البث المباشر
وزير العدل: سنطور خدمات كاتب العدل بما يسهل على المواطنين ويخدم مصالحهم البتراء: أيّ سحر يسكن الوردة الصخرية؟ إعجاز الزمان والمكان والإنسان الجامعة الأردنيّة ترتدي ثوب الفرح ابتهاجًا بتأهل منتخب النشامى لنهائي بطولة كأس العرب 2025 العودات يحاضر في أكاديمية الشرطة الملكية مركز العدل يختتم مشروع "مسارات بديلة" ويحتفل بشركائه وإنجازاته هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تطلق فعاليات ورشة العمل المتخصصة حول " إدارة الطيف الترددي للاتصالات المتنقلة " رحلة الغاز الأردني بين التهميش والحقائق المثبتة الدفء القاتل: حين تتحول المدافئ في الأردن من وسيلة نجاة إلى حكم إعدام صامت راصد: موازنة 2026 أقرت بنسبة 62٪ من إجمالي النواب اتفاقية تعاون بين " صاحبات الأعمال والمهن" والوكالة الألمانية للتعاون الدولي ألحان ياسر بوعلي ترافق ثامر التركي في وداع ٢٠٢٥ اللسانيات وتحليل الخطاب عمان الأهلية تشارك بمؤتمر الجمعية الأمريكية للنطق واللغة والسمع السفارة القطرية في الأردن تحتفل بالعيد الوطني.. وآل ثاني يؤكد العلاقات التاريخية مع الأردن المنتخب الأردني… طموح وطني وحضور مشرف في المحافل الدولية الكلالدة يحاضر بالأردنية للعلوم والثقافة حول مدينة عمرة من منظور فني شامل. المياه : اتفاقية لاعادة تأهيل محطة تحلية ابار أبو الزيغان بقيمة 36 مليون دولار البلقاء التطبيقية تؤكد ريادتها في التحول الرقمي عبر إطلاق مشروع الفضاء الرقمي الابتكاري الأردن نائبا لرئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب CFI الأردن تحتفي مع الشركاء والإعلاميين بعام من التوسع والإنجازات في فعالية "رواد النجاح"

هل انتهى الصراع الإسرائيلي الأمريكي – الإيراني؟ أم أنه دخل مرحلة الصمت الخادع؟

هل انتهى الصراع الإسرائيلي الأمريكي – الإيراني أم أنه دخل مرحلة الصمت الخادع
الأنباط -

محمد علي الزعبي

قد يُخدع البعض بالهدوء النسبي في الجبهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، خاصة بعد توقف الضربات المتبادلة التي بلغت ذروتها خلال الشهور الأولى من عام 2024 وفي عام ٢٠٢٥ ،لكن هذا الهدوء لا يعني نهاية الصراع، بل يدل على تحوّل خفي في أدواته ومساراته، وإعادة تموضع في موازين التأثير الإقليمي والدولي. فالصراع بين الجانبين لم يكن يومًا تقليديًا، ولم يكن محصورًا بجبهة أو مساحة جغرافية بعينها، بل كان دائمًا صراعًا مركّبًا في مستوياته: أيديولوجي، استخباراتي، أمني، ونفَس طويل في معركة النفوذ. وما نشهده اليوم هو انتقال محسوب من الجبهة العسكرية الصاخبة إلى معركة من نوع آخر، أخطر وأعمق، تستهدف الداخل الإيراني ذاته.

اللافت في هذه المرحلة أن دولًا عظمى بدأت تتبنى خططًا جديدة تستهدف الداخل الإيراني، لا من خلال القصف أو الحرب، بل من خلال زعزعة الأمن الداخلي، وإعادة هيكلة الجبهة الداخلية، عبر إثارة الاحتجاجات، وتحريك الملفات الاجتماعية والعرقية المؤجلة، والتسلل إلى الشقوق القائمة داخل المجتمع الإيراني. فالصراع الذي كان عسكريًا بات الآن يُدار بصمت من خلال أدوات ناعمة: إعلامية، استخباراتية، تقنية، وشبكات تأثير خفيّة. يتم العمل على بناء منظومات إعلامية ومجتمعية معارضة، وإعادة إنتاج تيارات مناهضة للنظام، وتقديم رموز منفية كمشاريع بديلة، أبرزها رضا بهلوي، نجل الشاه السابق، الذي يتم تسويقه مجددًا كخيار مدني معتدل قادر على قيادة مرحلة انتقالية نحو نموذج "إيران ما بعد الثورة".

لم تعد الحرب تُدار من الحدود، بل تُخاض في ساحات العقل الجمعي، في الأحياء والمدارس والأسواق، عبر سرديات متقنة ومنصات عابرة للرقابة، تستهدف فئة الشباب بشكل خاص، وتزرع فيهم مشاعر الرفض والانفصال والتشكيك بالثوابت. الخطاب الجديد الذي تدفع به بعض العواصم الكبرى يتجه نحو تفكيك البنية الفكرية والسياسية الإيرانية من الداخل، دون الحاجة إلى ضربة واحدة، بل عبر موجات ضغط هادئة ومستمرة.

في هذا السياق، فإن إعادة طرح فكرة "الملكية الدستورية" ليست تفصيلًا عابرًا، بل جزء من محاولة غربية لرسم نموذج حكم يتماشى مع مصالحها في منطقة تزداد اضطرابًا. لكن هذه الرهانات، رغم كثافة الدفع خلفها، تبقى محفوفة بالمخاطر، فإيران بتاريخها وتراكم وعيها السياسي ليست بيئة يسهل اختراقها بمشاريع مستوردة، والشارع الإيراني، رغم سخطه المتصاعد، لا يزال منقسمًا تجاه من هم في الخارج، وحذرًا من التجارب التي صنعتها قوى خارجية في المنطقة وانتهت إلى الفوضى أو التفكك.

ما يجري الآن ليس نهاية الصراع، بل هو انزلاق محسوب إلى حرب من نوع آخر، لا تُخاض بالسلاح، بل بالوعي والمعلومة والاضطراب المجتمعي. إنها معركة إعادة تشكيل إيران من الداخل، بأدوات هادئة لكنها شديدة الفاعلية. القصف استُبدل بالمحتوى، والطائرات استُبدلت بمنصات التواصل، والغزو المباشر تحوّل إلى غزو فكري وقيمي منظم.

من يظن أن الصراع الإيراني الإسرائيلي قد طُوي، لم يقرأ المشهد جيدًا. الصراع لا يزال قائمًا، لكنه الآن يكتب فصله الأخطر، حيث تُرسم ملامح المنطقة لا على الورق، بل من تحت الطاولة، وفي عمق المجتمعات المستهدفة نفسها.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير