الأنباط -
بلال حسن التل
هاقد رحل شهر رمضان أعاده الله على الأمة وهي بحال أفضل من حالها هذا, ومع رحيل رمضان لابد لنا من مراجعة بعض السلوكيات التي شهدناها في رمضان لنعظم الإيجابي منها ونتخلص من السلبي, وعندي أن مما صار يبرز في رمضان عاماً بعد عام غلو البعض في تحويل رمضان إلى شهر ترف وتسلية وترفيه, وفي مقدمة هذا البعض المحطات الفضائية وشركات الإنتاج التي حولت شهر رمضان إلى سباق لترويج السفه والتفاهة التي يعلو منسوبها عاماً بعد عام بسبب غلو القائمين على هذه الأمر في ترويج هذا السفه والتفاهة الموسومة.
في مقابل هؤلاء الذين يبالغون في تحويل رمضان إلى موسم للترفيه, فإن هناك من يحول رمضان إلى شهر للكسل وقتل الحياة ونشر الجفاف والجفاء من باب إظهار التدين والصلاح بما يجافي الفطرة, ومن ثم يجافي الإسلام, الذي نهى رسوله عليه السلام ناهياً قاطعاً عن التشدد والتعصب, عندما قال هلك المتتطفون رددها ثلاث والمتتطفون هم المتعصبون والمغالون في كل شيء بما في ذلك العبادة, رغم أنهم يقرؤون قوله تعالى "ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" وهوما شرحه رسول الله عندما قال "أن الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد الاغليه, شددوا وقارنوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والرواحة وشيء من الدلجة".
موقف الإسلام الحنيف من المبالغة في الأشياء يعني أن الإسلام يرفض التعصب بكل أشكاله , سواء كان هذا التعصب في التدين أو السلوك الاجتماعي أو في التعامل مع من نختلف معه في الرأي, فالإسلام دين الفطرة السوية, أما التعصب فإنه مرض يصيب الأشخاص الذين أنحرفت فطرتهم للوساوس ولكثرة الأمثلة التي تُضيق على أصحابها كما في قضية بقرة بني إسرائيل, وفوق أن المتعصب يستسلم للوسواس فإنه لا يعترف بخطئه وأن تمت مواجهته بكل حقائق الدنيا التي تثبت هذا الخطأ , لذلك يهرب من النقاش ولا يخضع للمنطق .
كما أن المتعصب لا ينظر إلى الاشياء إلا من خلال لونين أما أبيض أو أسود, ولا يؤمن بالتغيير لأنه يعتقد أن تغيير الرأي أو الموقف أو السلوك يضعفه, وكل هذه علامات الهلاك التي تصيب الأفراد والمجتمعات اللذين يبتلون بالتعصب الذي قد يكون أحياناً تحويل العادة إلى عبادة أو تحويل مواسم العبادة إلى مواسم ترف كما في رمضان وبعض مظاهر الحج عن غير بصيرة, حمانا الله وأياكم أن نكون من المتتطفين والمتعصبين وكل عام وأنتم بخير
Bilal.tall@yahoo.com