وفيات الجمعة 16-5-2025 أجواء حارة في أغلب المناطق اليوم ومغبرة وجافة غدا من داخل القبة: لماذا تفشل الأحزاب في تحويل التمثيل النيابي إلى سلطة رقابية وتشريعية مؤثرة؟ تأثير اللون الأزرق على شهيتك.. كيف يمكن للون أن يغير عاداتك الغذائية؟ كيف يمكن الوقاية من لدغات الأفاعي في فصل الصيف؟ ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة يليه انخفاض طفيف الملك يبحث هاتفيًا مع نائب الرئيس الأمريكي المستجدات بالإقليم والشراكة الاستراتيجية لا تشرب المياه قبل غليها.. تحذير بريطاني بعد اكتشاف خطير السر وراء تجاعيد أطراف الأصابع المبللة مفوض أممي: عودة نصف مليون لاجئ سوري لبلادهم مصر تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك فوراً لوقف العدوان على غزة الأمير الحسن بن طلال يرعى اختتام أعمال مؤتمر "مؤرخو القدس (2)" زيد الكيلاني نقيبا للصيادلة بالتزكية مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية يعتمد بند دعم السلام والتنمية في جمهورية السودان الجيش العربي عيون تسهر على الحدود وعيون توثق الجهود رئيس " العقبة الخاصة" يلتقي أعضاء لجنة المرأة وشؤون الأسرة في مجلس النواب وزيرة التنمية الإجتماعية وفاء بني مصطفى تلتقي الهيئة الإدارية المؤقتة لجمعية الأسرة البيضاء السعودية: تأشيرات الزيارة باستثناء "تأشيرة الحج" لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج الخارجية العراقية: عازمون على ترجمة جميع مخرجات القمة لمعالجة القضايا العربية أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع

ضريبة الأبنية والأراضي بمنطق الأزمات السياسية

ضريبة الأبنية والأراضي بمنطق الأزمات السياسية
الأنباط -
المحامية هبة أبو وردة
في لحظات كهذه يواجه فيها الأردن كم هائل من التحولات إقتصادية، ضغوط تمويلية وعلاقات دولية متشابكة، تصبح قراءة القوانين بعين قانونية مجردة، قائمة على مراجعة النصوص وتفحص مدى دستوريتها، سنقع في دوامة الدهشة من الحدية التي يبدو بها ظاهر القانون، لذلك لابد من الجمع بين القانون والسياسة للبحث في ما خلف الأسباب المعلنة، فالقوانين في هذه الأوقات تحديدا تصاغ تحت الضغط الواقع.
ولأن السياسة، على خلاف القانون الذي قوم على مبدأ الثنائية المطلقة بين الصواب والخطأ، تحكم برمادية المشهد الذي تتقاطع فيه المصالح، وتتزاحم فيه الأولويات، في تفكك ما وراء الدوافع التي تتحكم بروح القانون ولا تظهر في حرفية النص.
فمن يقرأ فيه مشروع قانون ضريبة الأبنية، بعيون قانونية بحتة، قد يرى أن مشروع القانون قد كتب بإرادة داخلية خالصة، نصوصه تنطوي على فرض ضريبة تحمل في طياتها جباية مفروضة على الملكية الثابتة، بلا تدرج عادل ولا مقابل مباشر، مما يستنكر معه أثره على المواطن الأردني المرهق أصل من ثقل الظروف الاقتصادية والإجتماعية السائدة في الآونة الأخيرة.
 
أما القارئ السياسي يعي تماما أن هذا القانون ترجمة لحالة طارئة تُدار فيها الدولة بمنطق "الحساب المالي"؛ فصيغ على إثر اختلال التموضع الدولي للأردن بعد سحب التمويل الأمريكي منها، وتصاعد شروط التمويل الدولي، وأن ما سيتم فرضه إذا دخل هذا القانون حيز النفاذ، هو أداة "امتثال مالي تحت الضغط"، تستعاد بها السيولة المحلية ولو على حساب الأمن الاجتماعي، كإشارة حسن سلوك للممولين.
 
دون أن ننكر أن مثل هذا المشروع رغم أنه صيغ تحت الضغط، ومر في نفق الأزمة، ووجه نحو الفئة القادرة على الدفع الظاهري، إلا أنها تحمل المواطن عبء التكيف مع واقع إقتصادي سياسي، لم يكن طرفا فيه.
 
لذلك كان من الأفضل تبني مشروع أقل حدية، يقوم على فكرة عقد إجتماعي سيادي عادل، للتقليل من وقع النصوص على المواطن الأردني كأداة جباية خام وتحويلها إلى آلية تحفيز اقتصادية تشاركية ومن ثم فرض ضريبة حقيقة عادلة، لضمان تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن عن طريق ربط العبء الضريبي بالخدمة والتنمية.
 
وبذلك تتحقق العدالة الضريبية، بمرتكزات أساسية تبنى على ربط الضريبة بدخل المكلف الحقيقي، بدلا من ربطها بقيمة تقديرية سنوية للعقار، إضافة إلى ضرورة إستثناء المنازل المستخدمة للسكن الشخصي الوحيد، وإعفاء كبار السن والأرامل، والمواطنون دون دخل ثابت، كما سيكون من المجدي والمُرضي وضع سقف نسبي لهذه الضريبة بحيث لا يتجاوز 3% من الدخل السنوي لرب الأسرة أو مُعليها.
كما أنه يجب العمل على تفعيل المشاركة المجتمعية، فالأردن للأردنيين جميعا، والأزمات الوطنية مسؤولية المواطن والمسؤول، مما يتوجب معه إشراك ممثلين عن البلديات والنقابات والخبراء القانونيين في مراحل تشريعه وصياغته، ثم عرض مشروع القانون المقترح لهذا العقد الإجتماعي السيادي العادل على جلسات استماع مجتمعية قبل إقراره، يعقبها مرحلة نشر النصوص النهائية المقترحة على منصة إلكترونية خاصة بهذه المبادرة الوطنية، بحث تكون منصة مفتوحة للملاحظات لمدة محددة قبل التصويت النهائي عليه.
ثم يكمل هذا العقد الوطني في مسيرته نحو إنقاذ الأردن بشفافية مالية، بحيث يتم تخصيص ما لا يقل عن 50% من عائدات ضريبة كل محافظة، في مشاريع تطويرية موثقة للمحافظة ذاتها، مع وجوب إلزامها بنشر تقارير فصلية عن المصروفات والإنجازات، تقدم للجهات المختصة وتنشر عبر منصة إلكترونية تنشأ لغايات الرقابة المجتمعية الإلكترونية.
كما سيكون من المجدي، إنشاء صندوق موازنة إجتماعية، يُمول من ضرائب الشركات الكبرى المتهربة سابقا، وإبتكار الخيار الإنتاجي بدلا من العقابي على المتهربين ضريبيا، بحيث يمنح كل مكلف فرصة إستثمارية كمشروع تطوير حكومي بقيمة الضريبة المترتبة عليه كبديل للسداد، أو تحويل قيمة المترتب عليه إلى أسهم في صندوق بلدي استثماري مشترك.
التغلب على الظروف الإقتصادي الصعبة في ظل الظروف الحرجة، وخاصة في دولة مثل الأردن، قائمة دائما وأبدا على الوحدة الوطنية والانتماء الصادق والولاء الذي لا جدال عليه، لا يجب أن يبنى على حساب ثقة المواطن بل بالشراكة معه، وإلا فإن القراءة السياسية المشهد المأساوي للمواطن الأردني تنذر بإحتمالية تحول مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي إلى ندبة في جسد العلاقة بين الدولة والمجتمع، يصعب مداواتها لاحقا، حتى وإن تحسن الإقتصاد بما يتكفل بعلاجها.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير