السواعي: "الزراعة" تقيد المزارع ب300 دونم و"الحيتان" يضعون العقبات
الكعابنة: إنتاج القمح لا يغطي 3% من الاحتياج السنوي
مزارعون حولوا زراعتهم إلى الشعير لأسباب مادية
الأنباط – ميناس بني ياسين
تعتبر زراعة القمح والشعير على وجه الخصوص، محط اهتمام بالغ في المملكة الأردنية الهاشمية، نظراً لما لها من أهمية على المستوى الاستراتيجي في منظومة الغذاء وتعزيز الإكتفاء الذاتي، في وقت تشهد المنطقة العربية والعالمية ظروف اقتصادية وجيوسياسية وعسكرية نتج عنها إختلالات عدة بسبب ظاهرة التغير المناخي، الأمر الذي ساق العديد من المراكز المتخصصة بـ الزراعة في الأردن الى مواكبة هذه الظروف والعوامل المؤثرة وإجراء دراسات زراعية نوعية وكمية تتناول زراعة القمح تحسين البذار من أنواع القمح والشعير، فضلا عن أخذ خطوة أكبر بهدف تحسين وأصناف جديدة وملائمة أكثر للمساحات الزراعية في المملكة.
وبـ الرغم من كل ما تقوم بها الدهات والمؤسسات المعنية بـ هذه المسألة إلاّ أن المشهد يتطلب جهوداً أكبر، خاصة أن زراعة القمح والشعير في الأردن تواجه العديد من التحديات والمعيقات حول التكلفة والمساحات المستغلة، علاوة على بعض التعقيدات والإجراءات التي أوضحها مزارعي القمح مع وزارة الزراعة خاصة في مسألة تحديد كميات التوريد وغيرها.
مزارع القمح الأردني عودة السواعي قال : أن زراعة القمح أفضل بكثير من زراعة الشعير، موضحا أن الكثير من المزارعين يفضلونها نظرا لكون القمح من اقتصاد الأردن، ويعتبر ثروة مهمة واستراتيجية للوطن، وتساهم زراعته في رفع اقتصاد الأردن، مشيراً الى أن مزارعي القمح يزرعون سنويا ما معدله 2000 إلى 3000 دونم أرض من القمح، وهذا ما لا ينطبق على زراعة الشعير نظرا لـ استهلاكه المحدود.
وأضاف في حديثه لـ الأنباط، أن زراعة القمح في الأردن وصلت إلى ما نسبتة 35 إلى 40%، وهذا يعتبر رقم قياسي مقارنة بحجم الإنتاج في السنوات السابقة، موضحاً أنه من الضروري على الجهات المعنية العمل على تسهيل زراعة القمح وتوريده وإنتاجه ليصبح الأردن في الخمس سنوات القادمة، مكتفيا ذاتياً في مادة القمح دون الحاجة للاستيراد.
وتابع، أن مزارعي القمح يواجهون العديد من التعقيدات من قبل وزارة الزراعة ولجانها، خاصة في فرض نسبة معينة من توريد القمح، موضحا أن المزارع يعمل على زراعة 1000 دونم من القمح، ويقدم "القوشان" الخاصة بالأرض التي زرعها، ويتفاجأ أن شهادة المنشأ التي تصدرها لجان وزارة الزراعة لا تسمح له بزراعة أكثر من 300 دونم فقط من أصل الـ 1000 دونم، اضافة الى أن المزارع يمنع من توريد أكثر من 300 طن أي بحجم 300 دونم التي سمح له بزراعتها، رغم أن حجم إنتاج أراضي القمح أكبر من 300 طن فقط، على حد قوله.
ورجح ؛ أن الأسباب ربما تكون نظرا لعوامل عدة أبرزها بعض المستوردين من الشركات أو ما أسماهم بـ "الحيتان"، ممن يستوردون القمح من الخارج بمعدل 2000 إلى 10000 طن بتكلفة 200 دينار، وتهريبه إلى الصوامع بطرق خاصة، الأمر الذي يكبد المزارع الأردني مخاسر كبيرة، ويضيع تعبه طوال سنة كاملة في الزراعة والتحصيل، خدمة لـ أن يورد بعض المتجار ما يريدون.
وكشف، أن وزارة الزراعة وضعت بصورة المشكلة وهذه التحديات، وكانت متعاونة وأبدت استعدادها في المساعدة، إلا أن المسألة لم تُحل لغاية هذه اللحظة، موضحاً أنه قد يكون هناك خلل في حل المسألة ما بين وزارة الزراعة ووزارة الصناعة والتجارة.
وأشار إلى أن عدد مزارعي القمح في إقليم الشمال يبلغ 900 إلى 1100 مزارع، وهذا عدد كبير يدل على توجه معظم مزارعي الأردن إلى زراعة القمح أكثر من الشعير، إلا أن تقييد وزارة الزراعة لكميات القمح هو ما يمنع من تحقيق نسب أكبر في الإنتاج، ويضع المزارع في مأزق بالتصرف بباقي كمية القمح المتبقية بمعدل 700 دونم، والتي أوضح السواعي أنها تتكدس، اضافة الى أن المزارع يُمنع من تكديس مادة القمح بهذا الشكل في أماكن مكشوفة، لكنه مجبر على ذلك.
وتابع، تم توريد الكميات المحددة إلى الصوامع مع وزارة الزراعة ووزارة الصناعة والتجارة، أما الكميات المتبقية يتم تخزينه وكمية يتم بيعها في المنطقة وتوزيعها أو الاستخدام الشخصي.
وفي السياق، أكد مدير مركز المشقر للبحوث الزراعية ومدير مشروع إكثار البذار عوض الكعابنة ؛ أن هدف مشروع إكثار البذار إنتاج بذار محسنة، بكميات وجودة عالية وتوريده للمزارعين عن طريق المؤسسة التعاونية، وهو مشروع وطني ينفذ في مناطق مختلفة من الأردن، وتم العمل على دراسة لمعرفة إحتياج المزارعين للبذار في السنة، وكانت النسبة سنوياً من 3000 إلى 4000 طن من مختلف كافة الأصناف من القمح والشعير؛ 9 أصناف من القمح و8 أصناف من الشعير.
وأوضح أن المركز مسؤول عن إنتاج بذور الأساس من القمح والشعير المعتمدة مثل القمح الحوراني، ودير علا، أم قيس، أكساد65، وأصناف الشسعير من أكساد ومؤتة ومأدبا، وتصنع داخل المركز، وتحتاج إلى طريقة إعتماد معينة، ومن ثم يتم تزويد المؤسسة التعاونية بتلك الأصناف التي تمت زراعتها وعليه تقوم المؤسسة بالتعاقد مع مزارعين الاشتراك مع مؤسسات أخرى.
وأضاف أنه يتم التعاون مع مزارعين في الأقاليم الثلاث في المملكة لـ الإشراف على عملية ري مزروعات القمح والشعير ضمن الخطة الإستراتيجية، لضمان توفير بذار في مواسم الجفاف، مشيراً إلى أن كل منطقة وكل إقليم في المملكة يناسبه نوع معين من القمح والشعير؛ مثل قمح أم قيس ودير علا الملائم جداً لإقليم الوسط، وقمح أكساد 65 وقمح شام من الأصناف الملائمة لإقليم الشمال، وصنف القمح الحوراني والذي يلائم إقليم الجنوب، وصنف رم ونوير من الشعير، وصنف مؤتة ومأدبا في إقليم الوسط من الشعير، وأكساد في الشمال، أما فيما يتعلق بصنف ما تحت الري من القمح، فتفوق صنف أكساد 65، ومشقر، وصنف شام، وصنف أذرح من الشعير.
وبين أن الاحتياج السنوي للقمح والشعير، تصل إلى 900 ألف طن لكل من القمح والشعير، إلا أن إنتاج القمح لا يكاد يصل إلى 3% من الاحتياج السنوي.
وفي سؤاله حول ما كان يتدوال عن منع الأردن من زراعة القمح لتوقيعه على إتفاقية مع أمريكا تنص على ذلك أكد أن هذه شائعة غير صحيحة لا تمت للحقيقة بصلة، ولا وجود لمثل هذه الاتفاقيات، وإن الأردن داعم للقمح بـ 300 دولار، يتم شراؤه من المزارع المتعاقد مع المركز بـ 500 دينار، ولم تقال كلمة "لا" لأي مزارع أراد أن يزرع القمح.
وقال متسائلاً، أين المساحات المستغلة لزراعة القمح، موضحاً أن احتياجات القمح البعلية تصل إلى 350 مل مما دعى بعض المزارعين تحويل زراعتهم من القمح إلى زراعة الشعير نظراً لأن ما ينتجه القمح بمعدل 200 كيلو؛ يعطي الشعير ضعفه أي 400 كيلو، ما يعني أن بعض المزارعين يرون الأمر من منظور مادي، وأصبح هناك تراجع كبير في زراعة القمح أي ما يقارب 30% مقابل 70% من زراعة الشعير، لأن زراعة الشعير مضمونة ولا تتأخر مثل القمح ولا تتأثر بالظروف الجوية.
وأشار أن المركز يتعاون مع منظمات دولية باستمرار مثل منظمة أكساد، والمركز العربي لدراسة المناطق الجافة، مبيناً أن كلف الأبحاث والدراسات بخصوص المشروع الوطني، كبيرة ولكنها ليست أرقام مهولة، وأن المركز الوطني للبحوث داعم أول، زيادة على تخصيص رقم من الموازنة لمشروع البذار تحديداً.