الأنباط -
الأنباط- سامر نايف عبد الدايم
"عندما نوفّر التمويل للحكومات للاستثمار في مشاريع، مثل بناء طريق وتوصيل الكهرباء للمواطنين، ومعالجة مياه الصرف الصحي، نسعى لضمان حماية الأشخاص والبيئة من التأثيرات السلبية المحتملة.. وتتطلب هذه السياسات أن تعالج الحكومات المقترضة مخاطر بيئية واجتماعية معينة من أجل تلقي دعم البنك الدولي لمشاريع الاستثمار".. مصدر البنك الدولي .
مسألة الاهتمام بالقضايا البيئية، لم تعد مجرد قضية خاصة ومحدودة من اختصاص وزارة البيئة، بل مسألة معيارية سياسية دولية، تقاس بها شرعيات الدول، والأخطر من ذلك، تتحكم في اقتصادات العالم، أو هذا ما يخطط له العالم الغربي اليوم.
تعيين الرئيس الأمريكي لجون كيري مسؤولاً ومبعوثاً دولياً لهذا الملف، اتضح أكثر فأكثر المدى الذي سيذهب له العالم الغربي. حماية البيئة أمر جليل ومسعى حميد، بل هو واجب ضروري، قال به الغرب أو لم يقل، فنحن كلنا سكان الكوكب لا الغربيون فقط .
ما دعاني لكتابة هذا المقال هو ما تناوله الخبير العراقي وليد خدوري بمقالته في صحيفة الشرق الأوسط تحت عنوان: (العالم الثالث والتغيير المناخي) .. ومختصر المقال هو سؤال : هل من الممكن لدول العالم الثالث المقدرة على المشاركة في حل قضايا التغير المناخي ؟ وهل تتحمل عبء مالي جديد بالإضافة إلى أعبائها الحالية بسبب جائحة كورونا؟
في تقرير الوكالة الدولية للطاقة جاء أن المستهدف في عام 2050 هو صفر انبعاثات، ولتحقيق هذا الأمر ينبغي كبح الصناعات المختلفة... الخ.
هذه هي خريطة طريقهم.. والان نحتاج الى إجابة على أسئلتنا هل نحن لدينا خارطة طريق ؟ وبالعودة الى ما أثاره خدوري بقضية أكبر فيسأل: ما هي كلف مشاريع الطاقة المستدامة على ضوء تجارب المشاريع التي يتم تنفيذ معظمها في الدول الصناعية حالياً؟ فالكلف تشارف التريليونات من الدولارات. هل باستطاعة دول العالم الثالث تحمل هذه الكلف؟ لماذا لم تشر خريطة طريق الوكالة الدولية للطاقة إلى إمكانية منح بنوك التنمية الدولية قروضاً ميسرة للعالم الثالث للبدء في تحول الطاقة؟ وخاصة بعد الأعباء المالية والاقتصادية الناتجة عن جائحة «كوفيد - 19».
المشكلة ، أن الغالبية العظمى من دول العالم الثالث غير مستقرة، وتعاني من أزمات اقتصادية مزمنة وفساد وانعدام الشفافية أو منشغلة بحروب توسعية وداخلية افقرتها وبددت مواردها وهجرت سكانها. والسؤال: كيف ستتعامل هذه الدول مع المتغيرات العالمية الكبرى؟ هل ستستطيع التعامل بجدية، وفي الوقت المناسب مع التحول الطاقوي في ظل أنظمة محلية أو إقليمية غير مستقرة؟
"بالنسبة لنا في الأردن، إن تأثير التغير المناخي أصبح حقيقة مؤلمة، فقد تسبب بتغيير شكل أجزاء من البيئة الطبيعية وخصائص النظام البيئي بصورة جذرية، إذ ينحسر مستوى مياه البحر الميت بمعدل متر واحد سنويا، ولدينا أحد أدنى معدلات حصة الفرد من المياه في العالم، كما أن جفاف أحواض المياه الجوفية وانخفاض معدلات هطول الأمطار ظاهرتان مقلقتان، بينما نستمر بمشاركة مواردنا المائية الشحيحة مع ملايين اللاجئين.
ولأننا ندرك تماما ضخامة تأثير التغير المناخي وأبعاده الوجودية، أطلقنا مؤخرا في الأردن الخطة التنفيذية الوطنية للنمو الأخضر، والتي تركز على التعافي الأخضر من جائحة كورونا، وتتضمن إجراءات لرفع كفاءة الطاقة، وتعزيز منعتنا وقدرتنا على التكيف في قطاعي المياه والزراعة، إضافة إلى تعميم مفاهيم وممارسات التعامل مع التغير المناخي ضمن خطط التنمية المحلية.." هذا ما قاله جلالة الملك عبد الله الثاني في قمة الشراكة من أجل النمو الأخضر والأهداف العالمية 2030 (P4G).
خلاصة القول: نحتاج الى استراتيجية شاملة لتطوير وتعزيز البيئة الاستثمارية وفق جدول زمني محدد وآليات واضحة.. وهذا ما وجه به قائد الوطن للحكومة . نعم لحماية البيئة ونعم لكل ما يخدم هذا الأمر، لكن ليس من خلال استخدام هذا المطلب الرفيع للإضرار بالآخرين، وليس أيضاً لتوظيف هذا الحق في تحصيل الباطل…
علينا ان نعلم أن هناك قصص كثيرة مؤلمة لتدمير البيئة لكننا في الأردن ما زال مطلبنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة على أرض الواقع بعيداً عن الأضواء الإعلامية ، والمبادرات الزمنية القصيرة ، والمشاركة فقط في المؤتمرات الدولية ، نحتاج إلى خطة وطنية يشارك بها الجميع وهو مطلب وطني وانساني هدفه الحفاظ على البيئة ولن يكون ذلك ولن يتم الا بالانتماء لبيئة اردننا الغالي وتحقيقاً لرسالة قائد الوطن حفظه الله .