هل يشير الصداع دائما إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم؟ عيد ميلاد سعيد ليث حبش سيدة العيد..... يوسف ابو النادي ابو محمد في ذمة الله ممرضة تكشف الكلمات الأخيرة للمرضى قبل الموت الارصاد : كتلة باردة ورأس سنة ماطرة باذن الله الطريقة المثلى لبلع أقراص الدواء دون معاناة مصر.. القبض على المغني حمو بيكا الأرصاد: ثاني أسوأ موسم مطري مسجل بتاريخ الأردن ديوانِ المُحاسبةِ للعام 2023 الجامعةُ الأردنيّةُ تحقّقُ أعلى نسبة استجابةٍ في الأردنّ لتصويبِ المخرجاتِ الرّقابيّةِ وإنهائها للعام الثالث على التوالي.. جيدكو بلا مخالفات في تقرير ديوان المحاسبة الضلاعين يزور بلدية بني عبيد لتعزيز التعاون وتنفيذ المشاريع التنموية "الوسطية" .. مشاريع تنموية متميزة وجوائز وطنية تعكس التزامها بخدمة المجتمع المحلي ديوان المحاسبة: سرعة استجابة الحكومة سبب لانخفاض عدد صفحات التقرير العزام عضواً في مجلس بلدية اربد الكبرى نداء عاجل من مجموعة السلام العربي لإنقاذ المتضررين من الأزمة الإنسانية في السودان الشديفات: مسارات التحديث مهدت الطريق أمام مشاركة الشباب في الحياة السياسية والاقتصادية. قرأت الأول مالية النواب تناقش موازنات سلطة العقبة وإقليم البترا وشركة تطوير العقبة الأمير الحسن يلتقي رؤساء وممثلي الكنائس الشرقية والغربية في عمان

وسائل "الاجترار" الاجتماعي!

وسائل الاجترار الاجتماعي
الأنباط -

ربما سيعاتبني البعض على استخدام هذا المصطلح المرتبط بعدد من أنواع الحيوانات التي تمارس بشكل غريزي إعادة ما دخل جوفها من طعام إلى فمها مرة أخرى ثم إعادة هرسه ومضغه مرة ثانية وإرجاعه إلى معدتها، فهذه الحيوانات تأكل بصورة سريعة وتلتهم كميات من الأعشاب في دقائق من أجل أخذ حصتها في أجواء من عدم العدالة والمساواة، وهي بالطبع أجواء تنافس حيواني بحتة، ومن هذه الحيوانات الأبقار والجمال في بيئتنا العربية.

ما دفعني لهذه الاستعارة هي تلك الظاهرة التي أخذت تتشكل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأقصد هنا الحالة الراهنة لنوعية التواصل وأهدافه، فهذه الوسائل عندما اخترعها "الكفار" وهو مصطلح قصدت ذكره نكاية بمن هم يعادون التحضر من "المتدنيين اللاحضاريين"، "فالكفار المخترعون" كانوا يقصدون خلق جسور بسيطة من التواصل بين الناس بلا تعقيد يتبادلون من خلالها الأفكار والآراء والمواقف بالإضافة للثقافات والموسيقى والفنون بأنواعها وغيرها من القضايا الاجتماعية، ولكن هذا الاختراع الحضاري تحول بصورة أو بأخرى إلى مرتع للإسفاف واغتيال والشخصيات وتزوير الحقائق، فيما كان المطلوب وعلى الطريقة الأوروبية هو تبادل المعلومات والنقاش حولها وإعادة الرد عليها، سواء أكانت تلك المعلومات ذات طابع اجتماعي أو ثقافي أو سياسي.

لكن في واقعنا العربي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مجرد وسائل لإعادة إنتاج المعلومات التي تصل أي منا على "الواتس آب" أو "الفيس بوك"، أو "إنستغرام" أو غيرها، وتكونت ثقافة جديدة أستطيع أن اسميها "ثقافة السبق على وسائل التواصل"، وما أقصده بهذا الصدد أن هذه الوسائل أشعرت مستخدميها بأنهم "إعلاميون وصحفيون وأطباء ومفكرون" وغيرها من المهن، وهؤلاء باتوا يرون في تلك الوسائل منصتهم لتقديم أنفسهم على كل المستويات، ولذلك فقد أصبح الكثير من هؤلاء يعتقدون أن أحد واجباتهم "الاجتماعية" هو إعادة إنتاج وتصدير أية معلومات تصلهم عبر هذه الوسائل، وهنا تولدت المشكلة والخطورة لأن هؤلاء وبسبب الاستعراض بأنهم حصلوا على هذه المعلومة أو تلك قبل غيرهم، يسارعون وبكل إلى إعادة توزيعها ونشرها دون أدنى تدقيق أو تمحيص بالمحتوى أو الهدف الذي بسببه أرسلت تلك الرسالة، والمشكلة الأكبر أن الكثير من هؤلاء يتدخلون فنياً على المحتوى من حيث إضافة الصوت أو الصورة أو الفيديو بحيث يٌكمل عملية "اغتيال" الحقيقة، والعمل على إنتاج نوع آخر من الحقيقة.

... هذه هي تماماً عملية "الاجترار الاجتماعي"، العملية الخطيرة التي باتت جزءاً من التوتر المجتمعي بدلاً من أن تكون سبباً في خلق مجتمع "متجانس ومتفاهم"، ولذلك أدعو المتخصصين في علم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، وقادة الفكر من الإعلاميين والصحفيين والقانونيين وغيرهم، إلى الاستعجال بالتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة المتمثلة بإعادة "إنتاج الأكاذيب والفبركات" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبار ذلك حق من حقوقهم.

والسؤال كيف يمكن التصدي لتلك الظاهرة ؟؟

إن الأمر صعب للغاية، ولكن من الواجب التصدي للظاهرة واستكشاف أسبابها. فهذه الظاهرة تستفحل في أجواء ومجتمعات محددة وفي تقديري هي ما يلي: 

أولاً: في المجتمعات غير الديمقراطية والتي لا يستطيع المواطن التعبير فيها عن مشاكله ومشاعره ويلجأ إلى وسائل "الاجترار" الاجتماعي وغيرها من أجل إيصال ما يريد بأي صورة من الصور.

ثانياً: عندما يفقد المواطن قيمة مواطنته وقيمته كإنسان يلجأ إلى الثقافة الشائعة وخلق الفبركات وغيرها من هذه الأساليب التي يحاول من خلالها خرق السلطة السياسية أو السلطة الدينية أو السلطة المجتمعية وإثبات وجوده.

لدينا في الأردن على سبيل المثال درجة عالية من النفاق الاجتماعي ودرجة أخرى تعادلها في القيمة والمستوى تتمثل في "الخوف المجتمعي" وغيرها من العاهات الاجتماعية والأخلاقية كما حال معظم المجتمعات العربية، ومع ذلك بات المجتمع الأردني في ظل الفوضى "القيمية"، والفوضى الثقافية، مجتمعاً يضاهي كثيراً من المجتمعات العربية التي باتت تبحث عن هوية.

.... الهوية المجتمعية ستصبح هي الهوية الوطنية، لا العكس، وعلينا جميعاً أن نراقب أفكار وآراء أبنائنا لنستطيع من خلالها معرفة الإجابة على السؤال الوجودي المقلق "أين نحن ومع من نعيش"؟؟؟

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير