البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

هل أنا مهم؟؟

هل أنا مهم
الأنباط - إبراهيم أبو حويله...

هل نسعى لخلق شعور من المواطنة أم نسعى لخلق شعور من الانتماء، ولماذا نشعر بأن البعض يعامل الوطن بالمنفعة والتكسب، مهما قدم الوطن له فلن يرى إلا ما لم يأخذه هو، يا هذا رفقًا بنفسك وبغيرك، هذا الشعور يخلق حالة مرضية عند الإنسان، ولن يستطيع أن يشعر معها بالفضل، فضلًا عن أن يشعر بالانتماء، وربما لن نصل إلى مفهوم المواطنة الذي نسعى إليه في عالمنا العربي، لأن هناك في رؤوس الكثيرين نماذج مختلفة للمقارنة، وهذه النماذج تمتد من المدينة الفاضلة في المدينة المنورة إلى يومنا، حيث تلك الصورة المشرقة للعدالة والمساواة والتكافؤ في الفرص، وفي توزيع الثروة وفي إمكانية الوصول إلى المناصب والمكاسب وغيره الكثير.

ولكن هل ننسى أن أبو ذر رضي الله عنه وهو من هو، في السبق والسيادة في قومه والأصل والعزة والمنعة طلب الإمارة ولم ينلها، هل ننسى أنه مرت أيام على الصحابة الكرام كانوا لا يجدون ما يملؤون به بطونهم، وهذا أبو هريرة يخدم الرسوم صلوات ربي عليه بما يملأ به بطنه، وهل ننسى أن الكثيرين من صحابته الكرام لم ينالوا إمارة ولا قيادة ولا منصبًا، وهل ننسى أن الرسول صلوات ربي عليه وزع المغانم في الكثير من الغزوات بناء على المصلحة العامة للدعوة، وفي غزوة حنين أعطى المؤلفة قلوبهم حتى راجعه الأنصار في قضية التوزيع ليس اعتراضًا طبعًا ولكن سؤالًا، وهنا قال لهم ألا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كان هناك إيمان بهذا المنهج بهذه الرسالة وبهذا الرسول صلوات ربي عليه، ألم يقل أبو بكر رضي الله عنه إن كان قال فقد صدق، وكان هناك رضى عام عند الصحابة طبعًا، وكان هناك إخلاص في العمل والجهاد والتطوع والخدمة، نعم كان هناك في المقابل عدالة في توزيع الفيء والمغانم وفي المغارم أيضًا، ولكن هذه العدالة لم ترضِ الكل حتى ممن حسن إسلامه، وهنا لو كانوا هم أهل الدنيا لطلبوا الشاة والبعير ولما رضوا بهذه القسمة كما حدث مع الكثير من المنفقين، ومن تلك الفئة التي لم يستقر الإيمان في قلوبهم، هذه الفئة من المرتجفة عقولهم وأفكارهم وانتماءاتهم ما أدركوا عظمة هذا الدين ولا هذا المنهج، ولا الطريق الذي يخطه للبشر ليخرجهم من الظلمات إلى النور، هؤلاء علقوا في القشور ولم يصلوا إلى لب هذا الدين، الإيمان الذي وقر في صدور الصحابة، عظم في أنفسهم رسول الله ودعوته وعودته إلى المدينة والفوز به دون غيرهم، ما أسلم من لم يُسلم أمره ودينه وإيمانه لله، هؤلاء لن يقفوا عند تقسيم وأموال، فهذا يدفع من ماله وجهده وحتى نفسه في سبيل الله، ولكن من سعى إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها هل يرضيه ما يرضي الله ورسوله.

أسوق هذا الكلام عن أفضل فترة عاشها البشر، وليس عما حدث بعدها من أحداث جسام في تاريخ العالم الإسلامي، ولا أقول هذا الكلام لإنتقاص مما قام به المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ليتم وضع الميزان لكافة الأحداث التي حدثت بعدها، وستبقى الحضارة الإسلامية برغم ما قام به البعض من تجاوزات للمنهج الذي أراده الله، ذلك النبراس الذي أشعل للبشرية منارات مضيئة تعطي البشرية أمثلة حية عن صور العدل الإنساني والحضارة والمدنية، والصور الفاضلة للعدالة في الحكم والتطبيق بين مختلف الطوائف والفئات والأديان من البشر، والتي ساهمت بنقل البشرية درجات عديدة للإمام، ونعم تأثرت الحضارات الأخرى بما رأت من عدل الإسلام ورحمته ومساواته بين أبنائه، ومع غيرهم ممن عاش معهم أو تعاملوا معه، وتأثرت بالنظم والقوانين التي استنبطها وطبقها وشرعها الفقهاء المسلمون من شريعة ربهم، وساهمت بخلق نظم اجتماعية عز نظيرها، وقل من قام بها حتى بعد أن زعم الغرب أنه تطور وتحضر وتمدن، وبرغم كل ذلك بقيت الصور المشرقة التي قام بها المسلمون عصية على هؤلاء، وبعيدة عن منالهم.

هل نقتنع بأن الأرض لم تكن فاضلة في يوم من الأيام، وأن من واجبنا جميعًا أن نسعى لنعيد الدين إلى الحياة، وليس إلى السياسة فقط، لأن المسلمين هم أول من خسروا بانحطاط قيم الإسلام في حياتنا، وخسر بعدهم العالم هذه القيم، وما تعيشه البشرية اليوم، وما عاشته في القرون السابقة، ما هو إلا ضريبة إبعاد الدين الإسلامي عن حياة البشر، وحتى تلك المعاناة التي كانت في القرون التي حكم فيها الإسلام جزئيًا عبر أنظمة حكم تقترب وتبتعد عن المنهج الإسلامي، كان بسبب عدم التطبيق الكامل للمنهج الإسلامي.

فالمواطنة واجب ومن ثم حقوق، وليس الانتماء للوطن انتقاصًا من الانتماء للأمة ودينها، بل هو برأي الكثيرين الطريق للوصول إلى أمة الإسلام عبر إعادة الواجب إلى الإنسان المسلم وتفعيل دوره في مكانه، ومن بعد ذلك تجتمع تلك الجهود لخلق تيار ضخم من هذه الملايين يخدم قضايا الأمة في أي مكان، فهذه الجموع إن صح منهجها صح التزامها، وإن صح التزامها صح سلوكها، وإن انضبط سلوكها بما يريد الله، فهي قوة عظيمة قادرة على تحقيق منهج الله في الأرض، وقادرة على تحقيق العدل الذي يريده الله هنا، والله ترك أمر تحقيقه لنا، لتكون ابتلاءً وامتحانًا للإنسان هل قام بالمنهج أم لا.

ولذلك من سعى لمواطنة بحقوق بلا واجبات، فلن يرضيه حتى منهج النبوة، وهذا ما حصل مع طعمة بن إبيرق في قصة الدرع المسروقة ومحاولة اتهام الي،،هو،،دي بها، ثم نزل حكم الله في عدم المجادلة عن الذين يختانون أنفسهم، وما كان من هذا إلا أن ارتد أو اتضح موقفه والتحق بالكفار، لذلك الدول التي يقدم بها المواطنون الواجب على الحقوق هي التي تحقق الانتصار ورغد العيش لمجموعها، وهنا لا بد من إيمان حتى تتحقق التضحية، ولذلك بناء الفرد المؤمن المدرك لواجباته هو الطريق لتحرير الأوطان والأمة بمجملها من هذا الظلم الواقع عليها.


© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير