الأنباط -
لقد نجح الغرب في إغضاب أكثر من مليار مسلم على سطح هذا الكوكب ، واتضح ان هذه الفئة التي كانت تنادي بالحضارة والثقافة والأخلاق كانت مجرد خطابات سياسية فارغة ، واتضح تماما أن هذه المناداة ما هي إلا تمترس خلف مصالحهم ، وسعيا منهم لتدجين شعوب الأرض لتسير وفق التلويح بالحضارة منهم ، وهم يخفون العصا خلف ظهورهم لمن لا ينصاع لرغبات هذه الفئة .
ليس لحياة البشر قيمة عندهم ما دامت هذه الحياة لا تساهم في تغذية الآلة التي تأكل الأخضر واليابس ، وتسعى لرغدها ورخائها وراحتها ، ولو على حساب حياة البشر وكرامتهم وأرضهم وجوعهم وعطشهم ، لا أدري حقا ما الذي سيغسل عنهم هذا العار بعد هذا الإنكشاف الفاضح في المواقف ، لقد ساهم الموقف الغربي بجعل الكثيرين من أبناء الأمة يعرف هذه الحقيقة بشكل لا يقبل الجدل ، وقد كان الكثيرين يسعى بكل السبل لمحوها وإظهار عكسها تماما .
لقد تعاظم الشرخ بعد هذه الحرب بين العالمين ، وسيكون لهذه الحرب نتائج كارثية على الإجيال القادمة وعلى العلاقة بين الأجيال ، لن يستقيم الحال ، فهذا الشعور بالإستعلاء عند طرف ، وقدرته على التعامل بدون إنسانية ولا قانون ولا حقوق انسان ، سيساهم بخلق مشاعر قوية تجاه الغرب عامة والدول التي تحالفت مع العدو في حربه خاصة .
وتعاظم الشرخ أيضا بين الشارع والسياسة ، وعدم قدرة السياسين على إستغلال قوتهم وما يملكون من وسائل لتخفيف أثار هذه الحرب ، وعدم وجود موقف موحد بين القادة العرب بخلاف الموقف في دول ما تسمى بدول الممانعة ، ساهم بشكل كبير في وضع القادة العرب في حرج كبير .
نحن نتعامل مع الغرب بعيدا عن المؤسسات ونقاط والقوة والضعف في عالمنا العربي والإسلامي بين هلالين على اساس شيوخ قبائل ، وعدم وجود أسس للتفاوض المباشر لما يحقق مصالح الأمة مقابل مصالح الغرب ، وعدم وجود ندية وعدالة في التبادل الاقتصادي والسياسي والمصالح الجغرافية والعسكرية .
وهذا إنعكس بشكل كبير على الثقة بين الشارع والحكام ، إن عدم وجود دولة محورية إسلامية سنية قوية ، وعدم وجود موقف عربي قوي يدرك نقاط قوته و يسعى لتعظيم ما يحصل عليه في المفاوضات مع الغرب ، وعدم الوصول إلى مكاسب ترضي الشارع خلق حال من السخط الشعبي نراها بوضوح في الشارع وفي مواقع التواصل .
إن ما قام به الغرب هو إنجاز مخيف ، ضرب به موقفه وسمعته وأثر على حلفائه بشكل كبير ، وإن كان الغرب يتعامل بصلف وإستعلاء ولا يلتفت إلى هذه القضايا ، فعليه أن يعلم تماما أن الجيل الجديد من القادة والمسؤولين في العالم العربي يشعر بهذا الشعور تجاه الغرب ، وليس فقط في عالمنا الإسلامي ولكن حتى في صفوف المنصفين من إبناء الغرب نفسه ، الذين تغير موقفهم نتيجة هذا الصلف والتجاهل لحقوق الإنسان والقانون العالمي .
و يجب على القادة العرب والسياسين قراءة الموقف بشكل جيد والإستعداد بمعرفة نقاط قوتهم وضعفهم ، ونقاط قوة الغرب وضعفه ، والسعي لتأسيس تحالفات تضمن بالحد الأدنى مصالحهم ومصالح شعوبهم ، خاصة إن هناك الكثير من النقاط التي من الممكن إستغلالها لتعزيز هذا الموقف .
وعدم إستغلال هذه النقاط الإقتصادية والسياسية والجغرافية والدينية كما يفعل الغرب ، مع ما يتمتع به عالمنا العربي والإسلامي من هذه النقاط ، سيكون له أثر سلبي وكبير على العلاقة بين الشارع والسياسة .
وعدم التفاعل مع الأحداث كما يجب سيزيد من هذه الهوة بين الطرفين .
إبراهيم إبو حويله ...