البث المباشر
حسان في مطرانية اللاتين: بهذا الحِمى الطاهر تجتمعُ القلوبُ على المحبةِ والإيمان اللواء المعايطة يرعى تخريج دفعة جديدة من كتائب الشرطة المستجدين الأردن يعزي بوفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي نمو اشتراكات الجيل الخامس بنسبة 307% عن الربع الثالث للعام 2024 الصادرات الوطنية إلى سوريا ترتفع إلى 203 ملايين دينار خلال 10 أشهر إلغاء القرار عام 1991: تنازل سياسي لا مراجعة قانونية الصهيونية والعنصرية: سبع كلمات هزّت المشروع الصهيوني قراءة في دبلوماسية السفير الأمريكي "صناعة عمان" تحاضر حول مؤتمر (ديتيكيس 2026) في "العلوم والتكنولوجيا" عالم تحت قبضة الخوف التل يحاضر بالأردنية للعلوم والثقافة حول خطط وبرامج لجنة التحديث الاقتصادي حفل إشهار رواية «شمس الضَّاحية» للروائية صفاء فارس الطحاينة محافظة البلقاء تحتفل باليوم العالمي للتطوع وتُكرّم جامعة عمّان الأهلية العالم الرقمي وأخلاقيات المهن "صناعة الأردن" تطلق تقارير دورية ترصد أداء القطاع الصناعي الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ 2003 فى أعياد مولد المسيح الخطيب تزور شركة DHL express الأردن لبحث سبل التطوير في قطاع البريد 90.2 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية حملة لتنظيف جوف البحر بمحمية العقبة البحرية

الصهيونية والعنصرية: سبع كلمات هزّت المشروع الصهيوني

الصهيونية والعنصرية سبع كلمات هزّت المشروع الصهيوني
الأنباط -
الصهيونية والعنصرية: سبع كلمات هزّت المشروع الصهيوني

القرار الذي يجب أن يعود إلى الأمم المتحدة لمواجهة الأبرتهايد

بقلم: فايز محمًد أبو شمَالة

كانت  سبع كلمات فقط، لكنها زلزلت موقع المشروع الصهيوني داخل النظام الدولي، وقلبت موازين النقاش العالمي حول طبيعته، وأربكته سياسيًا وقانونيًا. فجأة وُضع في الإطار ذاته الذي وُضع فيه نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا، ككيان يقوم على التمييز العرقي والاستعمار الإحلالي.

جملة واحدة أصبحت من أقوى العبارات في تاريخ القانون الدولي:"الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.” لقد شكّلت تلك العبارة القصيرة إدانة صريحة لهوية المشروع الصهيوني، وأطلقت معركة ما تزال آثارها ممتدة حتى اليوم.

السياق الدولي الذي مهد لإدانة  الصهيونية

في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1975، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3379 الذي نصّ على أن "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.”  لم   يكن هذا القرار حدثًا عابرًا أو صياغة سياسية طارئة، بل جاء في لحظة دولية استثنائية كانت فيها موازين القوى داخل الأمم المتحدة تُعاد صياغتها بصورة جذرية.

لقد جاء القرار في سياق ثلاث تحولات كبرى تحرّكت بالتوازي في النصف الأول من السبعينيات، وأعادت تشكيل السياسة الدولية:

أولاً: صعود حركة عدم الانحياز بوصفها كتلة سياسية صلبة داخل الأمم المتحدة، تمتلك قدرة تأثير واسعة تمتد من آسيا إلى إفريقيا وأميركا اللاتينية.

ثانيًا: انضمام عشرات الدول المستقلة حديثًا من إفريقيا وآسيا إلى المنظمة الدولية؛ وهي دول خرجت للتو من الاستعمار الأوروبي، وتحمل ذاكرة حيّة عن العنصرية والتمييز العنصري، ما جعلها أكثر حساسية تجاه أي مشروع يقوم على الإحلال والإقصاء الإثني.

ثالثًا: التحوّل الكبير في مكانة القضية الفلسطينية دوليًا، بعد أن اعترفت الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 1974 بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، عقب الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس ياسر عرفات أمام الجمعية العامة. الامر الذي أدخل فلسطين إلى مركز السياسة الدولية، وربط قضيتها بصراع عالمي ضد العنصرية والاستعمار.

كانت تلك الفترة مرحلة يُعاد فيها تعريف الاستعمار والعنصرية جذريًا. فقد رأت شعوب الجنوب العالمي في الصهيونية نموذجًا استعماريًا يقوم على الإحلال العرقي وإقصاء الشعب الأصلي وطمس وجوده، كما فعل الاستعمار الاستيطاني في كينيا وجنوب إفريقيا والجزائر. وفي الوقت ذاته، كان النضال الدولي ضد نظام الأبرتهايد في ذروته، ما جعل الربط بين الصهيونية والفصل العنصري أكثر وضوحًا ومنطقية. ومع صعود منظمة التحرير الفلسطينية، بات المشروع الصهيوني يُقرأ عالميًا بوصفه مشروعًا استعماريًا–عنصريًا لا مجرد نزاع سياسي بين طرفين,

الأسس القانونية والرسائل السياسية للقرار

رغم قِصر نص القرار 3379، فإن بنيته القانونية واضحة ودالّة. فقد استند إلى القرار 1904 لعام 1963، المعروف بـ”إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”، وإلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وهما من أبرز المرجعيات المؤسسة في القانون الدولي لمناهضة العنصرية.

كما أحال هذا القرار إلى القرار الأممي 3151 لعام 1973، الذي أدان "التواطؤ القائم بين الاستعمار البرتغالي ونظام الأبرتهايد والصهيونية، بما في ذلك الدعم السياسي والعسكري والمالي المتبادل بينها".

وتأتي الجملة الحاسمة في القرار 3379 لتسجّل أول إدانة أممية صريحة للأيديولوجيا الصهيونية: "تقرر الجمعية العامة أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري"".

هذه الجملة ليست مجرد توصيف سياسي، بل تشخيص قانوني لطبيعة الأيديولوجيا الصهيونية، بوصفها مشروعًا إحلاليًا ذا جذور لاهوتية–توراتية يقوم على نزع الشرعية عن الشعب الأصلي واقتلاعه من أرضه، وإحلال جماعة أخرى مكانه تحت ذرائع "الحق التاريخي” و"الوعد الإلهي”. وهي الرؤية التي قادت إلى تهجير الشعب الفلسطيني وتدمير مدنه وقراه، وإحلال مستعمرين جدد مكانه، ضمن منظومة قانونية–سياسية تقوم على التمييز العرقي.

وقد عكست نتائج التصويت يومها حجم الانقسام الدولي الحادّ حول طبيعة المشروع الصهيوني؛ إذ أيّدت القرار اثنتان وسبعون دولة، معظمها من دول عدم الانحياز والعالم العربي وإفريقيا والدول الاشتراكية، فيما عارضته خمسٌ وثلاثون دولة من بينها الولايات المتحدة وكندا ومعظم دول أوروبا الغربية، في حين امتنعت اثنتان وثلاثون دولة عن التصويت. وقد بيّن هذا التوزيع بوضوح أن القرار  ثمرة اصطفاف عالمي جديد برزت فيه إرادة دول الجنوب التي كانت تخوض معاركها ضد العنصرية والاستعمار، في مقابل المعسكر الغربي الذي ظلّ يُشكّل المظلّة السياسية للمشروع الصهيوني.

كيف أعاد القرار 3379 تعريف الصهيونية في الوعي الدولي؟

اكتسب القرار 3379 قوة استثنائية لأنه مسّ أربع نقاط محورية:

أولاً: ضرب الرواية الصهيونية التي حاولت بناء شرعيتها على مفهوم "الحق التاريخي”، إذ كشف القرار أن هذا الادعاء ليس سوى غطاء أيديولوجي لمشروع إحلالي يقوم على نفي وجود الشعب الأصلي. وقد أظهر القرار أن البنية التأسيسية للصهيونية بنية عنصرية، تُقصي الفلسطيني وتبرر استيطان أرضه.

ثانيًا: تثبيت العلاقة بين الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري، عبر وضع (اسرائيل) داخل السياق ذاته الذي أُدين عالميًا في جنوب إفريقيا. وهذا الربط لم يكن تشبيهًا رمزيًا، بل توصيفًا بنيويًا لآليات السيطرة والقوانين التمييزية المفروضة على الفلسطينيين، ما جعل الصهيونية تُقرأ كمنظومة أبرتهايد متكاملة.

ثالثًا: تعزيز مكانة القضية الفلسطينية دوليًا، من خلال نقلها من إطار "الخلاف السياسي” إلى إطار "اضطهاد عنصري ممنهج”. فالقرار قدّم للعالم توصيفًا دقيقًا لطبيعة الظلم الواقع على الفلسطيني، بوصفه شعبًا يواجه نظامًا يُقصيه من موارده وأرضه وحقوقه الأساسية.

رابعًا: فضح التناقض الغربي الذي أدان الأبرتهايد في جنوب إفريقيا بوصفه جريمة ضد الإنسانية، بينما استمر في غضّ الطرف عن نموذج مماثل في فلسطين. وأظهر القرار أن هذا الصمت يعكس انحيازًا سياسيًا يجعل القيم الغربية مزدوجة المعايير، ويُسقط عنها ادعاء الدفاع العالمي عن حقوق الإنسان.

وبذلك شكّل القرار سابقة سياسية وأخلاقية ذات تأثير عميق، وما زال حتى اليوم ركيزة في الأدبيات الحقوقية والقانونية الفلسطينية والعالمية، باعتباره إدانة أممية صريحة لطبيعة المشروع الصهيوني.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير