مقالات مختارة

حرب غزة والقمة العربية غدًا

{clean_title}
الأنباط -
حرب غزة والقمة العربية غدًا 
 الدكتور علي المر 

يستعمل الصهاينة والأمريكيون إيران وجماعاتها فزاعة لبث الرعب في الشعوب العربية فتقعدهم أو تخذلهم عن مناصرة غزة.  

ويلاحظ كلما زادت بشاعة العدوان على غزة وزادت الحشود الغربية كثرت تصريحات قادة الغرب والناطقين الرسميين وعلت نبرة الإعلام الصهيوني والأمريكي بالتحذير من احتمال توسع نطاق الحرب ودخول إيران وشيعتها في الحرب وتحقيق مكاسب لها في الأرض العربية. فينصرف اهتمام العرب شعوبًا وحكامًا لهذا الخطر الداهم القادم من إيران. 
ويساعد في ترسيخ هذه الدعاية ( عن قصد أو بدون قصد) ما يعلن بين الحين والآخر عن عمليات في جنوب لبنان ومن اليمن والعراق من الحركات المحسوبة على إيران. 

وكأن الإعلام الغربي الموجه والعربي المتصهين يقول للعرب بهذه العمليات: انظروا جاءتكم إيران وأحزابها. اسكتوا على بشائع الحرب في غزة. فما هذه الحشود الغربية إلا لمنع توسع الحرب الذي ستكون إيران هي المستفيدة الأكبر منه. في فعون مستوى القصف والقتل والتدمير  في غزة وتتطاير شراراته إلى الضفة الغربية والدول المحاورة وأولها الأردن . 

ملخص القول: إيران بعبع يستخدمه الصهاينة والغربيون  لإخضاع العرب شعوباً وحكامًا وصرف أنظارهم عن أبشع مجزرة إنسانية في التاريخ البشري في غزة، وعن التفكير في أبعادها الجيوسياسية وفظائعها وتداعياتها المتوقعة أو المحتملة. 

هذه حقيقة أصبحت واضحة وشاخصة للعيان ولا يمكن إنكارها أو إهمالها في حساباتنا على كافة الصعد الفكرية والاجتماعية والسياسية والدينية  … ومن الفرد إلى الدولة والأمة. 

ولكن هذه النتيجة أو التصور أو القناعة لا تمنعنا من التفكير بنظرة أوسع أفقًا ومدى. 

فمهما يكن من شأن إيران وعلاقاتها ومواقفها المعلنة أو الباطنية  وعدائها لليهود وأطماعها في الأرض العربية فإنها في النهاية مستهدفة كقوة صاعدة من إسرائيل التي تسعى للهيمنة والتفرد في المنطقة على المدى المتوسط والبعيد. وتحويل شعوبها إلى رعاع لا قيمة ولا وزن له إلا بما يخدم  الإنسان الإسرائيلي وفق عقائدهم التلمودية؛ وتحويل دولها إلى كيانات متصارعة تخدم مشروعها الصهيوني. 

ومثل إيران فكذلك بالنسبة للدول العربية. فهي مستهدفة قبل إيران وأكثر منها. بحكم قربها من القضية الفلسطينية وعلاقات الدين والدم والقربى والجغرافيا … الخ مع الشعب الفلسطيني. 

والأقرب من الجميع بالطبع هو الأردن. فهو  في مقدمة الدول العربية لساحات المواجهة والقتال. وهو يقف على خط الدفاع الأول عن العرب وإيران وسائر الدول الإسلامية وحتى العالمية الرافضة للمشروع الصهيوني العالمي التلمودي البغيض. 

وهو أي الأردن يقع اليوم في عين الإعصار الحارق الجارف. وأول المستهدفين منه بعد حرب غزة مباشرة. 

فغزة هي خط الدفاع الأول عن الأردن الذي يجب منازلته فيه بطريقة أو أخرى. وخط الدفاع الثاني عنه هو الضفة الغربية. وخط الدفاع الثالث هو الداخل الفلسطيني. والتهاون في معركة كل خط يقرب أرض المعركة منا ونخسر في حرب سريعة ومتسارعة مختلفة عن كل ما سبقها. فلن تمكث طويلُا حتى تنتقل إلينا. 

هذا ما ينبغي أن يعرفه العرب والمسلمون والعالم ونبني عليه تصورنا للاستعداد لمواجهة هذا المشروع التوسعي. 

الأردن بحاجة من القمة العربية والإسلامية للدعم المادي والمعنوي وبالسلاح. 
وإذا لم يتحقق فهو قدره وهو مصيره ولن يكون المقاتل الأردني أقل شأنًا وبأسًا من المقاتل الغزي والفلسطيني الذي ضرب مثلًا في التاريخ البشري كله في القوة والشجاعة ورباطة الجأش وحب الموت لتحيا الأمة. فكلنا من هذه الطينة ونحمل نفس العقيدة. ولقد جرب الصهاينة بأسنا يوم الكرامة في بلدة الكرامة يوم التحم المقاتل الأردني والمقاتل الفلسطيني وانصهر الدم في جسد واحد. فكان أول نصر حديث للعرب على اليهود. ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه ومعركة الكرامة الثانية أمامنا. يوم يلتحم فيها الأردني والفلسطيني وينصهر الدم وتعود الكرامة المهدورة للعرب والمسلمين. 

الواقع صعب ولكن ما يبدو لنا وهو حقيقة أن الخيارات تضيق بسرعة فائقة والحاجة لقرار صعب في مثل هذه الحالات يصبح أكثر إلحاحًا.  

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )