أعاده فتح السفاره بين الانتصار وواجب الحذر
مروان باشا العمد
يوم أمس أعلن وزير الدوله لشؤون الاعلام الناطق الرسمي بأسم الحكومه ان وزاره الخارجيه وشؤون المغتربين تلقت مذكره رسميه من وزاره الخارجيه الاسرائيليه عبرت فيها عن أسف الحكومه الأسرائيليه وندمها الشديدين ازاء حادثه السفاره الاسرائيليه في عمان التي وقعت في الرابع والعشرين من شهر تموز من العام الماضي وأسفرت عن استشهاد المواطنين الأردنيين كل من الشاب محمد الجواوره والدكتور بشار الحمارنه . وكذلك حادثه استشهاد القاضي الأردني رائد زعيتر على أيدي عناصر من الجيش الاسرائيلي على جسر الملك حسين اثناء ذهابه في زياره لأقاربه في المحتل من فلسطين وذلك بتاريخ العاشر من شهر آذار عام ٢٠١٤ . وان الحكومه الاسرائيليه تعهدت رسمياً من خلال مذكرتها بتنفيذ ومتابعه الأجراءات القانونيه المتعلقة بحادثه السفاره في عمان وتقديم تعويضات ماليه لذوي الشهداء الثلاثه . وان مذكره الخارجيه الأسرائيليه اشارت الى ما تضمنه ملف الحادثه الذي قدمته الحكومه الأردنيه ومؤكده حرص الحكومه الأسرائيليه على أستئناف التعاون مع المملكة الأردنيه الهاشميه وحرصها الشديد على هذه العلاقه وسعيها الى تسويه هذه الملفات .
وفي تصريح للناطق الرسمي قال ان الحكومه ستتخذ الأجرءات المناسبه وفق المصالح الوطنية العليا على ضوء المذكره الاسرائيليه لا سيما انها تضمنت الاستجابه لجميع الشروط التي وضعتها الحكومه الاردنيه عقب حادثه السفاره من اجل فتح السفاره ومن ضمنها ألأجراءات القانونيه . وان هذا تم بموافقه ذوي الشهداء الثلاثه . وان السفاره لن تُفتح الا بعد تعيين سفير جديد لأسرائيل بدلاً من السفيره عينات أشلاين والتي كانت في المنصب اثناء الحادثه نتيجه لموقفها وتصرفاتها اثر الحادث وموافقه الاْردن على هذا التعيين .
وبناء على ما ورد في هذه التصريحات فقد احتفلنا بهذا الانتصار الذي حققته الدبلوماسيه الأردنيه ومعها الأجهزه الامنيه الأردنيه ومن فوقهم نشاط ونفوذ جلالة الملك المعظم والتي اجبرت الغطرسه الاسرائيليه على الخضوع للمطالب الأردنيه وخاصه بعد الصلف والاستهتار التي قامت به السلطات الصهيونيه اثر الحادثين ، حيث رفضت اتخاذ أي أجراءات قانونيه بحق قتله الشهيد رائد زعيتر رغم تشكيل لجنه تحقيق مشتركه لهذ الغايه لم تُمارس اَي نشاط لها حتى الآن . وحيث قام نتنياهو باستقبال رجل الامن الأسرائيلي القاتل زئيف استقبال الأبطال ومتابعه مراحل عودته الى اسرائيل بصحبه السفيره الاسرائيليه وبسيارتها برفقتهم جميع أركان السفاره . والاتصال الهاتفي الذي أجراه معه فور اجتيازه للجسر مهنئاً له بسلامه العوده وان اسرائيل لن تتخلى عن ابطالها ، ثم استقباله بالاحضان لدى وصوله الى مكتبه ورفضه ورفض الجهات الصهيونيه اتخاذ أي أجراءات قانونيه بحقه كما تقتضي بذلك الاتفاقات الدوليه ، بالرغم من ان الاْردن التزم بتعهداته الدوليه وشدّ على النواجذ وسمح للقاتل ولأركان السفاره بالمغادره لتمتعهم بالحصانه الدبلوماسيه دون ان يحاول الاْردن استغلال هذا لظرف لتحقيق منافع ومصالح خاصه له وأهمها في ذلك الوقت قضيه البوابات الألكترونية في المسجد الأقصى .
لذا اعتبرنا ما حصل انتصاراً كبيراً للأردن وخضوعاً صهيونياً للموقف الأردني خاصه بعد الضغوطات الكثيره الصهيونيه والامريكيه التي مورست ضد الأردن لإرغامه على التنازل عن شروطه هذه والتي من الممكن ان يكون منها الايقاع بين الأردن وبعض اشقائه من الدول العربيه ووقف المساعدات عنه او التهديد بذلك الا انه صمد في وجهها جميعها ، وذلك لاهميه أعاده فتح السفاره الاسرائيليه في الاْردن بالنسبه لهم والتي هي اقل اهميه بالنسبه لنا ، كما انها مرفوضه شعبياً بالرغم من بعض الخدمات التي تقدمها السفاره من حيث تمكين الراغبين في زياره ذويهم أو أملاكهم عن طريق أعطائهم الفيز الخاصه بذلك بعد كثير من المذله والهوان .
قلت اننا اعتبرنا ذلك نصراً للأردن واحتفلنا به ولكني نبهت في تعليق لي ليلتها من مدى التزام دوله الصهاينه بتنفذ ما تم الاتفاق عليه وان هذا يتطلب من الاْردن شده الانتباه والمتابعه لضمان تنفيذها له ، فقد استعملت دوله الصهاينه من حرف واحد وهو انسحاب اسرائيل من الاراضي المحتله حسب النص العربي وانسحاب اسرائيل من اراضي محتله حسب النص الانجليزي ذريعه ووسيله لعدم تطبيق قرارات الامم المتحده بشأن القضيه الفلسطينيه منذ عام ١٩٦٧ وحتى الآن .
والآن وبعد ساعات من الإعلان الأردني عن المذكره الاسرائيليه والاتفاق بين الطرفين أخذت تصدر من الجانب الاسرائيلي تصريحات وتوضيحات تتضمن الكثير من الألغام والمطبات التي تمكنها من التهرب من التزاماتها بعد ان تكون قد فتحت سفارتها . ومن ذلك ما صرح به النتنياهو لصحفيين مرافقين له في زيارته للهند وكما نقلته الصحفيه الاسرائيليه شيرين كوهين بأن اسرائيل قد قدمت اعتذارها للأردن عن حادثتي القاضي زعيتر والسفارة في عمان واعترف بأن حكومته قد دفعت تعويضات للحكومه الأردنيه وليس لذوي الضحايا وهذا له دلالاته بعدم اعتراف اسرائيل بمسؤوليه قواتها وحارسها عن قتل الأردنيين وان التعويضات دفعت للحكومه الأردنيه من اجل طي صفحه هذا الملف . كما صرح ان السفاره الاسرائيليه في عمان سوف تْفتح فوراً وتمارس أعمالها دون ان يربط ذلك بتعيين سفير او سفيره جديده في الاْردن . وعن السفيره السابقه والتي ادان الاردن تصرفاتها ورفض عودتها فقد قال عنها نتنياهو أنها لن تعود للأردن الا انه يقدر كثيراً هذه السفيره مما سينعكس على تعيين من سيخلفها في الاْردن . وانه سيتم تعيينها قريباً في منصب رفيع . وهذه رساله الى الحكومه الأردنيه بأن هذه السفيره وما قامت به من تصرفات استفزازية بحق الاْردن هي محل تكريم وتقدير من قبله وقبل حكومته وانه سيتم تعيينها في منصب رفيع تكريماً لها ولا استبعد ان يتم منحها وساماً تقديراً لصفاقتها وقله أدبها اتجاه الاْردن .
كما اكد ديوان رئاسه الوزراء الأسرائيلي ان اسرائيل والأردن قد توصلا لاتفاق حول أعاده العمل في السفاره الاسرائيليه في الأردن وان هذه السفاره ستعود الى عملها المعتاد فوراً وان السلطات المختصة في اسرائيل ستقوم بدراسه المواد التي تم جمعها حول أحداث تموز عام ٢٠١٧ وان من المرتقب انها سوف تتخذ قرارات بهذا الشأن خلال الأسابيع القليله القادمه . ومن الواضح ان هذا لا يعني بالضروره تقديم حارس الامن القاتل الى المحاكمه ولكن لدراسه المعلومات المتوفره حول الحادثه واتخاذ الأجراء المناسب بحقه ، والذي قد يكون عدم توفر ادله على وجوب محاكمته او اعتباره انه كان في حاله دفاع عن النفس او الى ابعد تقدير اتهامه بتجاوزه لحدود الدفاع عن النفس ومحاكمته وإصدار حكم بحقه في السجن بضعه أشهر في احد المنتجعات ثم إصدار عفو عنه كما هي عاده هذا الكيان المجرم مع جميع مجرميه من اجهزته الامنيه وقوات جيشه عندما يقدمون على قتل المواطنين الفلسطينيين او العرب دون وجود مبرر لذلك . كما لم يتضمن التصريح الأردني وأقوال نتنياهو وبيان ديوان الرئسه الاسرائيليه عن أي اجراء يمكن ان يتخذ بحق قاتل الشهيد رائد زعيتر ومحاكمته . كما لم يتعرض بيان ديوان الرئسه الاسرائيليه الى موضوع الاعتذار للأردن او دفع التعويضات له ولذوي الضحايا . في حين تضمن البيان الصهيوني ان اسرائيل تولي اهميه كبيره للعلاقات الاستراتيجيه مع الاْردن وان البلدين يعملان على تعزيز التعاون بينهما بموجب اتفاقيه السلام الموقعه بينهما .
إذاً نحن هنا امام اختلافات جوهريه بين ما أعلنه الاْردن من تفصيلات عن بيان الخارجيه الاسرائيليه وما صرح به بنيامين نتنياهو ورئسه ديوانه عن هذا البيان . فهل نحن امام خطابين يسعى كل منهما الى حصول رضا الطرف المخاطب عليه ؟ أم انه عوده للممارسات الصهيونيه التي اعتدنا عليها بأن تجعل لكل شيء وجهين احدهما موجه لنا لإقناعنا به والآخر موجه للداخل المتطرف لديهم ويكون وسيله لهم للتهرب من التزاماتهم اتجاهنا مستقبلاً ؟
أرى ان على الجهات المعنيه الاردنيه ان توضح ذلك لنا وان تواجه الطرف الآخر وتطالبه بضروره تفسير ما يقوله وتأكيد التزامه بمحاكمه قاتل القاضي رائد زعيتر وقاتل المواطنين الأردنيين في سفارتها بعمان وليس دراسته المعلومات لديها ثم اتخاذ قرارها المناسب بعد ذلك . كما ان عليها ان تقر وتعترف بأن التعويضات دفعت لذوي الشهداء تكفيرا عما فعله مجرمو اسلحتها الامنيه والعسكريه بحقهم . وان تكف عن تصريحاتها الاستفزازية بموضوع السفيره الغير مرغوب فيها وليس مكافاتها على دورها بهذه الحادثه لما يمثله ذلك من استفزاز لمشاعر المواطنين الأردنيين// .