الأنباط -
د. الحوارات: الانتخابات محورية بتحديد السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا
جرار: هذه الانتخابات معركة على هوية أمريكا ومستقبلها السياسي
الانباط – محمد شاهين
أكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات أن الانتخابات الأمريكية المقبلة ستكون محورية في تحديد مسار السياسة الأمريكية داخليًا وخارجيًا، مشيرًا إلى أن كلا الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري، يتبنيان مواقف متباينة حيال العديد من القضايا العالمية والمحلية.
الحرب الروسية الأوكرانية والانتخابات
وفيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، أكد الدكتور الحوارات أن الحزب الديمقراطي يرى هذه الحرب تهديدًا جيوسياسيًا مباشرًا للولايات المتحدة وللنظام الدولي القائم، داعيًا إلى استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا. بالمقابل، أكد أن "الجمهوري"، خاصة تحت قيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، يفضل تقليص التورط الأمريكي في النزاع ويطالب بحل الأزمة في أسرع وقت ممكن. واعتبر أن رؤية الجمهوريين للانسحاب من الصراع قد تُضعف الهيمنة الأمريكية في الساحة الدولية.
الصين.. التحدي الأكبر
وأضاف أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تُعد أحد أكبر التحديات المستقبلية، حيث يرى "الديمقراطي: أن الحصار الاقتصادي هو الحل الأمثل للحد من نفوذ الصين. بينما يختلف "الجمهوري" في توجهاته، حيث يفضل تقليص العلاقات التجارية مع الصين، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.
البطالة والتضخم بدائرة الاهتمام
أما على الصعيد الداخلي، فقد شدد الحوارات على أن القضايا الاقتصادية تشكل أولوية للناخب الأمريكي، حيث يعاني العديد من الأمريكيين من التضخم والبطالة. وتعد وعود الجمهوريين بعودة الوظائف إلى أمريكا من خلال تقليص التصنيع في الخارج، وأيضًا التركيز على إعادة الصناعات الثقيلة، من أبرز النقاط في حملاتهم. بالمقابل، يرى الديمقراطيون أن اقتصاد البلاد يجب أن يتحول إلى الرقمي والتكنولوجي أكثر من الاعتماد على الصناعات التقليدية.
الهجرة.. انقسام حاد
وتناول الحوارات أيضًا قضية الهجرة، حيث أشار إلى أن "الديمقراطي" يدعو إلى مزيد من الانفتاح على المهاجرين ودمجهم في المجتمع الأمريكي باعتبارهم جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الأمريكي. بينما يعارض الجمهوريون بشدة سياسة الهجرة، ويطالبون بإغلاق الحدود وتقييد دخول المهاجرين.
القضايا الخارجية وأثرها
فيما يتعلق بالتأثيرات الخارجية على الانتخابات الأمريكية، أشار الحوارات إلى أن القضايا الدولية، مثل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والعلاقة مع إيران، ستظل تلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل الرأي العام الأمريكي. وأوضح أن القضايا المتعلقة بالحقوق المدنية والأقليات ستظل في صلب الجدل الانتخابي، مع التأثير الكبير لوسائل الإعلام في إبراز هذه القضايا على مستوى الناخب الأمريكي.
أولويات المستقبل
واضاف إن أولويات الولايات المتحدة في المرحلة القادمة ستكون موجهة نحو تعزيز الاقتصاد الداخلي، خلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى التصدي للتحدي الصيني في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتكنولوجيا والجيش. مبينا أن العالم ينتظر من الولايات المتحدة استراتيجية متوازنة للحد من التوترات العالمية دون الدخول في مواجهات عسكرية مفتوحة.
جرار.. تأثير العامل الديمغرافي
من جهته قال الكاتب السياسي بشار جرار، المتخصص في الشؤون الأمريكية والشرق أوسطية، أن العامل الديمغرافي له تأثير كبير في أي انتخابات، وليس فقط في الولايات المتحدة. ففي أمريكا، يُجري الإحصاء السكاني كل عشر سنوات وفقًا للدستور، وهذا يشمل توزيع المقاطعات الانتخابية، مما يجعل بعض الولايات متأرجحة". وأضاف أن القضية الديمغرافية مرتبطة بشكل وثيق بأمن الحدود، مشيرًا إلى الأرقام غير المسبوقة حول دخول المهاجرين غير الشرعيين والتي تقدر بأكثر من 25 مليونًا خلال السنوات الأخيرة. "هذا يشكل تحديًا كبيرًا، خاصة في الولايات المتأرجحة، حيث تجري معارك قضائية بشأن تصويت غير المواطنين، وهو ما يثير القلق حول نزاهة الانتخابات".
وأوضح جرار للانباط أن الانتخابات لا تقتصر على اختيار رئيس البيت الأبيض فقط، بل تشمل أيضًا السلطة التشريعية (النواب والشيوخ). وأشار إلى أن هناك توقعات قوية بأن يعود مجلس الشيوخ إلى الجمهوريين، مما قد يمنحهم السيطرة على ثلاثة مراكز قوة في النظام الأمريكي: السلطة التنفيذية، التشريعية، والقضائية.
الأمن القومي والتدخلات الخارجية
وحول التدخلات الأجنبية في الانتخابات، قال جرار: "الأمر معقد، ويمكن القول نعم ولا في نفس الوقت. نحن نعلم أن هناك تدخلات من قبل دول مثل روسيا والصين وإيران، وقد رصدها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)". كما أشار إلى أن وسائل الإعلام الحديثة، وخاصة منصات التواصل الاجتماعي، تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على الرأي العام وتضليل الناخبين.
الأقليات: دور مؤثر
وفيما يتعلق بدور الأقليات في الانتخابات، أكد جرار أن قضية الأقليات تظل موضوعًا حساسًا في الثقافة الأمريكية. "في الواقع، من المفترض أن لا نستخدم مصطلح 'أقلية' في الولايات المتحدة، لأن البلاد تأسست على الهجرة. الأمريكيون من أصول مختلفة، سواء كانوا عربًا أو مسلمين أو يهودًا، يتأثرون بقضايا بلدانهم الأصلية، ولكنهم في النهاية يظلوا أمريكيين". وأوضح أن المرشحين مثل ترامب وكامالا هاريس ركزوا في حملاتهم على الأصوات العربية والإسلامية، لكن أيضًا هناك انقسام داخل هذه المجتمعات حول تأييد أحد المرشحين.
الأمن وتحديات المهاجرين
وفيما يخص قضايا الأمن الداخلي، أكد جرار أن الانتخابات الحالية تدور حول مسائل الأمن أولاً، مشيرًا إلى أن "الأمن القومي الأمريكي مرتبط بشكل مباشر بقضية أمن الحدود". وأضاف أن التفشي الكبير للجريمة والمخدرات، مثل انتشار الفنتانيل، يعد أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها الولايات المتحدة، ويؤثر بشكل كبير على الخيارات السياسية للمواطنين الأمريكيين.
كما أشار إلى أن الهجرة غير الشرعية، تشكل مشكلة كبيرة، موضحًا أن "الرئيس الأمريكي المقبل، سواء كان ترامب أو هاريس، سيواجه تحديات كبيرة في التعامل مع هذه القضية". وأوضح أن هناك فارقًا كبيرًا بين سياسات الحزبين تجاه الهجرة، حيث يدعو ترامب إلى سياسة أكثر صرامة ضد المهاجرين غير الشرعيين، في حين أن الديمقراطيين لا يتخذون نفس الموقف الحازم.
تأثير السياسة الخارجية
وفيما يتعلق بتأثير السياسة الخارجية على الانتخابات، أشار جرار إلى أن الأحداث في الشرق الأوسط، وخاصة في غزة ولبنان، تلعب دورًا مهمًا في الانتخابات الحالية. وقال: "الولايات المتحدة تعيش في وقت غير مسبوق حيث تؤثر القضايا الدولية على الانتخابات الداخلية. كما ان السياسة الخارجية، بما في ذلك العلاقات مع إيران وحرب غزة، لها تأثير مباشر على مواقف الناخبين الأمريكيين".
وأشار إلى أن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وخاصة في سياق الحرب المستمرة منذ أكتوبر بين إسرائيل وحماس، جعل صوت الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة أكثر تأثيرًا. "هذه القضايا أصبحت جزءًا من النقاش السياسي الداخلي، وهناك توجهات متزايدة للاعتراف بأهمية الأصوات العربية والإسلامية في الانتخابات."
وختم بشار جرار حديثه أن الانتخابات الأمريكية الحالية ليست مجرد صراع على منصب الرئاسة، بل هي معركة على هوية الولايات المتحدة ومستقبلها السياسي، حيث يتداخل الأمن القومي، الاقتصاد، قضايا الهجرة، والسياسة الخارجية في تحديد النتائج. وأضاف أن الناخب الأمريكي يواجه تحديات عديدة في اتخاذ قرار مستقل وسط الاستقطاب السياسي المتزايد الذي يسيطر على الحياة السياسية في البلاد.