البث المباشر
محادثات برلين الأمريكية–الأوكرانية تحقق تقدماً كبيراً تركيا: توقيف شخصين بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها في إسطنبول الارصاد :منخفض جوي يؤثر على المملكة وأمطار متوقعة وتحذيرات. هل يفعلها الرئيس؟ حادثة تدمر وتبعاتها على الحكومة السورية الانتقالية. حسين الجغبير يكتب : متى نتعلم الدرس جيدا؟ الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني

إيّاك أن تكون جسراً لأعداء وطنك… الذباب الإلكتروني لا يغرد عبثاً

إيّاك أن تكون جسراً لأعداء وطنك… الذباب الإلكتروني لا يغرد عبثاً
الأنباط -

للكاتب والمحلل الأمني د. بشير الدعجه 

في كل مرة أفتح هاتفي... أجد سيلًا من المنشورات والمقاطع والهاشتاغات تنهال كالمطر… بعضها يثير الألم… بعضها يشعل الغضب… وأكثرها، للأسف، موجّه بإتقان كي يُربك وعيي كمواطن أردني… كمحب لوطني… كمؤمن بثوابته… ومثل كثيرين، أسأل نفسي: من يكتب كل هذا؟ من يصنع هذه المقاطع؟ من يختار هذا التوقيت بالضبط؟ ولماذا نحن المستهدفون بهذا الزخم المرعب؟

أنا لا أكتب كمحلل أمني… ولا كخبير استراتيجي… بل كمواطن عادي يرى بعينه، ويسمع بأذنه، ويتابع بحذر… ويشعر أن هناك من يحاول أن يسرق منه شيئًا غاليًا جدًا… ثقته بوطنه… وبجيشه… وبقيادته… وبنفسه.

في زمن الحرب الرقمية والتزييف المتقن… لم يعد العدو يرتدي الزي العسكري أو يقتحم الحدود بالدبابات… بل صار يتسلل إلينا عبر هواتفنا الذكية… يهمس لنا عبر منشورات مزيفة… ومقاطع مفبركة… وآراء ملوثة بعواطف مغشوشة… ليعبث بالعقول ويهز الثقة ويُشكك في كل ثابت.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، الأردن مستهدف في وعيه… في وعي أبنائه تحديدًا… فمع كل حدث إقليمي… من غزة إلى طهران… من تل أبيب إلى جنوب لبنان… ينبري الذباب الإلكتروني المسخّر والموجّه ليقذف سمومه في عقول الأردنيين… ينشر الأكاذيب الممنهجة… ويصيغ الروايات المغلوطة… بهدف واحد وواضح… تشويه صورة الأردن… وتمزيق ثقته بنفسه وبقيادته وجيشه.

يظن البعض أن ما يُكتب على "السوشال ميديا" مجرد رأي… أو مجرد تحليل… أو حتى نكتة سوداء… لكن الواقع أكثر خطورة… هناك جيوش خفية خلف الشاشات… تنفذ أجندات واضحة… تزرع بذور الفتنة بهدوء… تغلّف الكذب بالصدق… وتقدم الخيانة في علبة وطنية براقة.

الذباب الإلكتروني ليس مجرد حسابات تافهة أو تغريدات غاضبة… إنه منظومة حرب نفسية متكاملة… هدفها نزع الثقة من الأردني في دولته… وزعزعة صورة القيادة الهاشمية في عيون شعبها… وضرب مكانة الجيش العربي والأجهزة الأمنية في الوجدان العام… كل ذلك تمهيدًا لتحويل الأردن إلى ساحة فوضى ناعمة… تبدأ بالتشكيك وتنتهي بالانقسام.

الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل ليست معركتنا… ولا يُفترض أن تُدفع عقول الأردنيين للغرق في رمالها المتحركة… ما يُنشر من محتوى ديني مشحون… أو مقاطع تثير الغرائز الدينية والمذهبية… أو حتى صور أطفال ودماء وحطام… يتم توظيفه أحيانًا بخبث شديد… فقط لإثارة الرأي العام الأردني… وشحنه ضد دولته… ضد قيادته… ضد جيشه… وكأنهم متخاذلون أو صامتون أو خائفون… بينما الحقيقة أن الموقف الأردني هو ميزان العقل بين عرب فقدوا بوصلتهم… وآخرين باعوا كل شيء بثمن رخيص.

أخطر ما نواجهه اليوم ليس فقط الأكاذيب… بل "نصف الحقيقة"… تلك التي تُعرض بذكاء وتقطف من سياقها… وتقدم لجمهور متعب وعاطفي ومشحون… فيُصدقها دون أن يسأل: من وراء هذه الرواية؟ من كتبها؟ من روجها؟ ومن يستفيد منها؟!

نعم… يجب أن نحذر من المقاطع المصنوعة بالذكاء الاصطناعي… من الصور المفبركة التي تُسيء للأردن وتُحرّف مواقفه… من التصريحات الملفقة التي تُبث على لسان مسؤولين أردنيين دون أن يقولوا شيئًا… من تقارير تُصدرها غرف مظلمة تستهدف بلدنا لا أكثر… كل هذا ليس إعلامًا… إنه سلاح.

وفي خضم هذه المعركة القذرة… لا بد أن يبقى الأردني واعيًا… ثابتًا… ملتفًا حول قيادته الهاشمية الحكيمة التي تقود الوطن بحكمة في محيط مشتعل… وحول جيشه العربي الباسل وأجهزته الأمنية التي تحرس الوطن بصمت وكرامة وكفاءة… لا يحتاجون لضجيج ولا استعراض… فقط يحتاجون لظهير شعبي يُدرك أن الأردن مستهدف لا بسبب ضعفه… بل بسبب قوته ووضوح بوصلته.

كل من يُشكك في موقف الأردن… أو يُسيء له باسم الغيرة… أو يستغل مشاعر الناس لزرع الكراهية… هو في صف أعداء الوطن وإن زعم العكس… والوطن اليوم لا يحتاج لصوت مرتفع… بل لعقل واعٍ… ولسند شعبي لا يهتز… ولشعب يميز بين من يحب الأردن ومن يدّعي ذلك لخدمة خصومه.

فلتكن الجبهة الداخلية حصننا الأول… فلتكن وحدتنا أقوى من خطاب الفتنة… ولنتوقف عن منح الذباب الإلكتروني تلك المساحة السهلة في عقولنا وقلوبنا… لأن حماية الوعي اليوم… هي أقدس أشكال الدفاع عن الوطن... وللحديث بقية.

#د. بشير _الدعجه
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير