مقالات مختارة

الذكرى السادسه لاستشهاد الرائد الطيار معاذ بني فارس

{clean_title}
الأنباط -
‎
 بقلم : والد الشهيد اللواء المتقاعد محمد علي سليمان بني فارس


‏‎بسم الله الرحمن الرحيم
(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
صدق الله العظيم

‏‎معاذ ولدي، أيها الحاضرُ رغم أنف الغياب، ‎
أيها القمرُ المسافرُ في الوجع الدامي ضوءاً تُبددُ ذكراه عتمة الفقد الأليم،

يا مهجةَ الفؤاد وحبَّةَ العين، ويا شطرَ نفس ابيكَ وشقيقَ روحه، ست سنوات عجاف، ستٌّ مُرَّةً مرت على الخبر المفزع في ذلك الخميس الحالك الذي وافق الحادي والثلاثين من آذار عام ألفين وستة عشر

خبرٌ الهب المشاعر ، وجمَّد الدماء في العروق … خَبَرُ نسرٍ هوى بجناحيه ، فهوت معه قلوبُ عاصرت شبابه الغض المليء بالحيوية والطاقة والشغف والعنفوان ، … هي القلوب ذاتها التي لم تتوقف عن حبك أو النبض باسمك.

هو الموتُ يا معاذ:

طَوى الجَزيرَةَ حَتّى جاءَني خَبَرٌ
فَزِعتُ فيهِ بِآمالي إِلى الكَذِبِ

حَتّى إِذا لَم يَدَع لي صِدقُهُ أَمَلاً
شَرِقتُ بِالدَمعِ حَتّى كادَ يَشرَقُ بي

و الوحشة التي تجثم فوق الصدور عند الفقد لا تزول ولا تخف:

واستوحشَ الدهرُ كيفَ الموتُ يخطفهُ
مَن كانَ للمجدِ والإِقدامِ يُنتظرُ

كم من عزيزٍ سقاهُ الحتفُ شربَتهُ
كأنّهُ خلفَ ذاكَ الليلِ يستترُ

أي معاذ..رحلتٓ عن العيون التي تختزن
الدموع ،ولم ترحل عن القلوب ، قلب الأبِ الصابر والأم الثكلى، والزوجة الملتاعة والأطفال الأربعة، قلوب الأشقاء
والأهل والعشيرة والزملاء والمحبين..
ولا يُلامُ المحبُ فيمن يُحب.

ما زلنا نفتقدك وسنبقى نفتقدُ عطاءك ، صوتَك ، بسماتِك ، نكاتك المحببه إلى القلب، ورائحتك المشوبة بالمسك والغار والزيزفون والكافور.

نشتاقُ إليك يا فلذة كبدي شوقا ممزوجا بالعزةِ والكرامةِ والافتخار لما منحتنا إياهُ من شرف.
 
يا أبا هاشم ورنيم وريانة وريتال، يا حبيبَ والدك (أبو الشهيد وبكل فخر)، وحبيب
أمكَ وزوجكَ وإخوانك واخواتك،

يامن أسميتُكَ معاذا تيمناً بالصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي لا يبعدُ ضريحهُ عن مرقدك سوى بضعةُ كيلومترات … في المهج أنت … في العيون أنت … وفي الذاكرة التي لا تضمحلُ أنت

أيها الساكنُ داراً خيراً من دارنا، أيها الأكرمُ منا جميعا، بأي لسانٍ أرثيك؟ أبلسان أبٍ
فقدَ قطعة من نفسه ؟

أم بلسان ضابطٍ خدمَ وطنهُ خمسةً وثلاثين
عاما علَّمتهُ معاني التضحية والفداء؟
وهل يجوز رثاؤكَ وأنت مَن اصطفاك الله بالشهاده ؟
.
‏‎ أيُّ قلمٍ يوفيك حقّكَ يا أبا هاشم وأنت
الشهيد المصطفى؟ وليتك تعرف يا ولدي
أن سماحتك وإيثارك وطيب معشرك وصبرك وإخلاصك في عملك
وحبك لمليكك ووطنك وبِرِكَ بوالديك كلها ترثيك على مدى الزمن.

 
معاذُ يافرقداً كالبدر حين بدا
مذ غبتَ عنّي فلا شمسٌ ولا قمرُ

كل الجراحِ لها طبٌّ يعالِجُها
إلا افتقادك لا طبٌ ولا نُذُرُ
 
قلبي يواسي ولو كانتْ بقافيةٍ
بالشّعر تُكْتَبُ والآهاتُ تنحدرُ

يقيني انك في عليين يا ولدي بإذن الله مع الانبياء والصديقين والشهداء ، فالله لا يخلف وعده

أبا هاشم:
‏‎ يا مَن تركتَ دنيانا الفانيةَ ماضياً إلى دارِ
البقاء،أبيتَ إلا أن تلحقَ برفاقكَ الذي سبقوكَ الى شرف الشهادة في سبيل الله والوطن ، فكان لك ما تمنيت.

أيُّ دمٍ رائعٍ هذا الذي سقيتَ به ثرى وطنك فأنبت السوسنَ والياسمين وفاحَ شذاً يذكي الأنوف؟.
‏‎
‏وإني على الحسرة لا أقول إلا ما يرضي الله:
إنا لله وانا اليه راجعون، متأسيا بقول خير
البشرية سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا
على فراقك لمحزونون).

‏‎ رحمكَ الله يا ولدي، وأسكنك الفردوس
الاعلى من الجنة، وأسال الله أن يجبر كسرنا، ويجملنا بالصبر، وأن تكون شفيعا لنا يوم
العرض واللقاء.
‏‎سلامٌ على روحك الطاهرة ... وسلام على
أرواح صحبكَ من شهداء الوطن.


والدك : اللواء المتقاعد محمد بني فارس
الاشرفيه /اربد حيث مرقدك 31/3/2022


تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )