البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

ضريبة الأبنية والأراضي بمنطق الأزمات السياسية

ضريبة الأبنية والأراضي بمنطق الأزمات السياسية
الأنباط -
المحامية هبة أبو وردة
في لحظات كهذه يواجه فيها الأردن كم هائل من التحولات إقتصادية، ضغوط تمويلية وعلاقات دولية متشابكة، تصبح قراءة القوانين بعين قانونية مجردة، قائمة على مراجعة النصوص وتفحص مدى دستوريتها، سنقع في دوامة الدهشة من الحدية التي يبدو بها ظاهر القانون، لذلك لابد من الجمع بين القانون والسياسة للبحث في ما خلف الأسباب المعلنة، فالقوانين في هذه الأوقات تحديدا تصاغ تحت الضغط الواقع.
ولأن السياسة، على خلاف القانون الذي قوم على مبدأ الثنائية المطلقة بين الصواب والخطأ، تحكم برمادية المشهد الذي تتقاطع فيه المصالح، وتتزاحم فيه الأولويات، في تفكك ما وراء الدوافع التي تتحكم بروح القانون ولا تظهر في حرفية النص.
فمن يقرأ فيه مشروع قانون ضريبة الأبنية، بعيون قانونية بحتة، قد يرى أن مشروع القانون قد كتب بإرادة داخلية خالصة، نصوصه تنطوي على فرض ضريبة تحمل في طياتها جباية مفروضة على الملكية الثابتة، بلا تدرج عادل ولا مقابل مباشر، مما يستنكر معه أثره على المواطن الأردني المرهق أصل من ثقل الظروف الاقتصادية والإجتماعية السائدة في الآونة الأخيرة.
 
أما القارئ السياسي يعي تماما أن هذا القانون ترجمة لحالة طارئة تُدار فيها الدولة بمنطق "الحساب المالي"؛ فصيغ على إثر اختلال التموضع الدولي للأردن بعد سحب التمويل الأمريكي منها، وتصاعد شروط التمويل الدولي، وأن ما سيتم فرضه إذا دخل هذا القانون حيز النفاذ، هو أداة "امتثال مالي تحت الضغط"، تستعاد بها السيولة المحلية ولو على حساب الأمن الاجتماعي، كإشارة حسن سلوك للممولين.
 
دون أن ننكر أن مثل هذا المشروع رغم أنه صيغ تحت الضغط، ومر في نفق الأزمة، ووجه نحو الفئة القادرة على الدفع الظاهري، إلا أنها تحمل المواطن عبء التكيف مع واقع إقتصادي سياسي، لم يكن طرفا فيه.
 
لذلك كان من الأفضل تبني مشروع أقل حدية، يقوم على فكرة عقد إجتماعي سيادي عادل، للتقليل من وقع النصوص على المواطن الأردني كأداة جباية خام وتحويلها إلى آلية تحفيز اقتصادية تشاركية ومن ثم فرض ضريبة حقيقة عادلة، لضمان تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن عن طريق ربط العبء الضريبي بالخدمة والتنمية.
 
وبذلك تتحقق العدالة الضريبية، بمرتكزات أساسية تبنى على ربط الضريبة بدخل المكلف الحقيقي، بدلا من ربطها بقيمة تقديرية سنوية للعقار، إضافة إلى ضرورة إستثناء المنازل المستخدمة للسكن الشخصي الوحيد، وإعفاء كبار السن والأرامل، والمواطنون دون دخل ثابت، كما سيكون من المجدي والمُرضي وضع سقف نسبي لهذه الضريبة بحيث لا يتجاوز 3% من الدخل السنوي لرب الأسرة أو مُعليها.
كما أنه يجب العمل على تفعيل المشاركة المجتمعية، فالأردن للأردنيين جميعا، والأزمات الوطنية مسؤولية المواطن والمسؤول، مما يتوجب معه إشراك ممثلين عن البلديات والنقابات والخبراء القانونيين في مراحل تشريعه وصياغته، ثم عرض مشروع القانون المقترح لهذا العقد الإجتماعي السيادي العادل على جلسات استماع مجتمعية قبل إقراره، يعقبها مرحلة نشر النصوص النهائية المقترحة على منصة إلكترونية خاصة بهذه المبادرة الوطنية، بحث تكون منصة مفتوحة للملاحظات لمدة محددة قبل التصويت النهائي عليه.
ثم يكمل هذا العقد الوطني في مسيرته نحو إنقاذ الأردن بشفافية مالية، بحيث يتم تخصيص ما لا يقل عن 50% من عائدات ضريبة كل محافظة، في مشاريع تطويرية موثقة للمحافظة ذاتها، مع وجوب إلزامها بنشر تقارير فصلية عن المصروفات والإنجازات، تقدم للجهات المختصة وتنشر عبر منصة إلكترونية تنشأ لغايات الرقابة المجتمعية الإلكترونية.
كما سيكون من المجدي، إنشاء صندوق موازنة إجتماعية، يُمول من ضرائب الشركات الكبرى المتهربة سابقا، وإبتكار الخيار الإنتاجي بدلا من العقابي على المتهربين ضريبيا، بحيث يمنح كل مكلف فرصة إستثمارية كمشروع تطوير حكومي بقيمة الضريبة المترتبة عليه كبديل للسداد، أو تحويل قيمة المترتب عليه إلى أسهم في صندوق بلدي استثماري مشترك.
التغلب على الظروف الإقتصادي الصعبة في ظل الظروف الحرجة، وخاصة في دولة مثل الأردن، قائمة دائما وأبدا على الوحدة الوطنية والانتماء الصادق والولاء الذي لا جدال عليه، لا يجب أن يبنى على حساب ثقة المواطن بل بالشراكة معه، وإلا فإن القراءة السياسية المشهد المأساوي للمواطن الأردني تنذر بإحتمالية تحول مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي إلى ندبة في جسد العلاقة بين الدولة والمجتمع، يصعب مداواتها لاحقا، حتى وإن تحسن الإقتصاد بما يتكفل بعلاجها.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير