الأنباط -
د. حازم قشوع
دعونا نقف معًا من أجل أمن هذا الكوكب ومن أجل سلامة البشرية. دعونا نعمل لإيقاف الحروب التي باتت تقوض العيش المشترك، وتزرع البغضاء بين الأمم، وتهدد سلامة البشرية. دعونا نعمل من أجل سيادة القانون، ونبتعد عن سيادة قانون القوة الذي يهدد البشرية ويرسخ ثقافة الغاب، ولا يمت للإنسانية ولا لقيمها بصلة.
بهذه العبارات التي تحمل مضمونًا مترابطًا، يجمع بين "صيانة الإنسان ووقاية الأرض"، استهل الحسين، ولي العهد، كلمته في باكو، أذربيجان، حيث ينعقد مؤتمر التغير المناخي. وقد أكد على أهمية اللحظة التاريخية التي تعيشها البشرية في الدفاع عن الحياة عبر صون الأرض وحماية ثقافة العيش المشترك. كما شدد على ضرورة نصرة من يطلب الحياة، ودعم من يناضل من أجل الحرية، بعدم إعطاء الغطاء السياسي لمن يعيث في الأرض فسادًا وفي الحياة إفسادًا، ويقوم بالقتل والتقتيل والتهجير والتجويع، من أجل توسيع جغرافيا سياسية على حساب شعب أراد الحياة ويناضل من أجل حريته ضمن شرعية القانون الدولي وإنسانيته.
وأضاف الحسين في كلمته: دعونا نتشارك لتنعم الأرض بمناخ بلا تلوث، جاء نتيجة الثورة الصناعية والتسارع في توليد الطاقة من الروافد الطبيعية والصناعية. دعونا نعيش من أجل إعمار الأرض، وليس من أجل تدميرها، كما تفعل آلة الحرب الإسرائيلية منذ عام ونيف عبر حرب إبادة لم يشهد التاريخ الحديث مثيلها. دعونا ندعم النموذج الأردني في التعامل مع موارد توليد الطاقة النظيفة والمتجددة، باعتباره نموذجًا يعتمد على الطاقة النظيفة في المعيشة والتشغيل والإنتاج. دعونا نبتعد عن موارد الطاقة المحروقة التي جعلت من كوكبنا يعيش حياة ملوثة، أسهمت في تسارع ميزان الحرارة المناخية، مما نتج عنه تلوث وتصحر وتغيرات بيولوجية خطيرة أصبحت تشكل كارثة بيئية، تمثلت في ارتفاع مستويات البحار وزيادة حالات الجفاف وتغير درجات الحرارة في مختلف المناطق.
وهي التغيرات حملت تداعيات خطيرة على المستوى الزراعي والغذائي، وكذلك على المستوى البيولوجي والفيروسي، مما يهدد انتشارها حياة البشرية، لا سيما في ظل عدم وجود حالة تشاركية. لذا ندعو للتعاون لتوفير مضادات وقائية يمكنها حماية البشرية، وتأمين الأرض إذا ما تبدلت أحوال مناطق الانجماد في القطبين الشمالي والجنوبي، وانطلق عالم جديد من الفيروسات التي كانت محبوسة في طور الانجماد. وهو ما سيشكل كارثة بيئية خطيرة، يصعب السيطرة عليها والتعامل معها من دون تعاون عالمي حقيقي، عنوانه "دعونا نقف معًا".
ودعا الحسين، من وحي كلمته التي حملت في مضمونها "دعونا نعمل معًا"، من أجل وقف الحروب التي تهدد منطقة مهد الحضارات التي قدمت للإنسانية قيمها عبر رسلها ورسالة أديانها. ففي معركة الحياة، ليس هناك متفرجون، بل يجب على الجميع العمل بروح المسؤولية المشتركة لوقف الحروب وللحيلوله دون استمرارها، والقيام بكل ما هو مفيد وناجع من أجل حوصلة نيرانها، فليس هناك رابح في الحروب المشتعلة؛ فالكل خاسر في معادلة المعارك، المشارك فيها كما المتداخل والداعم كما الراعي البعيد. لأن السلام ركيزة السلم، والسلم يعتبر أحد المقومات الرئيسية لصيانة الأرض، وحماية البشرية، وحفظ موروثها الحضاري الذي يقوم عليه استمرار الحياة وديمومتها.
لذلك جاء الأردن لهذا المؤتمر الهام في باكو، أذربيجان، ليقول للعالم أجمع: "دعونا نعمل سويًا، دعونا نقف معًا من أجل سلامة الأرض وسلامة البشرية."