البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

ما وراء التحركات الإسرائيلية في جنوب سوريا.

ما وراء التحركات الإسرائيلية في جنوب سوريا
الأنباط -

حاتم النعيمات

تتدخل إسرائيل في جنوب سوريا بطريقة فجّة لا يمكن اعتبارها مجرّد امتداد لمواجهاتها مع أذرع إيران التي انقطع دابرها من عموم المنطقة باستثناء اليمن والعراق، ولا يمكن أيضًا تبسيط هذا التدخل على أنه ردة فعل تسعى من خلالها إسرائيل إلى تأمين نفسها، فشكل الحركة في الجنوب لا يوحي بتصديق ما تدّعيه إسرائيل في هذا السياق.

تدور طروحات في أروقة السياسة العالمية عن فرضية عقد معاهدة سلام بين سوريا وإسرائيل -وهناك حديث عن مثيل لها مع لبنان بالمناسبة- يتزامن ذلك مع تصريحات بين وقت وآخر على لسان مسؤولين في النظام السوري الجديد تبدي توددًا مبطنًا أو حتى مواقف ضعيفة أمام الإجراءات الإسرائيلية غير العادية والمتجسدة في احتلال أراضٍ سورية وتحركات عسكرية وصلت إلى تخوم دمشق.

ربما يقول البعض أن الشرع لديه ملفات أخرى في الشمال والشرق والغرب، بالتالي فهو ينظر لملف التدخل الإسرائيلي على أنه ليس أولوية، وهذا الكلام غير منطقي، فالتدخل الإسرائيلي خطير لأنه يحاول فرض النفوذ الجغرافي في الجنوب والغرب وفي العمق باتجاه العاصمة، ويتدخل بالإضافة إلى ذلك في الخارطة الديموغرافية باختلاق فكرة حماية الأقليات مثل الدروز (وربما لاحقًا يتم التذرّع بحماية الأكراد) تحت نفس الذريعة، ومن أوجه خطورة هذا التدخل هو أنه يهدف إلي تدمير البنية التحتية للدولة السورية لتحييدها على المدى الطويل. إذن، فالنظام الجديد في دمشق يبدو أنه لا يدير الأمور بشكل يتناغم مع المصلحة الأردنية والعربية.

باعتقادي أن الإسرائيلي يفتح لنفسه مسارين من خلال هذه الصلافة: المسار الأول، ويتمثل في تثبيت "الإنجازات" العسكرية الإسرائيلية وكل ما تم فرضه بالقوة ضمن توجهات اليمين الحاكم هناك، وهذا يتطلب دفع تكاليف باهظة على صعيد الإدامة العسكرية والعلاقات مع دول المنطقة والعالم، ويتطلب ضمانة لدعم أمريكي عابر للإدارات. المسار الثاني، وهو مسار تعقيد الأمور قدر المستطاع للوصول إلى معاهدة سلام مع سوريا (وربنا لبنان أيضًا) بأقل ثمن سياسي، وأقصد هنا أنها (أي إسرائيل) تطمح لخلق شركاء جدد للسلام ولكن شركاء في حالة ضعف، وهذا المسار الأرجح باعتقادي لأن المفاوضات بين سوريا والولايات المتحدة (بنود ترامب الثمانية) اتجهت للحديث عن سلام مقابل الانسحاب. والأمر ينسحب على مفاوضات لبنان والولايات المتحدة حيث ما زالت إسرائيل تحتفظ بخمس مواقع في الجنوب.

يرتبط تحقيق أي من هذه المسارات بتوجهات الناخب الإسرائيلي وبتركيبة الأحزاب والحكومات القادمة، فاليمين المتطرف الذي يحكم الآن في اسرائيل استطاع أن يفرض واقعًا سياسيًا وأمنيًا جديدًا في المنطقة باستخدام القوة وبدعم أمريكي سخي، لكنه أمام أسئلة عميقة في مواجهة ما بعديات هذا "الإنجاز".

أما توجهات الناخب الإسرائيلي نفسها فهي مرهونة بنتائج المراجعات العميقة التي تجري الآن من قبل معارضين وحقوقيين وأكاديميين مختصين داخل الكيان الإسرائيلي؛ مراجعة شاملة لكل ما حدث قد تغيّر السلوك الإسرائيلي بشكل كبير.

هناك بعد إضافي للمشهد يتمثل في التفاهمات التركية الإسرائيلية على تقاسم النفوذ في سوريا، وهذا البعد مهم ويجب أن يؤخذ بالحسبان لأن السياسة التركية تمتاز بالبراغماتية العالية وبالقدرة على خلق المشاكل وتعميقها للتفاوض عليها لاحقًا؛ لنا في تعامل تركيا مع الملف الليبي مثال واضح. والقصد هنا أن التفاهم التركي الإسرائيلي خطير، والخلاف بينهما خطير أيضًا لأن المواجهة بينهما ستكون عبر وكلاء على قاعدة ديموغرافية.

إذن، لا بد للدول العربية وعلى رأسها الأردن أن تتحرك بشكل أعمق من خلال: أولًا، عملية سحب الذرائع الأمنية من إسرائيل بفرض إدارة عاقلة مقبولة دوليًا في غزة لإنهاء حالة العبث الحالية، بالتزامن مع تقديم الدعم اللازم للحكومتين السورية واللبنانية تحت مظلة خماسية عمّان وبرفع التنسيق مع كافة الدول المعنية وخصوصًا تركيا. ثانيًا، التحرك باتجاه تقوية السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أقصى حدٍ ممكن لمقاومة مشاريع التهجير من الضفة وغزة، لأن ذلك ببساطة إضعاف الأردن ومصر اللتين تعتبران آخر دول الطوق الصامدة والقادرة على إيقاف الغطرسة الإسرائيلية.

باختصار، الأمور إما أن تكون نية إسرائيلية إلى إدامة ما حققته على أرض الواقع بالقوة، أو أن تكون شكل من أشكال الضغط لفرض شروط التفاوض في عملية سلام "محتملة" على سوريا ولبنان ولكن بعد إضعاف هاتين الدولتين، وهذا وضعٌ خطير أيضًا.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير