يجعلني الدكتور "الرمثاوي" مأمون الحمادشة، الذي أصبح أول عالمٍ عربيّ على مستوى العالم، بعد اختراعه دواءً لعلاج مرض القلب النشواني "Amyloidosis " وموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عليه، أن أُسلطَ الضوء على خسارتنا الكبيرة لأمثال الحمادشة، ممن نهضوا في دول فتحت لهم الأبواب للتميز وتقديم ما يملكون من علم ومعرفة.
السيرة الذاتية لهذا النشمي تقول أنه: خريج كلية الصيدلة في جامعة العلوم والتكنولوجيا عام ١٩٩٩، ليكمل دراسة الماجستير والدكتوراة في الكيمياء الطبية في الولايات المتحدة ويتخصص في تصنيع الأدوية، وهو الآن بروفيسور في جامعة المحيط الهادي بكاليفورنيا.
بدأت أبحاثه حول الدواء عام 2013، بتكلفةٍ تجاوزت مليار دولار بتمويل مستثمرين وداعمين أمريكيين، و حصل الدواء على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعد سبع سنوات من التجارب السريرية، ليصبح أول علاج فعال لهذا المرض، حيث هناك نصف مليون شخص بالولايات المتحدة وحدها يحتاجون لهذا العلاج، الذي كان يتطلب سابقًا زراعة قلب بكلفة تصل لمليون دولار .
ويدير د.مأمون حاليًا مختبرًا في أمريكا يعمل على تطوير علاجات مبتكرة، منها طريقة تجعل الأدوية تدوم لفترات أطول في جسم الإنسان مثل الإنسولين الذي يمكن تناوله مرة واحدة أسبوعيًا بدلاً من يوميًا .
فضلت في هذا المقال ذكر جزء من سيرة هذا الأردني، لأن في مثل هذه الأمثلة كلام يفوق أي شرح أو تفسير حول فشلنا في صناعة المميزين، أو على أقل تقدير عدم قدرتنا على الاستثمار بهم، وتركهم لتنعم بهم دول غير بلدهم الأم.
الأردني في كل مكان يكون فيه مميز، وهذا ما منحه الله لنا بأن متع هذه البلد بأبناء قادرون على أن يكونوا مؤثرين في أي مجال، أبناء تتسابق الدول لاحتضانهم والاستفادة من جديتهم وإخلاصهم وتفانيهم بالعمل.
منذ أيام استقبلت الرمثا ابنها، واحتفت به، وقد بادر الحب بالعطاء ، حيث أهدى هذا النجاح لجلالة الملك وللوطن وقدم تبرعًا سخيًا بلغ ربع مليون دولار ، منها 100 ألف لجامعته الأم بدل أقساط الطلبة غير المقتدرين ، و 70 ألف حديقة لأبناء الرمثا ، و30 ألف لمستشفى الرمثا الحكومي ، و50 ألف للهيئة الخيرية الهاشمية ، وكان قبلها قد تبرع ب 20 ألف لنادي الرمثا الرياضي .
نملك الكثير من أمثال الدكتور مأمون، لكننا للأسف نتركهم وحيدون يصارعون المسقبل، ولا نقدم لهم ما يرغبون. متى نتعظ؟