د.ريما زريقات
بدأ و منذ فترة ليست بقليلة
ما يعرف بالتنمر وهو مفهوم متداول وشائع ، وغلب استخدامه تربويا بالمدارس وأحيانا قليلة
بالجامعات ، وكثيرون ممن يتم التنمر عليهم يفقدون حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر
للأسف ، فإذا وجد المتنمر عليه وقليلا - ما يجد - سواء أسرة متفهمة أو مرشد تربوي أو معلم أو مدير
مدرسة قد يتجاوز هذا الأمر ومن خلال خبرتي التربوية كان القليل من أولياء الأمور
يقومون بنقل ابنهم على مدرسة أخرى كحل جذري للموضوع ، ولكن لن يزول أثر هذا التنمر
ويكون قد أثر على جوانب كثيرة من شخصيته .
في الوقت الذي ينادي به سيد البلاد حفظه الله ويوجه وتنادي به السياسات
المختلفة والبرامج المختلفة والتوجهات الحديثة جميعها بدعم المرأة وزيادة مشاركتها
السياسية والاقتصادية والمجتمعية و ضرورة وجودها في مراكز صنع القرار والمناصب
القيادية ، يمارس على المرأة للأسف التنمر الوظيفي الواضح ، فيتم نقلها للموقع
القيادي لقدرتها على موازنة الأمور وتحكيم العقل أينما دعت الحاجة وبنكهة بسيطة من
العاطفة مع عمق استراتيجي وبعد شامل ويقال إليها " أنت قديرة " لذلك تم
نقلك لهذا الموقع ، لكن للأسف حين يفشل المسؤول مع كل احترام باتخاذ قرار ما ، لا
يجد إلا هذه المرأة لتدفع الثمن ، للأسف كما يقال " كبش فداء " ، وحين
تتضارب المصالح يجتمع الرجال للإطاحة بها ، ثم يلجأ هذا المسؤول وبمشاركة أو
توجيهات من حوله وبمعلومات مغلوطة وخاطئة للأسف الشديد وقد تكون مصطنعه على نقلها
أو إحالتها للتقاعد ، في حين تكون أخطاء الرجال في مواقعهم القيادية جسيمة وهم من
يرتكبوها وليس المسؤول ولا تتم محاسبتهم أو معاقبتهم إن جاز التعبير ، ماذا يسمى
ذلك ؟! ألا يسمى تنمر وظيفي ؟! ألم يتم ضرب التوجهات والسياسات بعرض الحائط ؟! أين
هو الأمان الوظيفي للمرأة ، إن كانت بعض المجتمعات ما زالت ذكورية ، هل يعقل أن تصبح بعض مؤسسساتنا عفوا أيضا ذكورية ؟!
أتعلمون أنها تدفع الثمن أيضا كما
هو الطالب ؟! وقد تعود لبيتها وأسرتها ومجتمعها محطمة محبطة وغاضبة ويتحول كل ذلك
العطاء والتفاني والإخلاص لحقد دفين يجسد أو يعكس في ممارسات كثيرة أسرية أو
مجتمعية أو وطنية ؟! كتبت قبل هذه المرة مقال تضمن بماذا تتميز المرأة وتنجح
بموقعها القيادي ، أكرر ذلك بأن الرجل دائما يربط أي ممارسة برجولته أي قرار
يخالفه يعتبره امتهان لرجولته للأسف ،
وهذا ما يميزهما عن بعضهما البعض ولست حقيقة بصدد المقارنة ،لكن المرأة وهي صانعة القرار وليست متخذته تقريبا
بالأسرة حريصة على ممارسات ابنها الذكر، فتلم بجميع جوانب ما يخصه في مجتمعه
الشرقي ، فالمرأة التي تستلم الموقع القيادي هي امرأة شرقية أردنية ولا تعمل بمعزل
عن هذا المجتمع المحافظ والذي بكل تأكيد يحافظ على هيبة هذا الرجل لكن القوانين
والأنظمة أكبر من كل هذه الاعتبارات وكل واسطة
ومحسوبية .
لا أخفيكم وقد عشت هذه الظاهرة
واسمحوا لي أن أصفها بالظاهرة ، لأني غيري من النساء دفع هذا الثمن أيضا ولست
الوحيدة ، لذا لابد أن نعيد النظر في هذا
الأمر، وليس إعادة النظر في تعيين المسؤول من هذا النوع فقط ، بل تعيين كل من
يحيطون به من الصف الثاني في مؤسساتنا ، أوجه كلامي هذا لكل من يخاف على مصلحة
الوطن لأن المؤسسات الوطنية هي جزء من هذا الوطن ونحن ننادي بالشفافية والنزاهة
والحاكمية الرشيدة ، ولأن المرأة وفي كل الكتب السماوية مقدرة ولها قيمتها الدينية
و الدنيوية ، ولأنها صانعة المجد في أسرتها ومجتمعها ، الأم والابنة والأخت
والزوجة ، ولا يخلو أي نجاح من لمستها وأثرها وتجسيدا لمقولة " وراء كل عظيم امرأة وسيدة عظيمة وفاضلة " .