الأنباط -
" و ان سئلوا عن المكافحة الحقيقية ، قالوا توجد في لبنان " نعم ! توجد في لبنان ! توجد في لبنان ازمات لا تنتهي و يوجد شعب لا يتعب و لا يمل من الأمل و حتى بعز الألم . يوجد في لبنان عواصف بلا توقف و يوجد شعب مرض من العواصف لكنه لن يمت .اتدرون لماذا ؟ لأنه لبنان بلد القوة و الصلابة ، لبنان الذي وّلد ابناء و صنع اجيال و علمهم ان القوة سلاح و الوطن كنز و ثروة يتغنوا بها اينما ذهبوا هو لبنان الذي مهما اهتز لا يقع ، هو لبنان بلد الصمود ، هو لبنان بلد العادات و التقاليد التي مهما تكن قديمة يجددها ابناء لبنان و يعيدون لها قيمتها ، هو لبنان كتبت عنه مئات الأغاني و مئات الأشعار و لم تكن فقط آتية من فنانين و شعراء لبنانيين بل من فنانين من جميع البلدان لأنه لبنان يغمر زائريه و القائمين فيه دوما بالآمان و السلام و يؤكد لهم ان الفرح باق و لا نهاية له . لأنه لبنان الذي سحر الألاف و دخل الى قلب كل شخص زاره او لن يزوره . بالفعل ! فإن لبنان يستحق الأغاني و القصائد و الأشعار و يستحق المحبة الصادقة و على الرغم من القباحة التي تحاول ان تطغي على جمال لبنان يبقى هذا الجمال مخلدا في قلوب من عرف لبنان و من احبه بإخلاص و تبقى روعة لبنان بكل ما فيه من اماكن الى الأبد بقلوب ابناءه و شعبه
يوجد في لبنان مناصب سياسية لمن لا يستحقها ، مناصب و رؤوس لا عداد لها ، مناصب لأناس لا يستحقونها ، لا يستحقونها لأنهم هم من دمروا الوطن و جعلوه على هاوية الفقر ، لا يستحقونها لأنهم ظلوا مكتوفي الأيدي تجاه وجه الشعب و ألمه الكبير ! لا يستحقونها لأنهم يدفنون العدالة دوما في كل كارثة امنية و اجتماعية و سياسية و اقتصادية تحصل ، لا يستحقونها لأنهم هم حجزوا اموال الناس في المصارف و دفعوهم الى الذل من اجل الحصول على مبلغ زهيد من المال ، دفعوهم يدقون ابواب المصارف فلا احد يفتح لهم و لا احد يستجيب . لا يستحقونها لأنهم هم من ساهموا في التجارة و الاحتكار ، احتكار الأشياء ذات الأكثر اهمية في حياة المواطن ! احتكار الخبز من الأفران ، هذا الخبز الحاضر على طاولة الفطور و الغذاء و العشاء هذا الخبز المقدس الذي لا يرمى و لا يقدر بثمن جعله الفاسدون بدون قيمة ، احتكروه و اظهروه لاحقا ليبيعوه في سعر راتب مواطن . احتكار الأدوية من الصيدليات اي احتكار " منقذ المريض " احتكروه لأن ضميرهم مفقود و لأن السرقة و النهب تعرّف عنهم ، احتكروه لأنهم اغبياء و جاهلون فالسرقة ثقافتهم الأولى و الأخيرة . لا يستحقونها لأنهم هم من قطعوا الكهرباء عن لبنان ، قطعوا النور عنه و عن المنازل ، فكم هي كثيرة الصرخات التي تعبر عن وجع و الم المواطن حيال قطع الكهرباء ، المريض الذي يعيش على الماكينات خسر حياته بسبب فساد الدولة و قطعها للكهرباء ، الطعام الذي رمي في سلة المهملات بسبب عدم تشغيل البرادات و حكايات اخرى ايضا ، لا يتسحقونها لأنهم هم من كانوا السبب في جعل المواطنين فقراء ، معذبون و مرهقون ، هم من خلقوا للمواطن ملجأ واحدا لا بديلا عنه و هو " الطريق " الطريق حيث هناك يمشي المواطن كيلومترات و يمر بين السيارات لكي يطلب مالا كي ياكل و يؤمن دواءه ، هم من دفنوا شعبهم على الطرقات مذلول و معذب ، هم من ارقصوا قلوب المواطنين خوفا و رعبا لا نهاية له ، هم من حولوا الحياة من نعيم الى جحيم ، هم من زادوا من عداد الفقراء على الطرقات بدلا من ان يؤمنوا لهم موقعا امنا و ان يعملوا على عدم الزيادة من حدة الفقراء . فقراء بملابس ممزقة و بوجوه سوداء و بدون حزاء ، فقراء حيث الجوع يأكلهم و حيث الذل يبتلعهم ، فقراء حيث ثرواتهم في المصارف احتجزت و تعبهم هدر . لا يستحقونها لأنهم هم من امحوا من اغنية لبنان رح يرجع كلمة " جنة مقدسة " و ابدلوها بكلمة " جهنم " . لا يستحقونها لأنهم الغوا من قاموس الوطن الفرح و الحب و الطمأنينة و ابدلوها بالحزن و الكره و خيبة الأمل . كما رأيتم وصولنا الى هنا لا بد انه كان بسبب هؤلاء الفاسدون الملقبون بمسؤولون لقب في مكانه الخاطئ فهذا اللقب المعطى لهم عليه ان يبدل بلقب السارق و اللص كما بدلوا كل ما هو جميل بالقبيح !
و كما يوجد في لبنان ازمة خلفها المسؤولون ، يوجد مكافحون حقيقيون يواجهون هذه الأزمة و هنا يمكننا ان نقول " و ان سئلوا عن المكافحة الحقيقية ، اجابوا توجد في لبنان " لأنه يوجد في لبنان شعب يرقص و يغني و يفرح و يكافح و يبتهج بلا كلل و لا ملل ، يوجد في لبنان شعب يكافح التلوث في الطبيعة بالمحافظة عليها ، طبيعة نظيفة يساهم في بناءها شعب قوي ولد من رحم المعاناة ، طبيعة حيث الطيور تزقزق و ترسل السلام و الحرية و الأسر و الحكمة ، طبيعة حيث تشرق الشمس في كل صباح و لا يخفيها تلوث الهواء و الحرائق ، طبيعة حيث نظافة البحر و مياهه و لا قباحة منظره بالزبالة ، طبيعة حيث يعم الأمان و حيث لا تموت الأشجار بسبب قطعها بل تعيش و يحافظ عليها و تولد فواكه طبيعية و خضار يأكل منها المواطن و يتغذى ! طبيعة حيث تسقى الورود و الأزهار في الحدائق و تنبت لكي تملي الطبيعة جمال و اناقة !
يوجد في لبنان مهرجانات و حفلات غنائية تحيي الأمل و التراث اللبناني و العادات اللبنانية ، الدبكة اللبنانية الحاضرة في كل حفلة و مهرجان و التي يشارك فيها المواطن اللبناني بكل سرور على الأغاني الحماسية . كرم الضيافة الذي يعرّف عن اللبنانيين حيث يلاحظ الناس في كل المهرجانات انهم في منزلهم و تنهال عليهم الاستقبالات ، الأغاني اللبنانية القديمة اكانت وطنية ام تعبر عن حب و فرح و ثقافة ، الأغاني التي لا تمر حفلة الا و تكن حاضرة ، اغاني الزمن الجميل الذي يستذكرها الشعب اللبناني مجتمعا على الحانها و يرقص عليها بكل بهجة و يستذكر معها اياما كان فيها لبنان مفعم بالآمان و الحياة و الضحكات الأغاني التي تحيي لبنان و تراثه ففيروز التي غنت له " وطني " و الشحرورة صباح التي دعت المغتربين للعودة الى وطنهم من خلال اغنية " ع لبنان لاقونا " و ملحم بركات الذي احيى الشعب اللبناني باغنية " نحن اللبنانية " تبقى هذه الأغاني حاضرة في الذاكرة و هذه هي اجواء المهرجانات في لبنان لها طعم اخر لماذا ؟ لأنه لبنان تكثر به الشدائد و لا يقل به الأمل
يوجد في لبنان شعب لديه ضحكة لو طال غيابها عن وجهه تعود بقوة ، تعود لتؤكد مجددا ان الأمل باق و ان الحياة لا تتوقف على ازمة ، شعب يساهم دوما في بناء الأفضل ، بناء مستشفيات يعالج فيها المرضى ، بناء مسارح تقدم عليها مئات العروض المفيدة الساحرة و الملفتة ، عروض تعطي لكل موهبة قيمتها ، بناء شباب و شابات ذات اصحاب شهادات و شخصيات قوية في المجتمع ، شخصيات تستلم قضايا متعددة المجالات كي تعالجها بكل ضمير ! شعب لو ملأ الظلام عينتيه الإثنتين يبقى هناك مساحة ليرى النور منها !
يوجد في لبنان قوة لا تنتهي صلاحيتها لو مهما ازداد الأسى و لو مهما ازدادت الكوارث فلبنان لا يعرف ضعفا و لا يعرف استسلاما و لا يعرف هزيمة و لا يعرف حزنا ابديا ! تستأنف افراحه دوما لأنه لا يقبل بالفشل ! من يملك وطناً مثل لبنان يملك كنزا لا تضاهيه درر العالم و ان اجتمعت ففي طيات بيروت يسكن السلام و في جبال بعلبك يعيش الفرح و على شاطئ صيدا يرقص الأمل ! و ان كان جبران خليل جبران هو من كتب قصيدة لكم لبنانكم و لي لبناني فنحن اليوم نقول لخاربي البلد لكم لبنانكم بكل ما فيه من الاغراض و المنازع و لنا لبناننا بكل ما فيه من الأحلام و الاماني
لبنان لبس ثوب البطالة و الفقر لكنه لم يلبس يوما ثوب الهزيمة و الاستسلام و لن يقتلع يوما ثوب الأمل و الكفاح ، سيبقى لبنان افضل بلد سياحي و سيبقى يخطف قلوب ابناءه و زائريه و لو مهما حاولوا توسيخ صورته و تهديم اماكنه سيبقى لبنان شامخ الرأس و اجمل الأوطان و اكثرها تألقا ! و لو مهما كثر الوجع فإنه لن يقتل لبنان و لو فجر البلد سيساهم شعبه دوما في اعادة بناءه و ترميمه ! و ان غابت عدالة شهداء كوارث لبنان التي تسبب بها الفاسدون على الأرض فانها لن تغيب في السماء ! و ان هاجر مئات اللبنانيين و رمت بهم البطالة على كف العفاريت في بلاد الغربة فانهم سيعودون و ستعود معهم الضحكة التي سرقها المسؤولون من كل منزل بسبب كوارثهم التي لا تنتهي سيعودون و يرسلون مكانهم هؤلاء الفاسدون الذين تسببوا برحيلهم ! لبنان كالصخرة التي لا تهتز و لا تقع ! لبنان المكافح ، صاحب الصلابة و الارادة القوية ، على امل ان يعود لبنان من جديد ، يعود كي يجمع ابناءه تحت سقف وطن واحد ! يعيشون و يموتون معا ! و يدفنون في مسقط راسهم لا في بلاد الغربة !
لبنان سيبقى جنة مقدسة لو مهما عصفت فيه الأزمات !
كاتب المقال : مارفن عجور
عنوان : و ان سئلوا عن المكافحة الحقيقية لأجابوا توجد في لبنان