الأنباط -
"الافتاء": علم الابراج والخرائط ضرب من التخمين المحض
جابر: هؤلاء موظفون عند أيادي خفية
الأب بدر: ممارسات السحر والشعوذة مخالفة للدين
مجاهد: شعوذة ولا علاقة لها بعلم الفلك
الأنباط – رزان السيد
تتجدد ظاهرة "خبراء الفلك" مع بداية كل عام، إذ يتصدرون شاشات التلفزيون للإدلاء بتوقعاتهم حول مصير العالم، ومع كل عام جديد، يظهر بعض هؤلاء الخبراء ليصيبوا في توقعات تتعلق بأحداث سياسية وعسكرية، مما يثير تساؤلات حول مدى مصداقية هذه التوقعات، هل هي حقائق أم مجرد صدفة، أم انها معلومات مسربة من مصادر كبرى؟
شهدت الآونة الأخيرة وقوع أحداث هامة، مثل الحرب المستمرة في المنطقة، وقد توقع العديد من هؤلاء الخبراء حوادث مهمة، الأمر الذي جعل المجتمعات العربية تتوجه للاستماع إليهم واعتبار توقعاتهم بمثابة إشارات لما سيحدث مستقبلاً.
وكان من أبرز هذه التوقعات ما أدلى به المتنبئ اللبناني ميشال حايك، حيث توقع اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، خلال توقعاته للعام 2024، قائلا: " السيد حسن نصرالله بين غياب وتغيب، بين فراغ وتفريغ، تكتيك استراتيجي دقيق، بفجر إسم السيد حسن نصرالله الإعلام بيوم ما بيشبه أي يوم، بيوم جمعة رح يكون عظيم بوجوهه واحداثه"، وبالفعل تم إغتيال نصرالله بيوم جمعة.
وأيضا كانت قد توقعت خبيرة الفلك ليلى عبداللطيف على مدار سنوات كثيرة، أحداثا بارزة حصلت بالفعل، فمثلا توقعت حدوث مظاهرات وفوضى في فرنسا بسبب خلافات بين الفرنسيين والجالية الجزائرية، وبالفعل حدثت بعد مقتل شاب جزائري في فرنسا، كما توقعت غرق غواصة في البحر، وبعدها بفترة وقعت الحادثة الشهيرة للغواصة التي كانت تبحث عن حطام سفينة التايتنك ومات فيها خمسة أشخاص من أثرياء العالم.
بالإضافة الى توقعها بسقوط عمارة في مصر، وإندلاع حريق في عمارة في عجمان، كما توقعت حدوث إنقلاب على الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" وأكدت أنها ستبوئ بالفشل، وهذا ما حدث فعلا، كما توقعت أحداث في كندا والسودان وكلها حدثت.
تثير هذه التنبؤات تساؤلات دينية وأخلاقية، حيث يتعارض الكثير منها مع ما جاء في القرآن الكريم، والذي ينص على أن "لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله"، مما ينفي علم الغيب حتى عن الأنبياء والملائكة.
وفي ظل التوترات الحالية، يبقى الجدل قائمًا حول مصداقية هؤلاء الخبراء، وتأثير توقعاتهم على المجتمعات العربية، فهل نحن أمام قدرة حقيقية على التنبؤ، أم أن هذه مجرد تفسيرات لصدف لا يمكن التنبؤ بها؟ تبقى هذه الأسئلة مطروحة، بينما يستمر الجمهور في متابعة أخبار هؤلاء الخبراء بكل اهتمام، مقنعين أنفسهم أنها معلومات مسربة من مصادر تحكم العالم.
وأوضح الناطق الإعلامي بإسم دائرة الإفتاء العام، الدكتور أحمد الحراسيس لـ "الأنباط"، أنه يجب على المسلم أن يتيقن بأن النفع والضرر بيد الله سبحانه، وأنه يصرف الأمور كيفما يشاء.
وأكد أن ما يسمى بعلم الأبراج والخرائط الميلادية أو الفلكية والذي مضمونه استطلاع الحوادث المستقبلية، بناء على حركة الكواكب وتأثيرها، ما هو الا ضرب من الكهانة والتخمين المحض، التي لا علاقها لها بطرق الاستدلال العلميّ، مما يؤدي لإيهام الناس بتأثير هذه الكواكب، ونفعها وضرّها في حياتهم دون الله سبحانه وتعالى، فضلاً عما فيها من صرف جهد الناس وأوقاتهم فيما لا طائل منه؛ ولهذا جاء نهي الشارع الحكيم عن الكهانة والعناية بها.
واستدل الحراسيس بقول الرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام، قال صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) [رواه مسلم]، وهذا دليل على التغليظ على من أتى كاهناً ولم يصدقه، فكيف إذا صدقه؟ والمقصود بعدم القبول، عدم الثواب لا وجوب القضاء.
وفي سياق الحديث، قال الشيخ علاء جابر لـ "الأنباط"، وهو مؤثر على وسائل التواصل الإجتماعي، أن هذه الفئة هم موظفين سياسيين عند أيادي خفية، عملهم يقوم على زرع الخوف والهلع في الوطن العربي، مشيرا الى الحادثة التي حصلت على الهواء مباشرة مع ليلى عبداللطيف، حين عرض أحد الإعلاميين اللبنانيين "شيك" بقيمة 150 الف دولار، بإسم ليلى عبداللطيف، وغضبت وانسحبت من الحلقة فورا.
وتابع جابر، أنه لا يمكن أن تكون عبداللطيف لديها القدرة على التنبؤ، وهي تقرأ من ورقة، وبطريقة خاطئة أيضا، وهذا يعني انها معلومات تصلها جاهزة، لا علم لها فيها من قبل.
ومن جانب آخر، قال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام، الأب الدكتور رفعت بدر، أنه بحسب تعليم الكنيسة الكاثوليكية، يستطيع الله أن يكشف المستقبل لأنبيائه أو لغيرهم من القديسين، إلا أن الموقف المسيحي الصحيح يقوم على تسليم الذات بثقة بين يدي العناية الإلهية فيما يتعلق بالمستقبل، وترك كل فضول فاسد من هذا القبيل، وعدم التبصر قد يكون عدما للمسؤولية.
وأشار الى انه يجب نبذ جميع أنواع العرافة، المتمثلة في اللجوء إلى الشيطان أو الأبالسة، استحضار الأموات أو الممارسات التي من المفترض أن يكون إكتشافها خاطئا عن المستقبل، واستشارة مستطلعي الأبراج والمنجمين وقارئي الكف، وشارحي الفأل أو الشؤم أو الحظ، وظاهرات الرائين واللجوء إلى الوسطاء، مؤكدا أنها أمور تخبىء إرادة التسلط على الوقت، وعلى التاريخ وأخيرًا على البشر، وفي ذات الوقت، الرغبة في استرضاء الرؤى الخفية، بما فيها من تناقض مع ما هو لله وحده، وعلينا واجب الإكرام والاحترام الممزوج بالخشية والمحبة.
وتابع الدكتور بدر، أن جميع ممارسات السحر أو العرافة التي يزعمون بها ترويض القوى الخفية لجعلها في خدمة الإنسان، والحصول على سلطة فائقة الطبيعة على القريب - حتى وإن قصد بها توفير الصحة - إنما هي مخالفة جسيمة للدين، ويكون الحكم أقسى على هذه الممارسات عندما تصحبها نية إيذاء الآخرين، أو تلجأ إلى مدخلات شيطانية، وحمل التعاويذ هو أيضًا ملام، ومناجاة الأرواح تنطوي مرارًا على ممارسات عرافة أو سحر، مؤكدا على أن الكنيسة تنبه المؤمنين إلى تجنبها، واللجوء إلى أنواع الطب المدعوة تقليدية لا يسوغ استدعاء القوى الشريرة ولا استثمار ما عند الآخرين من سرعة وتصديق.
ومن جانب آخر، أكد الفلكي الأردني عماد مجاهد لـ" الأنباط"، أن ما يقوم به "خبراء الفلك" لا علاقة له بعلم الفلك، وما هو الا شعوذة قديمة من الالاف السنين، حين كان القدماء يعتمدون على حركة النجوم، ويتوقعون من خلالها موت الأشخاص، ولكنها خرافات وسوء إدراك لمفاهيم علم الفلك الحقيقية.
وتابع، أن هذه الفئة دائما ما تظهر في المواسم، في بداية الأعوام، وفي أوقات الحروب، وكل ما يقال هو مجرد توقعات وتكهنات وقراءات للمشهد، قائلا: "كما يتوقع الصحافي حدوث سيناريو معين ويصيب بتوقعه، هكذا هي التنبؤات"، وحدوث ما تم توقعه هو صدفة فقط.
تنبؤات ليلى عبد اللطيف وميشال حايك .. دقة أم معلومات مسربة
وتشهد تنبؤات "العرافات والعرافين" اهتمامًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والاجتماعية، حيث يبرز تساؤل حول دقتهم العالية في التنبؤ بالأحداث السياسية والعسكرية والأمنية، والذي يظهر أن غالبيتها قد ترتبط بمعلومات سرية قد تكون مسربة من جهات معينة، مما يثير التساؤلات حول مصدر هذه المعلومات.
وتشير بعض التسريبات غير المؤكدة إلى أن عبد اللطيف تحصل على معلومات حصرية تتيح لها تقديم تنبؤات دقيقة، لكن يبقى السؤال الأهم، من هي الجهات التي تزودها بهذه البيانات؟ ومن خلال تحليل الأحداث، كشفت العديد من الشخصيات المعروفة في لبنان أنهم قد أبدوا استغرابهم من فشل عبد اللطيف في تقديم تنبؤات دقيقة على الصعيد الشخصي، رغم نجاحها في القضايا الكبرى.
كذلك، يتضح أن بعض البرامج الإعلامية قد استضافت عبد اللطيف وطرحت تساؤلات حول الأموال التي تتقاضاها، دون الكشف عن مصادر هذه الأموال، وردة فعلها حينها زادت من غموض موقفها.