الأنباط – رزان السيد
بلدية غرب إربد إحدى أبرز البلديات شمال المملكة، بعمر يتجاوز الخمسين عامًا، وبمساحة تناهز 81 كيلومترًا مربعًا، وبعدد سكانها الذي يتجاوز الـ125 ألف مواطن أردني ولاجئ سوري.
البلدية تأسست في العام 1972 في بلدة كفريوبا، وفي العام 2001 صدر قرار الضم لتتشكل من 11 قرية.
ولأهمية هذه البلدية ودورها المميز شمالي المملكة، طرقت الأنباط باب رئيس هذه البلدية الشيخ جمال البطاينة في محاولة لسبر أغوار نجاحات تحققت، وخطوات قيد العمل، وأخرى تحتاج الدعم في سبيل رفع سوية المناطق التي تشملها مسؤوليات هذه البلدية.
وشرح الشيخ جمال البطاينة، خلال مقابلة مصورة مع "الأنباط"، أهمية الموقع الاستراتيجي لبلدية غرب إربد، إذ أنها تربط خمسة ألوية بمحافظة إربد، التي تضم عشرة ألوية.
وبين البطاينة، الذي يحمل شهادة الحقوق، وعمل بالأوقاف والوعظ والإرشاد سابقًا، أنه فيما يتعلق بالقطاع الزراعي في المنطقة، فيوجد مئات الآلاف من أشجار الزيتون، كما أنها تمتاز بأشجار اللوز.
وكانت تعاني البلدية من مديونية بحوالي 2 مليون و350 ألف دينار، منذ استلامه رئاسة البلدية في العام 2022، "واليوم خطت البلدية خطوات رائدة وكبيرة على طريق التقدم والتطور، فكانت مُثقلة بأعباء وأمور ترهل وتراجع وإحباط وخراب وضعف إمكانيات وعدم التزام بالدوام، كما كانت مُصنَّفة من البلديات العشرة الأخيرة على مستوى الأردن"، بحسب البطاينة.
وتابع، أنه من خلال المتابعة الحثيثة ووضع برامج موضحة ومحددة، ومن خلال تطويع كل الإمكانيات والارتقاء، استطاعت البلدية أن تخطو خطوات جادة على طريق الإصلاح، كما تم إحداث نقلة نوعية في الموارد البشرية من حيث التأهيل والتدريب والتوظيف وتعزيز الكوادر بكوادر قادرة.
وأوضح البطاينة أنه بمقارنة عدد السكان والمناطق الكبيرة التي تقع ضمن حدود البلدية، فهناك حاجة ملحة للعديد من المشاريع لتشغيل الأيدي العاملة، بالإضافة إلى حاجتهم إلى من يديرها ويؤسسها ويضمن نجاحها ومن يمولها أيضًا، مؤكدًا أنه إذا لم تكن الكوادر مؤهلة وأن تكون الموارد البشرية قادرة على أن تتابع هذه المشاريع، فستكون آيلة للخراب والفشل.
وأضاف أنه "تم افتتاح مصنع الحاويات بعد أن كان مغلقًا لمدة 11 عامًا، إذ تم إنشاؤه عام 2009 وأغلق عام 2013، وكان قد كلف حوالي 2 مليون دينار، ويشكل استحقاقًا سلبيًا، بمعنى أن البلدية تنفق عليه حوالي 5 - 6 آلاف دينار شهريًا بدون أي فائدة، حيث قمنا بتشغيل المصنع مجددًا عام 2022".
واستطاعت البلدية أن تتعاقد مع حوالي ثلثي بلديات المملكة، وأغرقت السوق المحلي بمادة الحاويات المعدنية بسعة 1100 لتر، ضمن المواصفات الألمانية التي أقرتها وزارة الإدارة المحلية، وهنا يكمن تحول الاستحقاق السلبي إلى امتياز، بأن يشكل جناحًا استثماريًا قويًا درّ دخلاً على بلدية غرب إربد بشكل مباشر سواء نقدًا أو على شكل أعيان حوالي مليون دينار في أول سنتين.
كما أن تشغيل هذا المشروع فتح المجال لتوظيف الأيدي العاملة ضمن جهود مكافحة الفقر والبطالة، بحسب البطاينة، الذي اعتبر أن البلدية معنية بتوفير فرص عمل للمواطنين، كما تم إنشاء محكمة صلح جزاء بلدية غرب إربد، كونها تعتبر منطقة كبيرة بسكانها ومساحتها.
وأوضح البطاينة أن البلدية تمتلك حوالي 46 آلية، وهي أسطول من الآليات يترتب عليها صيانة وشغل وغسيل وميكانيك، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء محطة لصيانة الآليات، وأكد أن الكلفة التقديرية لإنشائها كانت حوالي 170 ألف دينار، ولكن تم إنشاؤها بمواصفات عالية، وبكلفة 22.2 ألف دينار، مبينًا أن العاملين في كافة المشاريع هم من أبناء المنطقة.
وتابع أن المنطقة تعتبر بؤرة تنموية، والمشاريع هي مكتسبات تنموية لابد من أن توزع على الناس، موضحًا أن عدد الخريجين الجامعيين في المنطقة كبير والأهالي يبيعون ممتلكاتهم لتعليم أبناءهم، بالتالي هم يبحثون عن وظائف، لذا البلدية معنية أن تبحث في كل الأطر حتى تجد الوظائف.
وأشار إلى أن البلدية عدلت مسار مصنع الكندرين والنيجيرسي ومصنع الصناعات الكونكريتية، كما تم طرح مشروع الصرف الصحي بكلفة حوالي 100 مليون يورو، والآن يغطي 6 قرى في غرب إربد، وقريبًا ستضم قرية كفريوبا بكلفة تقديرية بحوالي 23 مليون يورو، كما تبلغ مساحة شوارع البلدية 273 ألف متر، بمعنى أن هناك بنية تحتية كبيرة، وخطوط مياه وكهرباء طويلة، وبالتالي لا بد من أن تكون البلدية قادرة على متابعة هذه المفاصل كلها ومعالجة كل الاختلالات وإحداث نقلة نوعية، لأن الإنسان بحاجة إلى شارع نظيف، ومضاء، لذلك تم تعزيز مصنع الكندرين، ويبلغ إنتاجه حاليًا من 500 إلى 600 حبة يوميًا.
وعلى صعيد آخر، قال البطاينة إن هناك تحديات حقيقية ولا يستطيع الإنسان أن يغض الطرف عنها، وعظم هذه التحديات يكمن في أنها اقتصادية، وبعضها ثقافية واجتماعية.
فالثقافية تتمحور في نظرة المواطن إلى البلدية، وقال البطاينة: "في البلاد المتقدمة والمتطورة هناك الإدارة المحلية أو وزارة الحكم المحلي، بمعنى أنها هي التي تطل على كل القطاعات وهي المعنية بالمتابعة والتشبيك والمشاركة بين كل القطاعات الخدمية في الإقليم، بمعنى أن رئيس البلدية كونه منتخبًا باعتبار أن الشعب مصدر السلطات، فهو الأجدر بإدارة كل الموارد وكل المؤسسات وهو الذي يضبط الإيقاع ويجعل الصحة تتماهى مع التعليم، والتعليم مع الزراعة، والزراعة مع السياحة، لكننا في الأردن نعتمد نمط عمل مختلف".
وأضاف أن "الوضع الاقتصادي في الأردن لا يخفى على أحد، إذ أننا نعاني اقتصاديًا، خاصة وأن الأردن يقع ضمن إقليم ملتهب، ونحن محاطون بنار من كل الجهات، لكن بدينا أمن واستقرار"، وتابع أن "كل هذه الأوضاع المحيطة القت الوضع الاقتصادي الأردني بظلال قاتمة".
وبين أن إحداث التغيير في الثقافة المجتمعية ونمط التفكير المجتمعي، يحتاج إلى مؤسسات الدولة كافة، ويحتاج إلى الإرشاد، كما يحتاج إلى المدارس والتعليم، ومؤسسات البحث العلمي، والمؤسسات الإعلامية، في جهد متكامل، كما أن هناك 11 مؤسسة تعنى بالإنسان وفي بناء فكرة الإنسان وتوجيه ثقافة الإنسان، موضحًا أنه نجح في إثبات أو إفهام الكثيرين من المواطنين أن "البلدية لم تعد الكيان النمطي الذي يستطيع أي شخص اقتحامه بأي وقت، فالآن هناك قانون ينظم كافة الأعمال".
وتابع "اليوم نحن بحاجة لإقناع المواطنين بأن هذه مؤسسة خاضعة لنظام، ويحكمها قوانين وأنظمة، ولا بد للمواطن أن يأتي البيوت من أبوابها، ولا بد أن يعترف بشرعية وبمرجعية هذه المؤسسة، كما أن هذه المؤسسة هي القادرة على أن تقدم الخدمات للمواطنين، فالقانون هو العقد الاجتماعي الذي نظم العلاقة بين الناس حقوقًا وواجبات.
وأوضح " نحن لا ننظر إلى البلدية على أنها حاوية ومطب ورقعة ولمبة، وإنما هي مؤسسة استثمارية، تنموية، توعوية، وبيئية ورؤيوية، وترتكز على ثقافة وعلم ومعرفة، ثم على أنها رافعة اجتماعية".
وأشار إلى أنه تم استحداث 12 قسمًا داخل البلدية، موضحًا أن الرئيس لم يعد "الماستر كاي" الذي يفتح الأبواب كافة، فالرئيس اليوم يدير الموارد البشرية والموارد المالية، في حين أن البلدية تمتلك كوادر متخصصة ومؤهلة لتتحدث في تفاصيل الخدمات التي تقدم، كما أن البلدية استحدثت الأتمتة، فكانت البلدية ضمن أسوأ خمس بلديات في الأردن، أما الآن فقد طورت البلدية خدماتها، ففي بداية السنة سيحصل المواطنين على الخدمات إلكترونيًا.
وأكد أن موظفي البلدية يتشرفون بخدمة المواطنين، وقال:" أنا مش موجود هون مشان واحد يحكيلي يا سيدي وينحني أمامي، أنا موجود هون مشان أقدم خدمة للناس لأنه أنا انتخبت على هذا الأساس".
وأشار إلى ضرورة تقدير أوقات المواطنين، إذ أنه لا يجب أن تؤجل معاملاتهم ليوم آخر، ففي بلدية غرب إربد لا يتم تأجيل المعاملات، إلا إذا احتاجت ذلك فعلاً، فاليوم هدف البلدية الأساسي أن تكرس تشاركًا حقيقيًا وفاعلاً بين البلدية والمجتمع وأن يتم ربط المواطنين بالمؤسسة وليس بالأشخاص.
كما بين البطاينة أن البلدية تعمل على تحويل الحصول على رخص المهن والإنشاءات وإذن الأشغال ومخططات الموقع الترسيم إلى الكتروني، وأن البلدية تهدف لأن تصبح البلدية رقم واحد على مستوى المملكة.
واختتم الشيخ جمال البطاينة المقابلة برسالة وجهها للمواطنين، مطالبًا بأن يقوموا بدفع الديون المترتبة عليهم، إذ أن ما يقارب الـ9000 مواطن مدينون للبلدية بمبلغ 4 ملايين دينار، وتابع أن كل هذه المتأخرات ضرائب مترتبة على مواطنين مليئين.
كما أشار إلى وجود قسم في البلدية يعنى بالمرأة وحقوقها والطفل وحقوقه والشباب، ودراسة الخريطة النفسية للشباب، موضحًا أن البرنامج الذي تعمل عليه البلدية برنامج متكامل رؤيوي يتكئ على وعي ثابت وواضح ومبين، ضمن خطة زمانية وضمن برامج إدارية مدروسة وخطة استراتيجية موضوعة.