الأنباط -
الكبريت!
عمر الكعابنة
صوت الإثارة يتصاعد مع كل خطوة نقترب بها من ملعب الفيصلي والوحدات، لتكشف الستار عن أحداث مباراة كرة القدم الغريبة التي ليس لها مثيل حول العالم.،ونعم، لقد أخفينا الولاعة الملعونة في السيارة، ذلك الاختراع الذي يبدو أننا نحبه أكثر من أنفسنا، ولما لا؟ فنحن شعب مجنون بـ إشعال السجائر ويتصدر العالم في هذا العشق الأسود، لكن هل تعلمون سر هذا الإخفاء المحكم؟ لا يمكننا أن ندع هذه الولاعة الشيطانية تدخل الملعب، فهي مصدر خطر حقيقي وفقًا لتعليمات اتحاد كرة القدم الأردني، بينما "السجائر الالكترونية" يسمح لها بذلك رغم أنها ذات طبيعة مشابهة للولاعة ويمكن إستخدامها لذات الغاية! ما علينا، ولكن هل حقًا تبقى خارج الأسوار؟ بالطبع لا، فهي تجد طريقها بالنهاية وتستخدم لإشعال السيجارة.
وكما نعلم، يمكن أن تستخدم هذه الولاعة في أغراض أخرى أكثر سخافة، فبعض المشجعين الغاضبين قد يرمون بها نحو الملعب ليعبروا عن "ثقافتهم الضحلة وغضبهم العارم" على كرة قدم بسيطة يلعبها ٢٢ لاعبا داخل مستطيل يكسوه العشب الأخضر، هل يعقل أن نتسابق وراء كرة وكأنها حياة أو موت؟ نعم، هذه هي قوانين اللعبة، لكنها تبدو في بعض الأحيان كأنها فصل من فصول مسرحية كوميدية لا نهاية لها.
ونحن كـ أفراد مسالمون، ولا نحب صنع المشاكل، قررنا أن نخفي الولاعة الملعونة حين نتوجه إلى الملعب، لكننا لا نستطيع التخلي عن تشجيعنا للفريق والمشاركة في الجو المثير، لذا كان علينا البحث عن بديل لهذه الولاعة، بالطبع، اخترنا علبة الكبريت صاحبة الخمس نجوم! التي أثبتت جدارتها في إشعال سجائرنا بكل بساطة ، عبر عملية الاحتكاك التي تشابه إحتكاك اللاعبين داخل الملعب الأمر الذي يهيج الجماهير ويجعلهم يلقون الولاعة داخل الملعب، لكن هل تساءلنا لماذا هذه النجوم الخمس أو الثلاث نجوم ؟ هذا أمر لم يتسن لنا معرفته بعد، ولكن يبدو أنها تحمل السر الكبير الذي تحمله الفنادق!
ولكن، كيف وصلنا لـ الكبريت المنشودة؟ لقد بحثنا في محال التدخين وقهوة الشارع والسوبر ماركت، لكن لم نجدها إلا في دكانة رمادية اللون متواضعة تدل على قرب إغلاقها، إنها كنز نادر تذكرنا برجالات الأردن الأشاوس، مثل الشهيد وصفي التل والجنرال حابس باشا المجالي، هل هم بالفعل منقرضون في عالمنا الحديث؟ نعم، هؤلاء الأبطال دافعوا عن وطنهم بكل شرف واعتزاز، وكانت لهم كلمة حق في رفعة وطننا، هل سنعود إلى أيام الكبريت الذي يختم بخمس نجوم لإضفاء المزيد من البهجة على وطننا الحبيب ؟ قد يكون هذا هو الحل لكل مشاكلنا!
في النهاية، سنحضر المباراة بكبريتتنا المنشودة، ولعلها تجلب مصيرًا مشرقًا مثل مصير رجالات الأشاوس الذين دافعوا عن وطنهم بكل إخلاص وشجاعة، قد تكون الكبريتة هي السر لاستعادة هيبتنا المفقودة والتطور الذي فقدناه، لنعد إلى أصولنا ولنتخلص من مسرحيات الولاعة الملعونة، فقد حان وقت الانتصار بكبريتة ساحرة وأخيرة!