب الأردني، فالنخوة لا تُختم بالختم الرسمي."
واليوم، يُعيد جلاله الملك الملك عبد الله الثاني المعظم ذات المعنى، حيث تصدر التأشيرات من الحدقة، لا من الحواجز.

في الأذقية، حين كانت الجبال تئن، لم يكن اللهب عدوًا فقط، بل مرآةً تكشف مَن ما زال في عروقه ضمير. لم ينتظر الأردني قانونًا يبيح له القفز نحو الخطر، بل اندفع بغريزة النبل، يدرك أن إطفاء الشجرة هو إنقاذٌ للروح، وأن بقاء الأخ السوري هو بقاءٌ لما تبقّى من إنسانيتنا.

حين يُستبدل الحبر بالنخوة، والورق بالفعل، تتحوّل الحدود من جغرافيا إلى جسور. تسقط الفوارق بين لهجة درعا ولهجة إربد، بين زعتر الشام وسُفرة السلط، لأن الكارثة لا تسأل عن الأصل، بل عن الأثر.

لم يأتِ الدفاع المدني الأردني لإخماد حرائق الأشجار فقط، بل لإيقاظ الجذوة القديمة فينا: أننا حين نتكئ على بعضنا، نكون أكثر قدرة على مواجهة الطوفان. لم يكن جيشًا، بل ذاكرة أمةٍ استجابت حين خرس الجميع. وما أن دخلت مركبات الإطفاء، وتبعتها المروحيات، حتى تبدّلت صورة الحدود: لم تعد فواصل سياسية، بل تواصل إنساني.

وفي المقابل، كانت سوريا تنزف ولكنها لم تنهزم. غرفة طوارئها تنبض، وأجهزتها تسابق الزمن، لتحاصر اللهب الممتد من "قسطل معاف" إلى "نبع المر" وحتى "الجبل العنيف". عشرةُ أيام من المواجهة، كانت فيها الطبيعةُ الخصمَ، لكن الإرادة كانت السلاح.

وأقول أنا
النار تُطفأ بالماء، لكن نار الوفاء حين تشتعل لا يطفئها شيء.
إنها الحرائق التي تُنبت الأشجار من جديد، وتُنبت معها شجرة الإنسان.

من شعري:

تضامُنًا رقّتْ خطانا كأنّها
جُسورٌ من نارٍ لا يكسُرها جَناحُ

في الأذقيهِ لهَبٌ اشتدّ، فلم نتهجّــــمْ
كالريحِ، بل صِرنا الجناحُ والسِلاحُ

حديدُ الذكرى لا يصدأ حين تُطبَع
بطبعٍ من نُشاما، لا بالقَسَمِ يُباحُ

وتظلّ أخوّةُ الأردن وسوريا
نبضَ قارعةٍ لضمائرَ لا تُباعُ

 ✒️ بقلمي :د. عمّار محمد الرجوب
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير