مقالات مختارة

عندما يفقد الاعلام بريقه..! لمحمد محيسن

{clean_title}
الأنباط -
اسمحوا لي ان اكون قاسيا بعض الشيئ..
وقف الاطباء قبل اسابيع بشراسة للدفاع عن مهنتهم امام ما اسموه تغول شركات التامين  - مع تحفظي على مغالاة الأطباء في مطالبهم- ولكن ( وهذا حقهم) فقرروا وبالاجماع، التوقف عن استقبال حالات التأمين اعتبارا من الثاني من أيلول.
طبعا الاطباء وجدوا الكثير من المنابر الاعلامية التي اجلستهم امام الكاميرات فيما ضجت المواقع الاكترونية بنقل الخبر ، وتحالف مع الاطباء نواب وسياسيون والحبل على الجرار.
واذكر ايضا انه عندما كانت النقابات المهنية تواجه حربا من اطراف حكومية او سياسية ، وقف الاعلام الى جانبها بقوة باعتبارها بيوت للخبرة ، واذكر ايضا ان المنبر الوحيد الذي امتلكته الاحزاب السياسية، هو المنبر الاعلامي .. وعلى الرغم من قيام بعض الوسائل بالعمل العكسي الا ان منبر النقابات والاحزب الوحيد كان الاعلام .
وبما ان الحديث يطول عن دور الاعلام فقد ساهم الاعلام بشكل او باخر باعادة الحياة النيابية ، من خلال المطالبة بالديمقراطية عبر صفحاتها اليومية والاسبوعية ومقالات كتاب الراي وحتى التقارير الاخبارية التي نقلت صوت الشارع الرافض للاحكام العرفية.. فكانت الكثير من وسائل الاعلام مرآة عاكسة لواقع الشارع العريض ، في حركيته وتموجاته، كما في سكونه وتصلبه وتمنعه.
لم يقتصر الامر على ذلك فحتى الحكومات قامت باستغلال وسائل الاعلام لصالحها على الرغم  أن مهمة الإعلام يجب أن يكون "الضمير الحي" للمجتمع، يرصد جوانب مكوناته النفسية والسلوكية، ويعبر عنها بموضوعية في نقل الخبر، لكن دون أن يحرم رجل الإعلام من حقه في التعبير والتفكير والرأي.
ودافع الاعلاميون والصحفيون عن المجتمع فبحثوا عن اماكن الفقر والتقوا مع الفقراء والمحتاجين ، وغاصوا في حفر الشوارع والمطبات وانهمكوا في الحديث والتقاط الصور للقرى والبلدات والمخيمات الغارقة في اللامبالاة .
في المقابل عندما انهارت العشرات من المؤسسات الاعلامية ، بعد ان فقد الاعلام بريقه، ودخل على القطاع الالاف من غير الاعلاميين وليس لهم علاقة بالصحافة ، وعندما تشرد العشرات منهم بين المواقع الالكترونية والمؤسسات الاعلامية المنهارة ، لم يجد هؤلاء من يدافع عنهم بل على العكس تنطح الكثير من السابق ذكرهم، للهجوم على وسائل الاعلام واتهموها بالمبالغة واثارة الفتن او بعدم نقل الحقيقة. فوقعوا بين مصيبتين .. المجتمع يعتقد انهم منحازين للحكومة بينما الحكومة تتهمهم بالمبالغة واطالة اللسان ..واشياء اخرى .
وابدع نواب في تقزيم وسائل الاعلام وتقييدها بسلسلة من القوانين، تجاوزت في قساوتها الاحكام العرفية، رغم انهم اول من يعتلي المنابر الاعلامية فيما صورهم تملإ الصحف وتصريحاتهم ومواقفهم المتناقضة تضج بها المواقع الالكترونية.
الغريب في الموضوع ان الصحفيين انفسهم لم يدافعوا عن مهنتهم بل ساهم بعضهم في اضعافها حتى وصلت لحالة الموت السري ، فهي باتت تتلقى الاوامر فقط ...؟
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )