الأنباط -
من أكثر العبارات المؤذية التي نسمعها هذه الأيام عبارة "لبعد العيد" في تبرير غير منطقي وغير مقبول لتأجيل العمل والإنجاز ومن ثم تعطيل مصالح الناس وصولاً إلى شل المجتمع وتعطيل حيويته، بسلوك غير مقبول من المسؤولين والموظفين العموميين على وجه الخصوص اعتماداً على مناصبهم، وهو سلوك مرضي غير مقبول، خاصة عندما يربط هذا السلوك برمضان، وكأن رمضان شهر الكسل والخمول وتعطيل الإنجاز والأضرار بمصالح الناس، مع أن رمضان في مفهومه الحقيقي، وفي مساره التاريخي وفي فهمه الصحيح هو شهر الهمة، وشهر الإنجاز الذي حققت فيه الأمة أعظم انتصاراتها التاريخية وفتوحاتها الفاصلة تاريخيا، قبل أن ابتلى بداء التسويف والمماطلة الذي تعبر عنه عبارة "لبعد العيد". والتسويف والمماطلة من الآفات الخطيرة التي تصيب الأفراد والمجتمعات لأنها تعني فتور الهمة وضعف الإرادة والركون إلى الكسل, ومن ثم تعطيل الإنجاز من خلال تأجيل الأعمال وعدم أداء الواجبات بلا مبرر إلا الكسل وعدم المبالاه خاصة بالوقت الذي هو رأس المال الحقيقي للأفراد والمجتمعات والدول، دون تقدير عواقب هذا التأجيل.
كثيرة هي عواقب التأجيل الناجمة عن التسويف والمماطلة، ففوق إضاعة الوقت فإن التأجيل قد يضيع الفرصة المناسبة للإنجاز وتحقيق النتائج المرجوة، مما يولد عاقبة أخرى من العواقب الوخيمة للتأجيل وهي الحسرة والندم على فوات الفرصة، ومن ثم الحرمان من تحقيق الإنجاز المطلوب . ومن العواقب غير المحمودة للتأجيل تراكم الأعمال وصعوبة أدائها على الوجه المطلوب مما يضيف نقطة سوداء لسجل الشخص الوظيفي والاجتماعي، فإذا عرف عن شخص كثرة تأجيله سواء لعمله أو مواعيده فقد مصداقيته ومن ثم هيبته وتأثيره في محيطه. صحيح أن الكثيرين يحتجون برمضان لتأجيل المطلوب منهم "لبعد العيد" لكن لهذا التأجيل أسباب أخرى ليس منها الصيام، أولها كما يقول أهل الاختصاص أن التأجيل يعبر عن شخصية قلقة مترددة بإتخاذ القرار، كما أن التأجيل علامة من علامات الضعف والعجز ،كما أن التأجيل علامة من علامات عدم الاكتراث، وعدم القدرة على تقدير العواقب.
كثيرة هي عواقب التأجيل التي صرنا نلمسها في مجتعنا وأسوء مافيها ربطها بصيام رمضان ورمضان براء منها