الأنباط – محمد شاهين
في مقابلةٍ خاصة مع الكاتب والمحلل السياسي بشار جرار على برنامج "قراءة المشهد" عبر قناة "الأنباط"، تم التطرق قضايا المهمة متعلقة بالانتخابات الأمريكية الأخيرة وآثار عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الساحة السياسية. قدم جرار تحليلاً معمقًا للأحداث والتطورات الراهنة في الولايات المتحدة، مركزًا على الانقسامات الداخلية والتحديات الخارجية.
استقطاب داخلي وتحديات
افتتح المحلل السياسي بشار جرار حديثه بالإشارة إلى الاستقطاب الداخلي غير المسبوق في الولايات المتحدة، حيث يشهد الأمريكيون انقسامات حادة في قضايا سياسية واجتماعية رئيسية مثل حقوق الأقليات، سياسات الهجرة، والاقتصاد، والتوجهات الدولية. وأكدَّ أن هذا الانقسام ليس ظاهرة جديدة، بل بدأ في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما وازدادت حِدته في فترة حكم ترامب الأولى.
وأضاف أن ترامب كان قد حاول أن يصوِب العديد من السياسات التي اعتبرها غير مناسبة، خاصة في مجالي السياسة الداخلية والخارجية، معتبرًا أن الأولوية كانت لوقف التدخلات العسكرية الأمريكية في العالم، ولتعزيز أمن الحدود الداخلية.
تصعيد أم تصحيح للأوضاع؟
فيما يتعلق بعودة ترامب إلى الساحة السياسية، رأى جرار أن عودته قد تكون بمثابة "تصحيح" للعديد من السياسات التي اعتبرها غير سليمة، مؤكدًا أن ذلك يختلف تمامًا عن تصورات المعارضين الذين يرون في هذه العودة "انقلابًا" على الديمقراطية الأمريكية. وشدد على أن المواقف المتناقضة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي جعلت من عودة ترامب فرصة لتغيير الأوضاع الداخلية والخارجية التي باتت لا تعكس التوازن المطلوب.
سياسة خارجية وتحولات
عُرِض على جرار السؤال حول ما إذا كان ترامب سيعيد تشكيل التحالفات الأمريكية، خاصة في ضوء مواقفه غير التقليدية في ولايته الأولى تجاه حلفاء الولايات المتحدة مثل الناتو وبعض دول الشرق الأوسط. وأوضح أن السياسة الأمريكية تقوم على مبدأ "الواقعية"، حيث لا توجد علاقات دائمة بل مصالح متغيرة. ورأى أن ترامب سيستمر في تبني سياسة أكثر "أمريكية"، مع التركيز على حماية المصالح الأمريكية حتى وإن كان ذلك يعني تقليص الالتزامات تجاه الحلفاء التقليديين.
تحديات اقتصادية وانعزالية
وبالنسبة للاستراتيجية الاقتصادية التي اتبعها ترامب، أكد جرار أن ترامب سيستمر في نهج "الانعزالية الاقتصادية" وتقليص الاعتماد على الاقتصاد العالمي، من خلال فرض الرسوم الجمركية على الواردات. موضحا أن هذه السياسة ليست انعزالية بالمعنى التقليدي، بل تهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية المحلية، كما هو الحال في دعم المزارعين الأمريكيين.
إعادة تشكيل التوازن
وفيما يتعلق بالعلاقة مع الصين، قال إن ترامب كان حازمًا في فرض سياسات تجارية صارمة ضد الصين، من خلال زيادة الرسوم الجمركية بهدف تقليص العجز التجاري وتحفيز الصناعة الأمريكية. ورأى أن ترامب سيظل متمسكًا بموقفه الصارم تجاه الصين، رغم بعض الانتقادات، لكنه في الوقت ذاته لا يسعى إلى مواجهة عسكرية، بل يفضل الضغط على الصين من خلال سياسات تجارية صارمة.
الشرق الأوسط وحل الدولتين
وعلى صعيد الشرق الأوسط، تطرق المحلل السياسي إلى موقف ترامب من مبادرة "حل الدولتين" للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، معتبرًا أن عودة ترامب قد تؤدي إلى إعادة تقييم للسياسات الأمريكية في المنطقة. مشيرا إلى أن هناك تساؤلات في الصحافة الإسرائيلية حول ما إذا كان ترامب قد ينقلب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خاصة بعد تعيين شخصيات مثيرة للجدل في إدارته الجديدة مثل مايك هاكابي.
إيران وأزمة أوكرانيا
وفيما يتعلق بالملفات الشائكة مثل الملف النووي الإيراني أو التوسع الروسي في أوكرانيا، أكد أن ترامب سيظل على موقفه الرافض لامتلاك إيران أسلحة نووية، مشيرًا إلى أن هذا الخط الأحمر ليس مقتصرًا على الولايات المتحدة أو إسرائيل، بل يشمل دول عربية وإسلامية أيضًا.
وفيما يخص الحرب في أوكرانيا، أشار جرار إلى أن ترامب سيتبع سياسة أكثر تحفظًا، متجنبًا التصعيد العسكري، ويسعى إلى إنهاء التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج، والتركيز على حماية المصالح الداخلية.
تحولات داخلية وتحديات مستقبلية
وفي ختام حديثه، تطرق جرار إلى الصعوبات التي قد يواجهها ترامب في التعامل مع المعارضة الداخلية، سواء من الكونغرس أو من بعض المؤسسات الحكومية. مبينا أن ترامب سيواجه تحديات كبيرة في فرض رؤيته السياسية في ظل الانقسامات الحادة داخل الحزب الجمهوري نفسه، لكنه أشار إلى أن نفوذه لا يزال قويًا بين قاعدته الشعبية، وسيكون قادرًا على فرض رؤيته على الحزب الجمهوري، الذي أصبح أكثر ترامبيًا من أي وقت مضى مبينًا أن فترة ترامب القادمة ستكون مليئة بالتحديات على مختلف الأصعدة، سواء من حيث العلاقات الداخلية المعقدة أو السياسة الخارجية المتغيرة، مؤكدًا أن تأثير عودته سيظل موضوعًا محوريًا في الأيام المقبلة.