عمرو خصاونه
شارك أكثر من 50 دولة عربية و إسلامية يوم الإثنين الماضي في القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة بالرياض لمناقشة الأحداث الجارية بالمنطقة و أخذ التوصيات المشتركة بخصوصها، و تأتي هذه القمة إستكمالا لأعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة التي عقدت بالرياض في نفس التاريخ من العام الماضي.
السياق الذي تأتي فيه هذه القمة هو الحرب الدائرة في غزة و لبنان منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، القمة أتت لتخفيف تبعات هذه الحرب على كل من الفلسطينيين في غزة و اللبنانيين في لبنان، حيث خرجت القمة ب 38 بندا كتوصيات لها، و لكن هل كان هنالك ضغوط أمريكية-عربية تتعلق بهذه القمة كجزء من الحرب الأشمل في غزة و ما هي خطوة المقاومة في غزة تجاه هذه القمة و ما هو السياق الإيراني – السعودي و ما هو تأثيرها أردنيا.
جائت القمة في سياق دعم أمريكي مطلق لإسرائيل في حرب الإبادة الدائرة على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي و لبحث و معرفة القرارات التي جائت بها القمة العربية الإسلامية غير العادية و علاقتها بالضغوط الامريكية في هذه الحرب علينا النظر و البحث في البنود التي خرجت كتوصيات في تلك القمة و معرفة عدد هذه التوصيات التي لا تتماشى مع السياسة الأمريكية تجاه الأحداث و يمكن تلخيصهم بسبعة نقاط أساسية:
أولا: الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية، أصدرت محكمة العدل الدولية يوم الجمعة 19 تموز من هذا العام، رأي إستشاري ينص على أن الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أصبح الآن غير قانوني بموجب القانون الدولي، و كانت واشنطن قد إنتقدت هذا القرار على لسان متحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية حيث قال في حينه في رسالة بالبريد الإلكتروني بأن الولايات المتحدة "تشعر بالقلق من أن إتساع نطاق رأي المحكمة سيعقد الجهود الرامية لحل الصراع و تحقيق السلام العادل" في حين أكدت مخرجات القمة على دعوة المجتمع الدولي على تنفيذ جميع مضامين الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية على عكس رأي الولايات المتحدة.
ثانيا: تهجير الفلسطينيين من غزة كان قد حذر الكثير من الحقوقيين بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب تمويلات بمليارات الدولارات من الكونغرس الأمريكي تحتوي على إشارات لبذل جهود ترحيل الفلسطينيين من غزة و أهم هؤلاء الحقوقيين ليا ويتسن و التي كانت قد عملت كمديرة تنفيذية لقسم الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش و قادت العشرات من البعثات الإستقصائية و ردا على هذه المحاولات فقد أكدت القمة من ضمن مخرجاتها رفض تهجير المواطنيين الفلسطينيين داخل أرضهم أو خارجها.
ثالثا: الإعتراف بالدولة الفلسطينية، أكدت الولايات المتحدة على لسان مستشار الأمن القومي لديها جاك سولوفان رفضها الإعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية من قبل النرويج و إيرلندا و إسبانيا قائلا بأن أي إعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يكون من خلال مفاوضات مباشرة مع إسرائيل في حين رحبت بنود القمة العربية الإسلامية بقرار الدول الرامي إلى الإعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الدول الثلاث.
رابعا: الإعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ففي حين إعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لإسرائيل في عهد ترامب للأول جائت مخرجات القمة العربية الإسلامية لتؤكد رفضها لهذا القرار و إعتبار القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
خامسا: دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل بالأسلحة خلال حرب غزة، حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة الأمريكية وافقت على أكثر من 100 صفقة سلاح لإسرائيل و سلمتها لها منذ بداية حربها على غزة، في حين أكد البيان الختامي للقمة على ضرورة مطالبة جميع الدول بحظر، تصدير أو نقل الأسلحة و الذخائر إلى إسرائيل.
سادسا: إنضمام فلسطين بعضوية كاملة في الأمم المتحدة حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت هي من إتخذ قرار حجب هذه العضوية عن فلسطين من خلال إستخدام حق النقض "الفيتو" و كانت القمة قد أكدت ضرورة جعل فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة ضمن بنودها النهائية.
و فيما يتعلق بإيران فكان المؤتمر سابقة تظهر تحسن لافت في العلاقة بين السعودية و إيران حيث دعا ولي العهد السعودي إسرائيل إلى إحترام سيادة إيران و الإمتناع من مهاجمة أراضيها، تفهم هذه الخطوة كجزء من ترتيبات دولية أوسع للصين علاقة بها، حيث أن إيران و السعودية كانا و قد وقعا على إتفاقية إستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أذار مارس 2023 بوساطة صينية.
أما فيما يتعلق بحركة المقاومة الإسلامية حماس و تصريحاتها التي تبعت القمة فقد كانت تركز على ما يتعلق بالقدس و محاولات تهويدها من قبل المستوطنين اليهود، أعزوا السبب في ذلك بأن حماس تريد أن يكون لعملية طوفان الأقصى التي أطلقتها، مبررات لدى كل قادة العالم الغربي و الإسلامي و العربي التي تؤيد حقوق الفلسطييين ليبقى العنوان الرئيسي لهذه الحرب مبرر لهذه العملية التي ترد على إستهداف المستوطنيين لأراضي فلسطينية محتلة حسب قرارت الأمم المتحدة و المواثيق الدولية.
أما أردنيا فالمؤتمر برمته في صلب الإهتمام الأردني لأهمية القضية الفلسطينية بالسنبة لنا، أما فيما يتعلق بالأولويات و الأمور الضاغطة على الأردن فيمكن تلخيص ذلك بأمرين أثنين أهمهما التهجير و ثانيهما الأونروا، فعلى الأردن من خلال منصات كهذه المنصة عقد المزيد من الشراكات التي تمكنه من تأدية دوره التاريخي تجاه الفلسطينيين أولا من خلال نجاح إستراتيجيته في منع التهجير من الضفة الغربية إلى الاردن و ثانيهما الإبقاء على الأونروا و الإبقاء على أدائها لمهامها و وظائفها التي تقوم بها تجاه خدمة الفلسطينيين في كل مكان في العالم.
بالمحصلة فإن المؤتمر جاء بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بولاية ثانية لا أحد يعلم ما هي السياسات التي من الممكن ان يتبعها فيها و لكن المؤكد أن مجموعة الدول المشاركة بالمؤتمر تحمل خريطة مصالح معقدة و مشتبكة مع بعضها البعض و يبدو واضحا للجميع الضغط الأمريكي تجاه مساعدة دولة الإحتلال في تنفيذ سياساتها و أجنداتها في المنطقة و التي حاولت تلخيصها ببنود ستة، على اللاعبين الأخرين مثل الأردن تعزيز علاقاته مع اللاعبين الدوليين المؤثرين بالقضية الفلسطينية لتحصيل مكتسبات أكبر فيما يخص القضايا ذات التأثير المباشر على الأردن.