الأنباط -
حلب التضحيات والبحث عن الأمل ..
السعي للأصلاح يجب أن يتصف بالحكمة، بحيث أنه أذا كان الضرر المتوقع جلبه، هو أكبر بكثير من الضرر الواقع فعلا من بعض الفاسدين، أو بعض التجاوزات أو الضنك في الحياة، فهل يصبح السعي لتغيير هذا الواقع مقبول، أم يجب العمل لتغيير هذا الواقع بطرق أقل ضررا ، وهل يجب على العاقل أن ينخرط في مثل هذا النوع من الحركة، إذا كانت النتائج تحدث ضررا بالغا.
ظل الدولة نعم ظل الدولة، ربما هي في مقاييس الكثيرين لا ترقى أن تكون دولة ولكنه ظل، ولكن مع هذا الظل هناك أنظمة دعم كاملة تقوم على خدمة هذا الظل وإستمراره، وأنا لا أدافع عن ظل ولا عن دولة هنا.
في كثير من الأحيان نبحث عن الحقيقة، فلا نجدها، عندها نحاول جاهدين أن نحصل على جزء منه، أو على ما نستطيع الحصول عليه منها، وقد نخسر في سبيلها كل شيء، حتى ما كان ظلا في الحقيقة، وهل يكفي ظل الحقيقة، ويغني عن البحث عن الحقيقة، وهل يجب أن نوقف السعي، خوفا من فقد الحقيقة ونكتفي بظل الحقيقة.
لا أثير فلسفة هنا ولا أبحث عن التعقيد، ولكني عالق فيما حدث في سوريا وتحديدا في حلب، ولست هنا حتى أقيم هذه التجربة أو أضع لها مقاييس النجاح والفشل، فهناك من ضاعت حياته وضاعت حريته أو تشرد في دروب الحياة، أو فقد الأهل والأبناء ومن من.
لكن ألا يؤمن ظل الدولة الكثير، ويجلب الكثير من المنافع، ويدفع الكثير من الضرر، ولذلك وضع علماء الأمة ضوابط شديدة، في الخروج على الحاكم، وهل هذه السنوات الضائعة في إعادة شبه نظام، أو ظل دولة كما حدث في سوريا، أمر يمكن تقبله لمن يحيا في الكثير من النعم، وأنظمة الدعم التي تجعل الحياة ممكنة، من كهرباء وماء وطرق وسكن آمن، وطرق وجيش وأمان ودفاع مدني وغيره، والأهم ربما في ظل حدوث كارثة، لا قدر الله أن تكون هناك جهات وطنية وعربية وأجنبية قادرة على الوصول، وتقديم يد العون والمساعدة، بدون خوف ولا قلق من إقتتال أو خطف أو فقد للأمن .
خذ مثلا التضحية التي قدمها الشعب السوري، الا تستحق نهاية أفضل، فهو كان يبحث عن الحرية والحياة الكريمة، ولكن دخل على هذا الخط الكثير، ممن لهم أجنداتهم الخاصة، وتم حرف البوصلة، وضاعت بفعل القوى والتجاذبات الدولية، وهنا أقف مع أولئك الذين لا يستشعرون خطر القوى الدولية، وقدرتها على حرف البوصلة او التلاعب بها لصالح هذه القوى، ولكن للأسف كل الثورات التي حدثت في المحيط، إما تم التلاعب بها، أو حرفها عن هدفها الأصلي بفعل هذه القوى، وكانت النتائج هي ما نرى لا ما أرادوا للأسف.
أنا لا أريد أن أجعل الخوف من الحركة هدفا، ولكني أريد من العقل ضبط الحركة، بما يعود بالفائدة أو على أقل تقدير ضبط حركته، بحيث تكون النتائج المتوقعة ضمن الحسابات عند القيام بالفعل، لأن ردة الفعل غير منضبطة بما تريد وما تسعى له من أهداف، وهناك في الواقع الكثير من العوامل، التي تؤثر على هذه النتائج والتي قد تحرفها عن الهدف الأصلي.
ولذك خلق الوعي وتغيير الإنسان ودفعه نحو الإيجابية، وردة الفعل الإيجابية هي هدف بحد ذاتها، وهي التي تجعل الأفعال وردودها، تأخذ بالحساب قبل الإنفعال للعمل، مهما كان هذا الفعل ومهما كانت نتائجه المتوقعة.
مع كل دعواتنا للأخوة والأشقاء والمستضعفين والمظلومين في عالمنا العربي بالفرج.
إبراهيم أبو حويله ..