المستشارة والكاتبة التربوية : د.ريما زريقات
من خلال متابعاتي لمقالات وتصريحات عديدة ، لاحظت التركيز على موضوع غياب الطلبة واعتباره ظاهرة ، الغريب أن هذا الأمر لم يكن موجودا من قبل ، كما أسلفت في مقال سابق ، سوى غياب طلبة الثانوية العامة بسبب الدروس الخصوصية ومتوقع وليس بجديد ، الغريب أن يتم حصر صعف التحصيل بالغياب المدرسي مع أن مقرراتنا الدراسية متوفرة إلكترونيا وفيديوهات الشرح موجودة ، بمعنى حتى لو تغيب الطالب يمكنه متابعة المنصات التي تم اعتمادها والدروس المحوسبة .
للأسف هناك أمور عديدة أغفلناها في نظامنا الحالي ومقرراتنا الدراسية في وزارة التربية والتعليم ، وهناك فجوة تربوية وليست تعليمية بين من أعد الكتاب المدرسي وطبيعة تعلم ومتطلبات الطالب في زمننا هذا ، مازالت كتبنا الدراسية تنسجم مع أجيالنا وليس جيل طلبة هذا الوقت إلا القليل منها أو بعض مواضيعها ، وما زالت مقرراتنا مقيدة بالغرفة الصفية والجدران الأربعة ، لماذا أغفلنا الجانب النفسي وطبيعة تعلم الطلبة ؟ أين تفريد التعليم ؟ هل تم لقاء مثلا الطلبة من صفوف مختلفة وعقد مجموعات تركيز لمعرفة اهتمامات طلبة هذا الوقت قبل تطوير بعض مقرراتنا الدراسية ؟ هل لبت هذه المقررات طموحات هذا الجيل ؟ قد تكون على درجة عالية من القيمة المعرفية والتخصصية والأكاديمية ، لكن هل راعت الاندماج الأكاديمي ؟ هل راعت الشغف الأكاديمي بشكليه القهري والإنسجامي ؟ نغفل هذه الجوانب للأسف ، مشكلتنا دوما ليست بالمعلومة بل بتحويلها إلى المعرفة .
نسب الكثيرين ضعف التحصيل للتعليم الإلكتروني مغفلين أن هذا الجيل هو من يتقن أدوات ووسائط التكنولوجيا والتعامل معها ، ما زلنا نقيم هذا الجيل بنظرتنا نحن والتي لم تتغير منذ سابق زمننا وليس بتبادل الأدوار ، لو راقبنا أبناءنا وكيف يتقنون ألعابا إلكترونية ويتعلمون المفردات الأجنبية والمهارات المختلفة بكل حرفية لتأكدنا أننا مقصرون مع هذا الجيل ولم نلبي طموحاتهم ومتطلباتهم ، أتعلمون أن التعلم الإلكتروني ومنصة درسك عالجت الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية لدى الطلبة وخاصة في فترة المراهقة ؟ أتعلمون أن التعليم عن بعد عالج مشكلة الخجل والتنمر وعالج مشاكل الثقة لدى الكثير من الطلبة ! وخاصة لدى الطلبة الذكور ، وأنا متأكدة أن الغياب المدرسي في مدارس الذكور وليس الإناث .
نحن بحاجة وكما أسلفت لمعرفة أنماط تعلم الطلبة ومعرفة مجالات الذكاءات المتعددة لدى الطلبة ، نحن بحاجة لتأهيل المعلم والمشرف وحتى القائمين على تطوير المناهج على ذلك ، صدقوني أن طالبنا مبدع ، لكن لا يوجد شغف أكاديمي أو بالأحرى لم نولد لديه هذا الشغف الأكاديمي ، كم يعجبني موضوع المهارات والمشاريع والخدمة المجتمعية وغيرها لدى طلبة البرامج الأجنبية ، هذا الأداء وهذه الواجبات هي التي تولد الشغف الأكاديمي ، بشكليه الإنسجامي والقهري ، وليس الغياب هو السبب ، الغياب ليس سببا لضعف التحصيل ، بل الغياب يؤكد لنا أن هناك فجوة تربوية بين عناصر العملية التعليمية ولا بد من إعادة النظر وردم هذه الفجوة .....وللحديث بقية ...